مع استمرار بناء جدار الفصل العنصري بات وصول الطفلة الضريرة ريم ابو سنينة (10سنوات) من بلدة العيزرية الى مدرسة هيلين كيلر للكفيفات في القدس امراً شاقاً وصعباً وبدأت الطفلة بالتفكير جدياً في ترك المدرسة والبقاء أسيرة المنزل فوصولها الى المدرسة لم يعد امرعادي يستغرق بضع دقائق في السيارة بل اصبح على هذه الطفلة ان تستيقظ باكراً وتذهب برفقة احد افراد عائلتها لتصل الى الجدار وتبدأ بتسلقه من منطقة تسمى "الشياح" بمساعدة مرافقها وينتظرها شخص في الجانب الاخر ليحملها ويساعدها على التسلق والنزول. وتقول الطفلة ان عملية التسلق ليس بالأمر السهل خصوصا على إنسانة ضريرة مثلها ووصول الطفلة الى مدرستها في النهاية امر مرهون بعدم تواجد جنود الاحتلال في المنطقة,اما في حال تواجد الجيش في هذه المنطقة فتبقى البريئة تنتظر حتى يغادرون المكان وغالبا تتأخر عن المدرسة لأن السائق المأجور الذي ينتظرها في الجهة الاخرى يكون قد مل الانتظار وذهب لتضطر الى الذهاب بإحدى السيارات العمومية وغالبا يساعدها السائق في قطع الشارع في هذه المنطة المزدحمة بالسيارات بسبب وجود حاجز الضاحية بالقرب من مدرستها , لتصل الطفلة اخيراً متأخرة ..مرهقة ..تفكر في رحلة عذاب اخرى عند العودة الى البيت .
وقد بدأت الطفلة تشعر أنها تكره المدرسة واصبحت تفكر في تركها سيما بعد تلك اللحظات التي لم تغيب عن بالها لثوان عندما بقيت وحيدة وجنود القتل الذين رشقوا حمم الموت في كل اتجاه ...وقد روت ريم الضريرة تلك اللحظات بحرقة وانفعال واضح قائلة " ذات يوم اوصلني اخي قرب الحاجز ليعبر بي الى الطرف الاخر وبشكل مفاجيء جاءت دورية اسرائيلية واخذ الجنود يطلقون النار والقنابل بإتجاهنا ... هرب الناس وهرب اخي وانا تجمدت مكاني ...تمنيت ان ارى كغيري لأتمكن من الهروب او لأعرف على الأقل الى اي اتجاه اذهب ....احسست بالخوف وصرخت باعلى صوتي ساعدوني ..ساعدوني انا لا ارى ...لا ارى... ولأول مرة شعرت بضعفي وحاجتي, الى ان تجرأ احدهم واخذ بيدي واجتزت الجدار ووصلت المدرسة وقد نال مني التعب والعياء خاصة نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع . ..وانا اتوقع ان يتكرر الحادث كل يوم ..."
حال الضريرة ريم كحال باقي زملاء المبصرين الذين حجب الجدار عن بصرهم مبنى المدرسة وملعب الكرة وبيت الجدة ...الطفل مهند جفال 15 عاما من حي وادي الجوز في القدس الشرقية المحتلة ويدرس في مدرسة المعهد العربي قال " كانت الطريق تستغرق بالسيارة عشرة دقائق فقط اما اليوم فانا اتنقل بين اربعة سيارات مختلفة لاصل الى المدرسة وهذا يعني ان ثمن الوصول الى المدرسة اصبح مكلفا ...كان لا يتعدى ثلاثة شواكل واليوم انا ادفع ثمانية شواكل على الاقل ...واصبحت اضطر يوميا الى ان استيقظ باكراً نظراً للأزمة الموجودة عند البوابة الجديدة التي اقامها جنود الاحتلال ليمر المواطنين من خلالها الى ابو ديس وعادة نضطر الى الوقوف في طابور طويل الى ان يسمح لنا الجندي الاسرائيلي بالمرور بعد ان يرى شهادة الميلاد ويتأكد انها تعود لي وفي حال احس الجنود ان هناك نوع من الالتفاف على الحواجز او وجود كم كبير من الناس يقومون بإلقاء القنابل وتفريق الناس وإغلاق البوابة .
اما الطالب عبد عميرة ابن ال13 عاما من بلدة السواحرة الغربية فاكبر المشاكل التي يعاني منها للوصول الى مدرستة في السواحرة الشرقية هي مشكلة الوحل في الجو الماطر حيث يضطر للسير على قواعد الجدار المرتفعة وبجانب الجدار مباشرة لتجنب الوحل الذي يحيط بجانبي الجدار ويقول الطفل " كان يوما طريفا كنا انا وابن عمي نمشي بسرعة بمحاذات الجدار واذ به يقع في بركة وحل وعندما مددت له يد العون غرقت وكتبي بالوحل ولم يعد بمقدورنا الوصول الى المدرسة وعدنا الى البيت .
ويضيف عميرة اشعر دائما بالتوتر والقلق والخشية اثناء ذهابي الى المدرسة فالجنود يتربصون دائما للطلبة ووالدتي دائما في انتظار عودتي بفارغ الصبر وتفكر في نقلي الى مدرسة اقرب الى بيتنا.
وتبدو علامات الضجر في ملامح الطفل علام طارق ابن الصف الثامن الاساسي وهو يقول " دائما يسخر الجيش من اسمي وانا واقف في الطابور على مشارف قرية ابو ديس ..علام ..ما معنى هذا الاسم ..من اطلقه عليك ...وماذا علام ؟؟ انا اقف ساكتا وغير مجيب لاستفزازاتهم كي لا ابرر لهم ضربي كما يفعلون مع زملائي " ويروي علام قصة حدثت معه مؤكدا انه لم ينسى ادق تفاصيلها قائلا " ذات مرة اخبرنا الجنود ان المرور ممنوع وان حظر للتجول مفروضا على بلدة ابو ديس.
فقررت واصدقائي الإلتفاف عن الحاجز واثناء سيرنا بمحاذات الجدار الفاصل فاجئتنا دورية حرس حدود وقام الجنود بالإعتداء علينا بالضرب المبرح ولم يشفع لنا بكائنا وبعد ذلك اجبرونا على العودة من حيث اتينا " ويضيف علام نحن نخاف ان يحدث لنا كما حدث مع زميلنا جلال جفال الذي القت القبض عليه دورية حرس حدود اثنا محاولته اجتياز الجدار وزُج به في السجن لثمانية شهور " .
ومن جهنه أكد السيد ابو فراس نائب مدير مدرسة المعهد العربي ان المدرسة فقدت على مدار العام الماضي الذي شهد اقامة الجدار الفاصل عدد كبير من افضل طلبتها الذين فضّل ذويهم نقلهم الى مدارس اخرى بسبب المخاطر التي تحيط بهم اثناء ذهابهم وايابهم الى المدرسة .
ويضيف ابو فراس ان مستوى التحصيل العلمي لطلبة القدس الذين يمرون عبر الجدار والذين يشكلون ما نسبته 40% من الطلبة شهد انخفاضا لافتا , بسبب الضغوط والقلق الذي يعيشه الطلبة .