تتخذ محاكمة النائب مروان البرغوثي الذي اعتقل يوم 15/4/2002 ابعاداً سياسية ومحاكمة للاهداف الوطنية والسياسية المشروعة للشعب الفلسطيني المتمثلة بازالة الاحتلال.
ومن خلال قراءة لائحة الاتهام الموجهة الى مروان البرغوثي يتضح انها اول لائحة اتهام تقدمها محكمة عسكرية اسرائيلية بهذا الشكل والمضمون بحق معتقل فلسطيني، فهي لائحة يتضح من مقدمتها الاهداف السياسية من وراء تقديم مروان للمحاكمة فقد بدات بنصوص عامة وليست بنود ادانة قانونية واتهمت اللائحة الانتفاضة بالارهاب وهي محاكمة للنضال الفلسطيني المشروع ضد الاحتلال وحاكمة للقيادة الفلسطينية ومواقفها واساليب كفاحها. وقد استطاع مروان خلال جلسات محاكمته ان يحول هذه المحكمة الى منبر لمحاكمة دولة اسرائيل وادانة سياستها القمعية والاجرامية بحق الشعب الفلسطيني وذلك من خلال ردوده على الادعاءات المقدمة في لائحة الاتهام من حيث عدم صلاحية المحكمة بمحاكمته موضحاً انه اختطف واعتقل واحضر الى دولة اسرائيل بصورة غير قانونية وان تقديمه لهذه المحاكمة يتنافى مع القانون الدولي الانساني ومع اتفاقيات اوسلو الموقعة بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني.
واعتبر مروان ان لائحة الاتهام المقدمة ضده هي محض دعاية متطرفة وتحريض ضد كفاح الشعب الفلسطيني العادل وتشويه هذا الكفاح مع تجاهل كل العناصر الاساسية للنزاع الفلسطيني-الاسرائيلي، وخاصة وجود الاحتلال وجرائمه. وقال مروان ان دولة اسرائيل لا تملك صلاحية محاكمة زعماء الشعب الفلسطيني الذين يؤدون دورهم التاريخي بازالة الاحتلال عن ارضهم.
لقد رفض مروان سماع لائحة الاتهام بالمطلق ورفض سماع المحكمة قائلاً انه تم احضاره لهذه المحكمة بالقوة رافضاً توكيل محامي لتمثيله مصراً ان محاكمته غير شرعية وتجري بقوة الاحتلال وليس بقوة القانون.
لقد سجل مروان خلال المرحلة الطويلة وهي الحد الاقصى في اقبية التحقيق (90 يوماً) موقفاً نوعياً فريداً تمثل برفض التجاوب مع المحققين مصراً انه رجل سلام ومناضل حرية وان الاحتلال هو سبب الكوارث.
لقد نجح مروان في تحويل مسار المحكمة من البعد الامني الى البعد السياسي مستقطباً بذلك الكثير من التأييد الدولي والاقليمي.
ولم تكتف حكومة الاحتلال بتوجيه اتهامات وادعاءات لمحاكمة مروان بل زجت به في زنازين العزل الانفرادي بقرار من وزير الامن الداخلي، حيث يعيش في زنزانة انفرادية في بئر السبع شبيهة بالقبر محروماً من كل حقوقه الانسانية.
والزنزانة التي يعيش فيها مشيدة تحت الارض منذ زمن الانتداب البريطاني مليئة بالتراب والحشرات والجرذان ولا تحتوي على اية وسائل تهوية ولا تتجاوز مساحتها 1,5×2 متر ويخضع مروان في هذه الزنزانة للعديد من الاجراءات القمعية من تفتيشات واستفزازات ويخرج الى ساحة النزهة ومقابلة المحامي مكبل اليدين والقدمين.
وقد تدهور وضعه الصحي ونقل الى مستشفى سجن الرملة لاجراء فحوصات له في الحنجرة حيث تم اخذ عينة لاجراء الفحص.
وفي الوقت الذي اقتربت فيه محكمته يوم الخميس القادم فان ادارة السجون منعت زيارته من قبل المحامين وفرضت عليه عزلاً تاماً داخلياً وخارجياً..
ان قرار محاكمة مروان البرغوثي هو قرار محاكمة القيادة السياسية للشعب الفلسطيني ومسيرته النضالية المشروعة، مما يتطلب موقفاً جدياً لوقف جريمة حرب تجري تحت غطاء القانون تتجاوز بشكل بشع كل الاعتبارات الانسانية والاخلاقية.