أجبر الجندي صديقي علاء على تقبيل قدميه وتجرع الحصى والرمال التي علقت بفمه أثناء قيام الجنود بضربه وإلقائه أرضا، فيما أقدم جندي آخر على إدخال حذائه داخل فمي رغم عني بعد رفضي تقبيل حذائه، وشرع في ضربي ببندقيته بعد أن أوسعني وصديقي ضربا بالعصى التي يحملها"، بهذه الكلمات بدأ الطفل عرفات محمود طه 17 عاما حديثه حول عملية التنكيل التي قام بها ثلاثة من جنود حرس الحدود وهي أحد الوحدات الإسرائيلية العاملة في الأراضي الفلسطينية بحقه وصديقه علاء أحمد إسماعيل طه 15 عاما. ذات صباح تواجه علاء وصديقه عرفات الذي أجبر على ترك المدرسة والعمل داخل بلدة أبو غوش المحاذية لقريته قطنة شمال غربي القدس المحتلة، نظرا لظروف الحياتية الصعبة التي يحياها و12 أخ أخر، كان يعيلهم حتى فترة قريبة والدهم الذي لم يعد يقوى على العمل بعد إصابته أثناء عمله في ورش البناء داخل الخط الأخضر.
أجبر الطفل في ظروف عائلته صعبة على ترك عمله ذو الأجر المتدني والذهاب للعمل في إسرائيل رغم المخاطر والصعاب التي ترافق هذا العمل، من اعتقال أو تنكيل من قبل جنود لا يرقبون إلا ولا ذمة في العمال الفلسطينيين الذي يلقون القبض عليهم.
المكان : أحد الأحراش القريبة من الخط الأخضر شمال غربي القدس المحتلة، الزمان:26 من نيسان الماضي، ثلاثة جنود صهاينة يجوبون شوارع بلدة أبو غوش الإسرائيلية بحثا عن فريسة يصطادونها لتنفيذ عدوانهم السادي المبرمج والمخطط له مسبقا، أما الضحية فكان الطفلين علاء وعرفات المتوجهين للحصول على المال من أحد المشغلين الإسرائيليين الذين عادة ما يبتزون طفولتهم وبراءتهم بتشغيلهم في أعمال شاقة وغير إنسانية.
هناك وبعد أن تمكنت دورية حرس الحدود التي طاردت الصبيين من اعتقالهم على حدود قريتهما، أقدم الجنود دون فحص الأوراق الثبوتية التي يزعمون على إنزال الصبيين من الجيب العسكري واقتادهم بين الأشجار الكثيفة لتكون البداية.
عرفات لا يزال حتى اليوم يذكر تلك الوجوه الحاقدة التي لا تعرف معنى الرحمة يقول أنه وصديقه فوجئا بقيام الجنود الثلاثة بإلقائهما من الجيب العسكري إلى الأرض كما يلقون كرة مثلا، يشير أنه كانت معه عندما شرع أحدهم في سحب هراوته التي يحملها لقمع المتظاهرين عادة، وانهال علي بالضرب المبرح في جميع أنحاء جسدي، فسقطت أرضا مغشيا علي من شدة الضربات التي تعرضت لها من الجنديين، في تلك اللحظات سقط علاء أرضا من أول ضربة انهالت عليه نظرا للخوف الشديد الذي أصابه جراء ما تعرضت له.
لم تتوقف عملية التنكيل السادية عند هذا الحد بل أن الجندي الثالث قام بإلقاء ما تبقى من طعام وشراب كان بحوزتهم على رؤوسنا، قطع من الشوكولاته وبقايا حليب وألبان متعفنة يبدو أنهم كانوا ينون إلقائها في أحد سلال القمامة.
في العاشرة صباحا وبعد ثلاث ساعات من الاحتجاز إجبرنا أحدهم تحت تهديد السلاح على تقبيل حذائه، وعندما رفضت انهالوا علينا بضربا مبرحا وأدخل أحدهم بسطاره في فمي رغم أنفي، أما السادي الآخر فراح يهدد علاء بالضرب المبرح إذا لم يمتثل لأوامره بتقبيل حذائه، وبل أنه تمادى لدرجة أبشع وطلب منه أن يقوم بابتلاع التراب والحصى التي علقت في فمه خلال إلقائه أرضا.
بعد أن أطلق سراحنا تمكنها بصعوبة من الوصول إلى مشارف القرية، فقام عدد من الأهالي بنقللنا إلى مركز الكرمل الطبي في قرية بدو المجاورة، لكن الطبيب ونظرا لخطورة إصابتنا وخصوصا أنا، قرر استدعاء سيارة للإسعاف ونقلنا إلى المستشفى، وهناك تبين أننا مصابين برضوض شديدة في كافة أنواء الجسد إضافة إلى إصابة كليتي بأضرار، لا أزال أتلقى العلاج في مستشفى رام الله حتى اليوم.
وفي إطار حديثه حول المحكمة التي انعقدت يوم أمس والتي أدانت الجنود الثلاثة، يقول عرفات أنه لا يثق بالمحاكم (الإسرائيلية)، ولا يتوقع أن تقتص له من الجنود الذين نكلوا به، خصوصا أن محاكم سابقة انعقدت ولم تثمر عن أي شيء يذكر.
وفي هذا الإطار ذكر مسؤول في وزارة العدل الإسرائيلية أمس ان ثلاثة ضباط من شرطة حرس الحدود اعتقلوا أمس للاشتباه بقيامهم بركل ولكم وضرب مراهقين فلسطينيين بالهراوات واذلالهما مخلفين آثاراً حمراء على ظهريهما.
وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته، ان قسم الشؤون الداخلية في وزارة العدل أمر باعتقال الضباط الثلاثة أمس الأول وبجلبهم إلى المحكمة أمس لتمديد أمر اعتقالهم، وأضاف ان الضباط اعترفوا بان الاتهامات حقيقية.
وأوضح ان ضباط حرس الحدود الثلاثة - ايتاي برايير و اريك زالداتي وليئور كالباريس- طلبوا من شابين مراهقين فلسطينيين من قرية قطنة قرب القدس الصعود إلى دورية حرس الحدود.
وأشار ان الضباط قاموا بعدها بسكب مهلبية الشوكولاتة ومنتجات ألبان أخرى على الشابين، ثم قام الضباط بإجبار الشابين على تقبيل احذيتهم واكل الرمل والحصى.
وقال ان عملية التعذيب استمرت بين نصف ساعة وساعة وان الضباط غادروا بعدها بالدورية وتركوا الشابين وراءهم.
وقال انه عندما عاد الفلسطينيان الى قريتيهما قام احد الجيران بالتقاط صور للآثار الحمراء على ظهريهما وانه تم عرض الصور في المحكمة.