"بدهم يطخوا ماما زي ما عملوا في بابا؟"، هذا هو السؤال الدائم الذي يشغل الطفلة ميسر 5 سنوات من مخيم طولكرم، بعد أن قتل جنود الاحتلال والدها أمام عينها، عادوا مجددا إلى المنزل لاعتقالها والدتها وزجها في سجن تلموند العسكري داخل الخط الأخضر. وزارة شؤون الأسرى والمحررين التقت الطفلة ميسر وثلاثة من أخواتها الذين يصغرونها، وجميعهم أبناء الأسيرة سيما عنيبص 32 عاما، والتي اعتقلت من بيتها في منتصف ليلة الثاني عشر من شباط الماضي، ولا تزال موقوفة دون ان توجه لها تهمة محددة أو تعرف سبب اختطافها من بين أبنائها الذين لا يتجاوز أصغرها العام الواحد.
الجدة التي تجاوزت الستين عاما أصبحت المعيلة الواحدة للعائلة بعد ان استشهد رب العائلة إبراهيم النعنيش وخالهم الذي كان يرفقه في عملية اغتيال نفذتها قوات الاحتلال في مخيم طولكرم، واعتقلت خلالها أيضا أخوالهم محمد ومصطفى.
تتساءل الجدة حائرة ماذا بإمكاني أن أفدم وأنا بهذا العمر وفي ظل غياب الدعم المادي والمعنوي هؤلاء الأطفال الذين لا يكفون عن البكاء خشية أن تلقى أمهم ذات مصير الذي لاقاه والدهم بقولهم:"وين ماما متى سترجع من عند اليهود؟؟ بهم يطخوها زي بابا؟؟" وأسئلة كثيرة لا تجد الجدة لها جوابا شافيا.
تضيف الجدة: لم ينجح توسل أم فلسطينية ثكلى لجنود ليس في قلوبهم الرحمة بان لا يعتقلوها أمام أبنائها، وكانت الأم تخشى حين رحلت في تلك الليلة أن لا تلتقي معهم مرة أخرى، كما أنها بدت خائفة من الرعب الذي سيعيشونه بعدها وهي التي كانت تحاول دائما ان تساعدهم على نسيان مشهد قتل والدهم الفظيع.
تعود الجدة للحديث بعد أن تبلع ريقها حسرة وألما محاولة إخفاء دموعها "ألا يكفي الألم الذي تعاني منه ابنتي ليعتقلوها الآن ويحرموها من أبنائها! إنني أتألم في كل مرة يسأل فيها الأطفال عن أمهم! ماذا بإمكاني أن أقول لهم عندما يرفضون اللعب خارج البيت خوفا أن تعود أمهم من السجن ولا يكونوا موجودين في المنزل.
الطفلة ميسر وهي الابنة الكبرى للأسيرة سيما تصحوا باكرا لتذهب إلى روضة الأطفال عادة ما ترتدي ثيابها بهدوء خشية إزعاج جدتها ثم توقظ أخواتها وتحاول أن تساعدهم في تغير ملابسهم.
وترى الجدة ان ميسر باتت تدرك احتياج أخواتها للحنان في غياب والديها، فمنذ اعتقال والدتها اعتادت أن تضع قبلة على جبتهم قبل ذهابها ثم تهمس لي "دير بالك عليهم".
وبمجرد عودتها تركض باحثة عن أخيها وتحتضنهم بقوة ما تلبث أن تجمع أخوتها حولها بعد الغداء وتحكي لهم عن أمها وأبيها.
الأسيرة سيما وبعد مرور أكثر من شهرين على اعتقالها تمكنت من الاتصال مع أطفالها كان ما يهمها فقط أن تسمع صوتهم وتطمأن عليهم.
تقول الجدة كانت مفاجئة لنا حين سمعنا صوتها اختطلت الدموع بالكلمات، وبعد انتهاء المكالمة التي لم تتجاوز عدة دقائق خيم الحزن الشديد على الأطفال حتى أنهم في ذلك اليوم رفضوا تناول الطعام.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية