بالتأكيد انه إذا كان الضيف جنديا إسرائيليا فلن يكون ذلك اليوم جيدا بالنسبة لأصحابه الفلسطينيين، فهو ليس ككل الضيف يدخلون بعد إذن من صاحب المنزل الذي يجبر على فتح الباب بسرعة قبل أن يقوم أحدهم بتفجير أبواب المنزل وأعطاب زجاجه، والأدهى من ذلك والأشدد مضاضة ان يخرج قائد الدورية بعد ساعة ونصف من عملية تدمير ترأسها داخل المنزل ليقول لأصحابه "نقدم لكم اعتذارنا، منزلكم ليس المقصود، والمنازل تشابهت علينا". بالفعل هذا ما حدث في منزل المواطن أحمد حسين عليان القاطن في قرية بدرس غرب رام الله بالضفة الغربية، حيث فوجئ في فجر التاسع والعشرين من تشرين ثاني بقوات كبيرة من جيش الاحتلال تحاصر منزله وتطرق بابه بطريقة ليست لبقة، وفورا تشرع في تكسير زجاج المنزل الذي لم يمهل أصحابه بضع دقائق ليستعدوا لاستقبال الضيف القادمين.
تقول صاحبة المنزل الحاجة "هيجر خالد" أم حسين فوجئنا بقرابة خمسين جنديا يقتحمون منزلنا واحدا تلو الآخر، حيث راح بعضهم يجبر سكان المنزل على الخروج بمن فيهم الاطفال والنساء إضافة إلى سكان منزل آخر مجاور للمنزلنا، بينما تولى آخرون عملية تدمير بعض من محتويات المنزل وقلبها رأسا على عقب بما فيها الذيت والطحين الذي يعتبر غذاءً أساسيا بالنسبة للفلسطينيين.
أما المجموعة الثالثة فكان دورها الدخول مصطحبة الكلاب البوليسية، لتدنيس محتويات المنزل بحجة البحث عن من تسميهم مطلوبين "وهم المواطنون الفلسطينيون الذين تزعم مشاركتهم في مقاومة الاحتلال"، في هذه الأثناء كان الجنود في الخارج يحكمون تقيد أيدي حسين (28 عاما) وحسن (25 عاما) بالأغلال، ويعتدون عليهم بالضرب والشائم التي يندى لها الجبين، والتي كانت تطلق على مسامع النساء والأطفال الذين أجبروا على الخروج إلى العراء.
تضيف الحاجة أم حسين" حال طفلاي محمود (12 عاما) ومحمد (13 عاما) لم تكون أفضل من حال شقيقهما الكبيران فقد أجبروا على النهوض من نومهم مسرعين خائفين مذعورين بفعل صرخات الجنود، ليجدو أنفسهم على قارعة الطريق دون لباس يقيهم البرد القارص الذي كان يسود القرية ليلة الاقتحام"، اما النساء فكن مجبرات على التجمع في مكان قريب من الرجال وفرضت عليهن أوامر بعدم الحراك، ولم تشفع صرخات الأطفال الصغار من البرد في السماح لأمهم بدخول المنزل وإحضار الملابس لهم.
وبعد ساعة ونصف من تواصل عملية التدمير تفاجئ العائلة بطلب التحقيق مع طفلهم محمود الذي يصغرهم جميعا، وعند حضور الطفل إلى الضابط الذي يسمى نفسه "الكابتن"، يساءل بإستغراب هل هذها محمود ؟؟، يجيب الطفل:نعم أنا محمود؟؟، ولكن انت لست المطلوب، يحضر الجنود ويسألوا عن محمود فلا يجدون غيره.
ولا تنتهي عملية جيش الاحتلال بحضور الكابتن إلى الحاجة أم حسين وقوله:" نحن أسفون ولدكم ليس المطلوب الذي نبحث عنه، ومنزلكم ليس المقصود" ويغادر الجنود مخلفين دمار كبيرا في المنزل لن يكون إصلاحه أمرا ممكنا.