هناك في أحد أزقة البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة يركض أحد الصبية حاملا بندقية بلاستيكية (أم 16) يحاول التظاهر بأنه جندي إسرائيلي، يطلق النار على شبان فلسطينيين يرشقونه بالحجارة فيصيب احدهم ويقع على الأرض متخبطا بدمائه، الشبان الآخرون وأمام هذا المشهد يضطرون إلى الإستمرار في رشق الحجارة بل وتكثيفها، وذلك لكي يشغلوا الجندي بهم ويتمكنوا عند ذلك من إنقاذ زميلهم المصاب ونقله إلى المستشفى. أطفال لا يتجاوز أعمارهم العشرة أعوام، يعبرون بطريقتهم البريئة عن معاناة الشعب الفلسطيني في مختلف اماكن توجده، صراع مستمر بين المحتلين والشعب الذي يحلم دوما بالتحرر ويناضل من أجله.

أحمد يتقن دور الشهيد:
الطفل أحمد الدقاق يمارس وأصدقائه لعبتهم المفضلة يوميا وهي لعبة " الحرب بين العرب واليهود"، حيث أوكل لأحد ذلك الذي يحبه وينفذه دوما ببراعة الشهيد الذي يسقط مصابا برصاص الاحتلال أثناء نضاله وقتاله ضده، ليتحول بعد ذلك إلى رمز لمدينة القدس التي تحب الشهداء وتحترمهم.
وليس بعيدا عن الساحة التي يلعب بها أولئك الصبية يتواجد مقهى للإنترنت حوله صوت أزيز الرصاص والتصادم والقتال الدائر رحاه داخله إلى ساحة حرب حقيقية، حيث يصطف الصبية في انتظار دورهم ليمارسوا لعبتهم المفضلة إطلاق النار وقتل الاعداء.
وعندما يذهب احمد إلى السوق داخل البلدة القديمة لا يستهويه من تلك الألعاب المعروضة في المحال التجارية إلا البنادق والمسدسات والدبابات والمجنزرات والمفرقعات التي لا يحلوا له اللعب أو الهو إلا بها.
من واقع معاناتهم يخلقون ملهاتهم:
وفي هذا الإطار أظهرت دراسات فلسطينية أجراها الدكتور سمير قوتة من برنامج الصحة النفسية في غزة أن الاجراءات العسكرية التى تنفذها إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية أثرت بشكل مباشر على الصحة النفسية العامة للأطفال مشيرا، إلى أن العنف الإسرائيلي يولد ردود فعل عنفة لدى الأطفال الفلسطييين كونهم الفئة الأضعف في المجتمع.
وعن مدى تأثير العنف الإسرائيلى خلال الانتفاضة على الأطفال الفلسطينيين أشارت الدراسه إلى أن 94.6 فى المائة من الأطفال الفلسطينيين شاهدوا جنازات و83.2 فى المائة منهم شاهدوا إطلاق نار و66.9 فى المائة من الأطفال رأوا مصابين أو موت.
وقالت الدراسة أن الواقع الأليم الذي يعيشه الطفل يخلق لديه رغبة كبيرة في المحاكاة والتقليد، خصوصا تقليد الكبار الذين يكونون في نظرهم أبطال في تصديهم للإحتلال.

تميز ضد المقدسيين الأطفال:
إن الحكومة الإسرائيلية ممثله ببلديتها في القدس تمارس تميزا واضحا ضد السكان الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها، ففي الجانب الغربي حيث تقطن الأغلبية اليهودية تعكف البلدية على صرف الأموال الطائلة في سبيل دعم الطفولة وإيجاد الأماكن الخاصة والحدائق العامة اللهو واللعب والترفية، بينما تتجاهل إحساس العرب وحقهم في الاستمتاع بطفولتهم.
وعند التجول في الأحياء الغربية ترى إن المرافق الرياضية مجهزة بكافة التجهيزات والأدوات الرياضية والملاعب لاستيعاب الأطفال اليهود، وتقام بين الحين والآخر الفعاليات والمسابقات التي تنشط العقل والجسد، أما في القدس العربية فترى أن الأطفال يلعبون في الشارع والأماكن الخطرة دون اكتراث من المسئولين في بلدية القدس الغربية.
ويجيب أحد الأطفال الأطفال عن سبب لعبه بالشارع بسؤال آخر وين بدك نلعب؟ ويكمل لا يوجد ملاعب ولا مراكز للعب، أما صديقه الأكبر سنا فيقول: إننا نختنق؛ فنحن محاصرون نفسيا ومكانيا ولا يوجد أي مجال للهو.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية