ربيع فلسطين هذا العام يبدو مختلفا عن سابقه
أرض يافعة مليئة بالخضرة في كل مكان...فراشات تنتقل من زهرة إلى أخرى تحاول سرقة رحيقها لتصنع منه حياة لكثيرين... آلاف البشر مستبشرين بالخضرة والحياة طموحين بمستقبل أفضل بعد شتاء بارد وقاحل...ربيع الحياة يعود من جديد كل عام... ربيع فلسطين لا يبدو كذلك...أكوام ترابية منتشرة في كل مكان... أشجار وأزهار بدت ذابلة منكسرة...غربان الاحتلال تدمر الأراضي الفلسطينية من شمالها إلى جنوبها... تقتل الربيع الفلسطيني لتحيله إلى أكوام كبيرة من التراب وأرض ممهدة لإقامة جدار الفصل العنصري... يحول كثير منهم البحث عن ربيع العام المنصرم الملايء بالحياة فلا يجدنه... يفتحون أعينهم على جرافات عملاقة تدمر أرضهم وتقتلع أشجارهم لإقامة جدار الفصل العنصري.
مع إطلالة كل صباح يخرج الحاج يخرج الحاج محمد البياتوني في الثمانين من عمره متأملا أرضه التي أبعدها جنود الاحتلال عنا مؤخر وبدأو بتدميرها بهدف إقامة جدار الفصل العنصري.
بدا الحاج الباتوني محدقا في قم الجبال العالية المتالية التي كانت منذ الأزل مكان لعملة ونزته وفرحه وربيعه، ولكنها ومع إقامة الجزء الملتف على بلدة بيتونيا من جدار الفصل العنصري أصبح ممنوعا من الموصل إليها إلى الأبد كما يرى.
بجانب الحاج البيتوني انتشر العشرات من جنود الاحتلال في كل مكان بهدف حماية الجرافات التي تدمر أراضي قريته لإقامة جدار الفصل العنصري، الذي سيحولها ومدينة رام الله إلى سجن كبير يحتجز فيه أكثر من مئة ألف فلسطيني في انظار جندي يحضر كل صباح كي يسمح لمن يشاء بالمرور.
يستذكر الحج البيتوني أيامه الغابرة التي يرى أنها لن تعود إذا أكمل بناء الجدار الفاصل قائلا كنت حتى العام الماضي أذهب كل ربيع إلى تلك الجبال المجاورة لأرضي أجمع منها الأعشاب الطبية والغذائية من زعتر وميرامية وعكوب ووغيرها من الأعشاب التي لا يمكن الأستغناء عنها، أم الوم فقد شكل هذا الجدار افاصل بيني وبين تلك الجبال التي ستصبح من الآن فصاعدا هدف لمستوطنين حضروا من كل بقاع الدنيا بهدف الإستيلاء عليها والسكن فيها.
وينظر الفلسطينيون مع حلول هذا الربيع بتشائم كبير إلى ما تبقى من أرضهم التي احتلتها قوات الاحتلال عام 1967، ثم أكملت مصادرتها بحجج وذرائع واهية كان آخرها جدار الفصل العنصري الذي سيصار 48 % من مساحة الضفة الغربية.
وقد حال الجدار الفاصل بين مئات المزارعين وأراضيهم الزراعية التي يعتبر الربيع أخصب مواسمها الزراعية وخصوصا أنه يأتي بعد شتاء يسقى الأرض المياة الوفيرة لتنبت من الطيبات ما يحيون به.