وفجأة ستسمعون صوت الإنفجار
الشيخ رائد صلاح : "تبريرات سخيفة على الصعيد المحلي أو العالمي لأي اعتداء قد يقع على المسجد الأقصى "
الشيخ كمال خطيب : "أنصح من تغريهم قوتهم هذه الأيام بأن لا يعطوا الفرصة لأي أذى يقع على المسجد الاقصى ، لأنهم سيندمون حقا سيندمون"
الشيخ صالح لطفي : "إن المسجد الاقصى يقع اليوم بين كماشة التشدد الديني والنبوءات المبنية على رؤى دينية , وبين الوقائع والأوضاع الأمنية" يحاول الإعلام الإسرائيلي أن يصوّر عبر مقالات وتقارير ينشرها تباعاً في صحفه اليومية وملاحقه السياسية الأسبوعية ، بأن جهاز المخابرات الاسرائيلية "الشاباك" يسارع الزمن في محاولة التعرف على شخصيات أو مجموعات يهودية متطرفة تخطط للقيام بعملية تفجير ونسف المسجد الأقصى المبارك ، مشيرين أن خطط من هذا النوع تزداد احتمالية وقوعها يوما بعد يوم ، كلما اقترب موعد تنفيذ خطة شارون بالانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة ، وتُبَطّن الأغلبية الساحقة من هذه التقارير بلهجة التحذير من خطورة وقوع مثل هذه العمليات وما يترتب عليها من نتائج ، إلا أن هذه التقارير تخلص وعبر تحليلات كاتبيها أو على لسان رجال المخابرات بأن احتمال الوصول إلى مخططي مثل هذا الهجوم على المسجد الاقصى يكاد يكون مستحيلا ، بمعنى أن تنفيذ اعتداء تفجيري على الحرم القدسي بات مفروغا منه ؟!
في الملحق الأسبوعي الأخير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية - وهي الصحيفة الأكثر اعتبارا في الفضاء السياسي الاسرائيلي – ينشر الصحفي نداف شرجي وبمشاركة الصحفي يوسي ملمان تقريرا موسعا حول موضوع الخلفية العقائدية وسيناريوهات الاعتداء على الحرم القدسي ونشاط المخابرات الاسرائيلية ، وبالذات القسم اليهودي المختص في شؤون الجماعات اليهودية المتطرفة ، للحيلولة دون تنفيذ هذه المجموعات لمخططاتها !!
ولإبراز أهمية هذا الموضوع أو الملف أو القضية فقد اختارت صحيفة هآرتس أن يكون غلاف ملحقها وعلى صفحة كاملة صورة قبة الصخرة وتحت عنوان بارز "وفجأة ستسمعون صوت الانفجار " إشارة الى تفجير ونسف المسجد الاقصى ، وتحدد أن محاور تقريرها يدور حول أن التهديد بنسف المسجد الأقصى معرّف في جهاز الشاباك بدرجة 7 حسب " مقياس ديختر " - رئيس جهاز امخابرات الاسرائلية الحالي - وهي درجة أعلى من درجة التهديد باغتيال رئيس الحكومة – 6 مقياس ديختر – ، وأن في مناطق الضفة الغربية جمهور وقطاع يتدارس فيما بينه خطط فورية التنفيذ ضد المسجد الاقصى بهدف وقف خطة الانسحاب من غزة ، وتركز "هآرتس" في تقريرها على محور أن هذا هو الوقت لتحديد الجهات والمجموعات التي تتداول فيما بينها هذه المخططات ، والكشف عن معتقداتها ودوافعها وعلى رأسها مجموعة ما يسمى " الدردعيم الجدد " والتي يمكن أن تُنبت الإرهابي – حسب قولهم – الذي سيشعل النار في الشرق الأوسط .
في هذا التقرير نعرض أهم ما جاء في تقرير هآرتس ، ونساءل كل من الشيخ رائد صلاح – رئيس الحركة الإسلامية - , والشيخ كمال خطيب – نائب رئيس الحركة الاسلامية - والشيخ صالح لطفي – الباحث في مركز الدراسات الإسلامية المعاصرة في أم الفحم- عن تعقيبهم على موضوع التقرير وقراءاتهم لحقيقة إمكانية نسف أو تفجير المسجد الاقصى المبارك وبناء الهيكل الثالث المزعوم على أنقاضه , وربط لك بتقرير "هآرتس " وتقارير الاعلام الاسرائيلية الأخرى المنشورة في هذا الشأن .
يقول الصحفي نداف شرجي في تقرير :" يبحث رجالات الشاباك ومن خلال اجتماعهم الأسبوع الماضي مع الراب " يسرائيل ارئيل – رئيس "معهد الهيكل " في البلدة القديمة في القدس - عن الجيل المكّمل للتطرف اليهودي ، الثوريين الجدد الذين يعتقدون أن الساعة قد حانت لنسف وهدم المسجد الأقصى كوسيلة لعرقلة خطة الانسحاب من غزة " .
ويحدث شرجي عن الراب يسرائيل أنه أحد الشخصيات الذين تم إخراجهم من ياميت في شبه الجزيرة سيناء , ويعكف من "معهد الهيكل" منذ سنوات على تجهيز وتصنيع أدوات الهيكل الثالث , الأمر الذي يجسد إمكانية الترابط الفكري بين الحرم القدسي – حسب مصطلحاتهم الكاذبة جبل الهيكل ، المحرر – وبين منطقة " جوش قطيف " - مستوطنات قطاع غزة - ، ولذا تمّ تحديد موعد لسماع محاضرة في معهده بهذا الشأن – المقصود من قبل رجالات الشاباك -.
مئات آلاف الطلاب , الجنود وطلاب الجامعات حضروا الى "معهد الهيكل" وشاهدوا الأفلام الوثائقية التي تحث على بناء الهيكل الثالث ولامسوا أدوات الهيكل, والتي يقوم "رجالات الهيكل" بإعدادها ليتم وضعها عند بناء الهيكل الثالث ، كتب الراب يسرائيل ارئيل التي تتحدث عن بناء الهيكل الثالث من أكثر الكتب مبيعا ، ولذا فالشاباك الاسرائيلي يهتم جيدا بسماع نظرياته وتحليلاته السياسية .
الراب ارئيل كان المرشح رقم 2 في حزب " كاخ" وسط سنوات1970 ، وكان رئيس لمدرسة دينية يهودية "في ياميت وقت الانسحاب الاسرائيلي منها عام 1982 وهو أول من نادى برفض الأوامر العسكرية للانسحاب من ياميت ، حكم عليه بالسجن مدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ ، وفي سنوات 1983 قبض عليه مع مجموعة من سكان مستوطنة كريات أربع بتهمة اعدد خطة للسيطرة على الحرم القدسي ،والاعتصام بالقوة في داخله ، محكمة الصلح الإسرائيلية حينها برأته من التهم الموجهة إليه .
يقول نداف شرجي أن الشاباك طلب هذا الأسبوع من الراب يسرائيل المذكور تقدير حدة المعارضة التي سيستعملها الجمهور في مستوطنات قطاع غزة بسبب الانسحاب والتعرف على العلاقة الممكنة بين نشاطات وأعمال ضد الحرم القدسي ومعارضة الانسحاب، إلا إن الراب يسرائيلي فضّل الحديث عن قطاع غزة وإمكانية نشوب حرب أهلية بين اليهود .
يعتمد شرجي في تقريره على محاضرات القيت في مؤتمر قام بتنظيمه المجموعات اليهودية الفاعلة لبناء الهيكل الثالث ، يوم الأربعاء ( 21/12/2004 ) ، واطلع الشاباك عل فحواه ، رجال الشاباك هؤلاء تساءلوا : هل من الممكن أن مجموعة من اليهود يقومون بالتخطيط لنسف الأقصى – كما كان في فترة الانسحاب من مستوطن ياميت – أم أن تصرفات أخرى أقل حدة يمكن أن تحصل في سبيل وقف الانسحاب من غزة ، الراب يسرائيل ارئيل يعتقد إن سبب تكرار "قدر" الانسحاب من منطقة أخرى يعود الى إهمال الاهتمام بالهيكل ويتساءل : " كيف يمكن أن يرتاح ويطمئن بالنا مع تقادم السنين في حين لم نقدم شيئا من اجل بناء الهيكل بيت الرب ، والرب يريد منا أن نبدأ بالعمل ، إذا علينا أن نبدأ بالعمل " ، الصحفي شرجي من جهته ولسير أغوار عقلية الراب يسرائيلي يحدث أن الراب يسرائيلي وخلال مشاركته في احتلال المسجد الاقصى عام 1967 وكونه كاهن شاب في الجيش الاسرائيلي ، ألقيت عليه مهمة حراسة أحد أبواب قبة الصخرة ، وكان يسرائيل يومها يعتقد أن المسجد الاقصى سيفرغ من المصلين المسلمين وتأتي وحدة "المتفجرات " الخاصة وتقوم بوضع المتفجرات وهدم المسجد الأقصى ، ولكنهم لم يأتوا في ذلك الحين .
وممن تحدثوا أيضا في المؤتمر المذكور الراب يسرائيل روزان- رئيس معهد تسومت مفترق طرق ، وينتمي الى حزب المفدال المتدين - والذي ربط في محاضرته بين الانسحاب من غزة وضعف الشعب وبين ضعف العمل من أجل الهيكل ، الا أن روزان لم يتحدث عن إزالة المسجد الأقصى ، بل عن تنظيم إقامة الشعائر اليهودية داخل الحرم القدسي، ولكن تحليله كان مطابقا للراب "يسرائيل أريئل " : " عندما يكون ضعف في القلب ، في جبل الهيكل ، سيأثر ذلك سلبا على سائر الجسد " وأكد روزان أن الاهتام بالهيكل يجب ان تأخذ المؤسسة الرسمية الدولة دورا فعالا فيه وليس على المستوى الشخصي فحسب .
متحدث آخر في المؤتمر هو الراب "دافيد دودفيتس" - مرشد أغلبية جمهور ما يسمى " شبيبة التلال " – الذي دعا الى عدم الاكتفاء بالتوجه نحو "السماء" والقول الى متى؟! – قصده الى متى سيظل الواقع كما هو وعدم بناء الهيكل - ، بل يجب توجيه هذا التساؤل الى عامة الناس ودعوتهم الى تقديم شيء ما في هذا الاطار ؟!
يواصل كاتب التقرير " نداف شرجي " الحديث عن رؤية الجماعات اليهودية ومنظريها ومرشديها واعتقادهم بأن الحرم القدسي – جبل الهيكل كما يطلقون عليه زورا وبهتانا- هو مصدر قوة , الا أننا في هذا السياق ان نجمع بين ما ورد في تقرير ملحق " هآرتس " الأخير وبين مقال نشر بتاريخ 21/12/2004 حول نفس الموضوع ولنفس الكاتب ، ظنا منا بأن اجمع يعطي رؤيا أكثر شمولية.
يقول شرجي إن أول الرواد الصهاينة، الحاخام مردخاي الياهو (حاخام اسرائيل الأكبر) قال قبل ايام عبر مجلة "من ينابيع الخلاص"، ان حجر الشرب الموجود في "جبل الهيكل" (الحرم القدسي) يبعث القوة والقدرة في نفس من يمتلكه، ثم سكت، ولم يُفصل مقصده، حتى في اوساط حركات "جبل الهيكل" تكرس إدراك مشابه، منذ سنوات عديدة وأتباع هذه الحركات يعتقدون أن كارهي اسرائيل وأعدائها يستمدون قوتهم وقدرتهم على تهديد الشعب اليهودي وإلحاق الأذى به، من خلال سيطرتهم المباشرة على أقدس مقدساته، ومن السيطرة الفعلية التي استطاعوا تكريسها في "جبل الهيكل".
حسب هذه الفرضية يتسبب وجود المساجد على أنقاض "الهيكل" – على حد قول شرجي - وإدارة المسلمين له بإضعاف قدرة دولة اسرائيل في مواجهة الضغوط، والتهديدات الداخلية والخارجية بصورة ثابتة، ومن ناحية أخرى - يبعث القوة في نفوس الأعداء.
أوري اليتسور هو الآخر الذي أصبح اليوم محررا لمجلة "نكوداه" الناطقة بلسان المستوطنين، تطرق لهذه العلاقة في أكثر من مرة، وقال: إن العاطفة الدينية هي عامل سياسي هائل القوة، سواء بالنسبة لليهود ، أو بالنسبة للمسلمين، وان من يتجاهلها يدلل على انه لا يفهم في الدين، ولا في السياسة أيضا، كل هذا رغم أن اليتسور ليس محسوبا على حركات "جبل الهيكل".
حيازة ارض اسرائيل من دون أية ملكية على "جبل الهيكل"، حسب اليتسور هي "نوع من الحب الأفلاطوني".
رغم السيطرة الاسلامية على الحرم التي تكرست على يد موشيه ديان في العام 1967، إلا أن اليتسور والحاخام الياهو، على حد سواء، بعيدان عن التفكير في تدمير المساجد، حتى الحاخام شلومو غورن الذي مات قبل عشر سنوات، تراجع هو الآخر عن هذه الفكرة، التي كان قد طرحها في حزيران 1967 فعليا على قائد المنطقة الوسطى عوزي نركيس، وقائد سلاح الجو موتي هود.
غورن اعتقد بعد ذلك أن تفجير المساجد سيضطر حكومة اسرائيل الى بذل جهود مضنية لاعادة مكانة يهود العالم المتضررين من موجات العداء، وانه لا توجد حرمة وتدنيس أكثر من ذلك.
إلا ان رياحا اخرى قد بدأت تهب في أوساط المتطرفين في حركات "جبل الهيكل"، كلما اقتربت لحظة إخلاء مستوطنات غوش قطيف بدأت تظهر مؤشرات إحياء الفكرة القديمة التي حاول الحاخام يشوعا بن شوشان تطبيقها قبل 25 عاما في إطار التنظيم السري اليهودي .
عشية الانسحاب من مستوطنة "ياميت" اعتمد بن شوشان على مصادر توراتية واعتقد هو أيضا أن السيطرة الإسلامية على "جبل الهيكل" هي جذر الخلل في شعب اسرائيل، وان هذه السيطرة توفر للمسلمين ينبوعا روحانيا يرضعون منه، ويستمدون قوة بقائهم، وحياتهم في البلاد.
بن شوشان وبعض رفاقه قدروا حينئذ إن إزالة هذا الرجس والدنس عن "جبل الهيكل" وتفجير المساجد سيؤدي الى إيقاف عملية الانسحاب.
هذه الرؤية التجريدية تغلغلت في السنوات الأخيرة في هامش المجتمع الديني، خصوصا في صفوف حركات "شبيبة الجبال"، ومجموعات صغيرة من التائبين.
تصور بعض منهم يتميز بالنـزعة الخلاصية التي لا تقبل المساومة من جهة وبالمفارقة التي تعزلهم عن المجتمع والدولة صراحة، جزء من هؤلاء الشبان لُفظوا من المجتمع الأصولي أو المجتمع الديني الوطني، بسبب مشاكل المخدرات أو الإجرام، تيار آخر من أوساط شبيبة الجبال يؤكد بالأساس العلاقة بين الأرض والطبيعة، إلا أن فلسفته كاهانية متطرفة، ومحاولات المس بالحرم تمخضت عن أطر وأندية مشابهة.
عصابة لفتا من أبناء الطبيعة الذين عاشوا بجانب العين في مدخل القدس تأطروا مع مجرم "تائب" على شاكلة شمعون بردا (كانون الثاني 1984) وأوشكوا على تحقيق مآربهم في تفجير المساجد. عوزي محسيا، ويهودا ليمائي، من عصابة لفتا، اللذين لم تثبت إدانتهما في نهاية المحاكمة بحجة عدم أهليتهما لتحمل مسؤولية اعمالهما، شبّها قبة الصخرة والاقصى بقلفتين يجب إزالتهما.
الوحيدون القادرون على الوصول الى أطراف من هذه الشاكلة أو غيرهم من الذين يرون بتدمير الحرم أداة ملائمة وجديرة لعرقلة إخلاء غزة، والقادرون على منع المس بالحرم وما سيترتب عليه من كارثة تحدق بنا من ناحية العالم الاسلامي، هم الحاخامات من أوساط حركات جبل الهيكل، أغلبيتهم يدركون جسامة هذا الحدث وانه سيؤدي الى نتائج معاكسة لما يرجو أصحابها، حيث سيُسرع عملية الانسحاب من المناطق، ويلحق بنا كارثة أليمة، أغلبية هؤلاء الحاخامات يدركون انه رغم أن تثبيت سيطرة معينة على جبل الهيكل كان ممكنا قبل أربعين سنة لو تم التصرف بصورة أخرى، إلا أن السور الفاصل بين إسرائيل وجبل الهيكل سيزداد علواً فقط إثر تنفيذ عملية جنونية من الشاكلة التي وصفناها، وان دولة إسرائيل وحكومتها ستدفعان ثمنا مضاعفا بمرات كثيرة في جبل الهيكل أولا، إذا تضررت المساجد . – أقوال نداف شرجي -
يحدث الصحفي شرجي في تقريره ان الشاباك الاسرائيلي يرسم اليوم هيئة وملامح الرجل القادم الذي يمكن أن يعتدي على المسجد الأقصى ، وان الشاباك سيعمل أفضل الأساليب للتعرف وتفحص من هي المجموعات التي يمكن أن يخرج منها تلك الشخصية التي تقوم بتنفيذ الاعتداء والطريقة التي سينتهجها .
ويذكر أن الشاباك يضع أمامه أن احتمال تنفيذ الاعتداء على الاقصى يمكن أن يكون عن طريق صاروخ يطلق من بعيد - من سلاح مسروق - في نفس الوقت يعتقد الشاباك أن هذا المخطط سيفشل بسبب الحراسة المشددة على الحرم القدسي وبسبب استخلاص العبر من التجارب السابقة في هذا المضمار ، إلا أن الشاباك نفسه يعترف أنه من الصعب التعرف على الشخصية المنفذة وتحديدها .
وذكر الصحفي عدة أمثلة على ذلك من خلال اعترافات المدعو شاحر دبير زليجر الذي اعترف لرجال الشاباك أن قسما من زملائه خططوا لهجوم واعتداء على المسجد الأقصى وعلى مساجد أخرى من قبل من يطلق عليهم " شبيبة التلال " وخاصة ممن ينتمون الى مجموعة يطلق عليها " دردعيم " وهم من طائفة اليهود اليمنيين – ممن جاؤوا من دولة اليمن - ، الذين يسلكون أسلوب غريب غريب بمعزل عن الناس ، يعتقدون بل ويلحون بخروج المسيح المخلّص اليوم قبل غد ، ومثل هذه المجموعات موجودون في منطقة رام الله ونابلس وكذلك منطقة الخليل.
احد "شبيبة التلال" هؤلاء يعتقد أن من يريد تنفيذ أوامر التوراة حسب " الرمبام "- احد المشرعين والمنظرين التوراتيين اليهود -
فعليه ان يطمح الى هدم الاقصى ونسفه ، ومن ثم تسويته بالأرض بواسطة الجرافات الكبيرة " البلدوزرات " ويقول: " هل من الممكن ان يصلي أحدهم باتجاه الهيكل ثلاث مرات في اليوم ومن ثم لا يدعو الى تفجير الحرم القديم ؟!".
حسب شرجي فان رجالات " كاخ" وجمهورهم يشكلون قطاعا آخرا فيه جاهزية لتنفيذ عملية تفجير ونسف الحرم القدسي ، ويعتقد المحامي نفتالي فرتستبرغر - محامي دفاع في قضايا شبيبة التلال ، ويعرف هذه المجموعة من قرب – انه كلما اقترب موعد الانسحاب من غزة ، تزداد خطورة ان شخصية ما يحمل سلاحا اسماه "سلاح يوم الدين " لنسف المسجد الأقصى :" هذه الامكانية يتحدثون عنها أكثر وأكثر ، فان كان عشرة اشخاص يتحدثون عنها ، فهناك واحد من بينهم يفكر بالموضوع بكل جدية ، واحتمال وصول الشاباك الى هذا الشخص ضئيل جدا ".
اتيمار بن جير – من حركة كاخ – يذكر ان هناك تفكير باستعمال الحرم القدسي لعرقلة الانسحاب من غزة الا انه يشير انه لا يتحدث عن تفجير ونسف الاقصى بل القيام باحتجاج جماهيري واسع ، ويذكر انه ليس من المستبعد ان يقوم شخص او اشخاص معينون بتنفيذ اعتداء على الحرم القدسي بقرار فردي بدافع اليأس من تغيير الواقع الحالي ، كما فعل جولدن شتاين بعد حظر حركة كاخ – مجزرة الحرم الابراهيمي في الخليل -، ويضيف الكاتب الصحفي ان رجال حركة كاخ كانوا يوما من الايام شركاء بالتخطيط لادخال ادوات مذبح الهيكل الثالث متفرقة الى داخل الحرم القدسي ومن ثم تركيبها مجتمعة داخل المسجد الأقصى ، وكان من بينهم نوعام لفنات - شقيق وزيرة التربية والتعليم ليمور ليفنات- وهو اليوم ناشط في الفعاليات الرافضة للانسحاب من قطاع غزة ، وهؤلاء المجموعة من حركة كاخ ، في مخططاتهم الاعتداء على المسجد الأقصى لم يكونوا آبهين- بما ستحدث اعتداءاتهم من نتائج وردود فعل محتملة .
يتطرق الصحفي شرجي في تقريره الى ما يسمى " مسيرة الابواب " وهي مسيرة تنظمها مجموعات يهودية على رأس كل شهر عبري يتجمعون بالقرب من ساحة البراق وتقوم بمسيرة حول اسوار المسجد الأقصى وبوابته الرئيسية ، يشارك فيها المئات وأحيانا الآلاف ، ويذكر شرجي ان المشاركين في هذه المسيرة يرفعون خلال مسيرتهم شعارات مثل " فليبن الهيكل .. وليهدم المسجد " او " فليبنى الهيكل .. وليحرق المسجد" ويقول ان مثل هذه الفعاليات ترفع من منسوب التعرف والاهتمام ببناء الهيكل ، بالاضافة الى الكتب والأدبيات التي تؤلفها وتوزعها المجموعات اليهودية حول اهمية بناء الهيكل الثالث ، من منطلقات عقائدية .
ويشير كاتب التقرير في مداخلة له ان جهاز المخابرات الاسرائيلي هو الذي ضغط على رئيس الحكومة الاسرائيلي الحالي قبل عام ونصف تقريبا بالموافقة على السماح لليهود الدخول الى الحرم القدسي بعد توقفهم عن ذلك اثر انتفاضة الاقصى عام 2000 ،وكان هدف الشاباك من ذلك افساح المجال للتنفيس عن مشاعر الجماعات اليهودية الفاعلة والمهتمة ببناء الهيكل ، وكذلك في سبيل التعرف عليهم ومراقبة نشاطهم عن كثب وعدم دفعهم الى العمل السري .
سيناريوهات مختلفة للإعتداء على الحرم القدسي
" مقياس ديختر" للحرم القدسي: التهديد يبلغ الدرجة 7
في القسم الثاني من تقرير ملحق "هآرتس " يعرض الصحفي يوسي ميلمان الى السناريوهات المحتملة التي ترسمها المجموعات اليهودية المتطرفة للقيام بعمليات نسف وتفجير المسجد الاقصى حسب تصور جهاز المخابرات الاسرائيلي يقول يوسي ميلمان بشيء من التصرف : "الكمية ليست هي الامر الحاسم، كما يقول أحد كبار المسؤولين في جهاز الأمن، هذا المسؤول كان يتحدث حول الافتراض الأساسي لدى رئيس قسم احباط الارهاب اليهودي في "الشاباك"، وكبار القادة هناك الذين يضطرون لمواجهة التحدي الأصعب أمام "الشاباك": احباط نوايا المتعصبين اليهود للمس بالحرم القدسي، بالنسبة لرؤساء القسم اليهودي "ليست النتيجة هي المحك في الحرم القدسي دائما"، بسبب أهميته بالنسبة لكل المسلمين في العالم، يخشى "الشاباك" وشرطة اسرائيل من كل عمليات "شغب" أو ارهاب، السيناريوهات التي رُسمت تشير الى وجود خوف ليس فقط من عملية ارهابية ضخمة مثل تدمير المسجد الاقصى الذي يسمى على لسان المتعصبين اليهود "حلاقة الوباء" - وانما ايضا من مجرد حدوث انفجار عادي على شاكلة عبوة ناسفة تنفجر في الحرم القدسي من دون ان تلحق ضررا بالمباني نفسها إلا انها قد تتسبب بحريق كبير بسبب رمزية المكان وحساسيته.
"كلنا نذكر كيف اضطرب العالم الاسلامي عندما حاول دنيس روهان، ، في العام 1969 إشعال أحد المساجد"، يقول رؤوبين حزاك الذي كان نائبا لرئيس" الشاباك"، "الحريق كان صغيرا والضرر صغيرا" – نعتقد عكس ذلك بل كان الحريق كبير وأدى الى اضرار بالغة , المحرر - إلا ان العاصفة كانت هائلة، حينئذ عليك ان تتخيل بينك وبين نفسك ما قد يحدث اليوم اذا حدث ضرر ما في الحرم القدسي، هذه ليست مهمة بسيطة، المسجد الاقصى هي هدف ثابت بارز، واطلاق صاروخ واحد من مكان مرتفع من دون ان تُعطى أية أفكار لأحد، وموجه نحو قبة الصخرة، قد يلحق ضررا هائلا".
يضيف ميلمان : "حزاك كان مسؤولا عن عملية "ضوء اخضر" - وهي إلقاء القبض في شهر نيسان 1984 على 27 عضوا في التنظيم الارهابي اليهودي السري, جوهر خطة مناحيم لفني ويهودا عصيون، قادة التنظيم، كان تنفيذ عملية استراتيجية. ضرب المساجد في الحرم القدسي التي اختيرت كهدف أريد منه تحقيق هدف خلاصي أخروي (التحضير لاقامة الهيكل)، وهدف سياسي (منع الانسحاب من سيناء وإلغاء اتفاقية السلام مع مصر).
يقول يوسي ميلمان : في العام 1981 اقترح رئيس "الشاباك" ابراهام شالوم على رؤوبين حزاك ان يترك عمله كمدير عام لبلدية القدس وان يعود الى "الشاباك"، شالوم عين حزاك نائبا له وألقى عليه المسؤولية عن مشروع عملية "طريق مسدود" التي تهدف الى كشف النقاب عن الارهابيين المسؤولين عن محاولات الاغتيال لرؤساء البلديات الفلسطينيين في نابلس ورام الله والبيرة وحلحول في الثاني من حزيران 1980، أحد الامور الاولى التي قام بها حزاك كان استبدال اسم العملية من"طريق مسدود" الى "ضوء اخضر".
حزاك وشركاؤه اكتشفوا ان المستوطنين الارهابيين خططوا الى جانب العمليات ضد رؤساء البلديات الفلسطينيين وقتل ثلاثة طلاب فلسطينيين في الكلية الاسلامية في الخليل، الى تفجير مسجد (قبة الصخرة)، التنظيم الارهابي خبأ العبوات الناسفة في عدد من الشقق الخفية في القدس وفي كفار ابراهام بجانب بيتح تكفا وفي قن للدجاج في مستوطنة نوف في الجولان. رئيس "الشاباك" سابقا، كرمي غيلون، كان في حينه رئيس القسم اليهودي وعضوا في طاقم حزاك. في محادثة معه وفي كتابه "شباك بين التفسخات" تحدث غيلون عن التحضيرات الميدانية التي قام بها الارهابيون.
بعد ان نفذوا بصورة سرية (أحد اعضاء المجموعة تنكر في زي راهب) جولات استطلاعية في المسجد وقاموا بقياس حجم الأعمدة الاستنادية في قبة الصخرة خططوا لإلصاق متفجرات تسلسلية على الأعمدة تؤدي الى انفجار نحو الداخل من اجل هدم القبة داخليا، ومنع حدوث انفجار نحو الخارج، الامر الذي كان بامكانه ان يلحق الضرر باليهود الذين يصلون في ساحة البراق – والذي يطلق عليه اليهود حائط المبكى زورا وبهتانا- ، لهذا الغرض اشترى لفني المهندس من حيث التخصص، والضابط في سلاح الهندسة، من مصنع في ريشون لتسيون حاويات من دون قعر لاستخدامها كحاويات للتفجير، النية كانت إلصاق هذه الحاويات بأعمدة قبة الصخرة.
ويضيف : بمساعدة المعلومات العسكرية التي يمتلكها لفني ورفاقه قاموا بسرقة عشرات الكيلوغرامات من المواد الناسفة البلاستيكية من قاعدة عسكرية في هضبة الجولان من صاروخ سري اسمه "تسيفع شريون" وهو مخصص لتفعيل حقول ألغام مزروعة في حالة دخول الدبابات السورية. خلال عمليات التحضير تدارس اعضاء التنظيم امكانية قيام طيار من سلاح الجو موجود في المجموعة، وهو يعقوب هيلمان، بالتحليق في طيارة وقصف المساجد من الجو، للوهلة الاولى يتوجب ان يشعروا في "الشاباك" والشرطة اليوم بمشاعر التأهب والإنقضاض الوشيك.
كما في ذلك الحين أيضا يتحدث اليوم اصوليون يهود عن عملية في الحرم القدسي بمصطلحات مسيحانية، كوسيلة لاحراز هدف سياسي، آنذاك سعوا الى منع الانسحاب من سيناء، واليوم يهدفون الى احباط خطة الانفصال، ولكن اللواء اليهودي (وهو وحدة تنفيذية في فرع احباط الارهاب ومنع التآمر اليهودي والاجنبي) يستطيع اليوم فقط أن يحسد حزاك ورجاله. لا فقط لانهم نجحوا في احباط محاولتين للمس بالحرم القدسي؛ بل في الاساس لانه في تقدير الشاباك عليه ان يعمل اليوم بازاء متطرفي الالف الثالث - وهم شبان التلال ومتطرفون آخرون، يعصون مجلس "يهودا والسامرة" – الضفة الغربية- وغزة ويحتقرون قادته.
ويتابع ميلمان : "هنالك اختلاف ضخم بين تصور الهاذين من اوساط شبان التلال لتدمير المسجد الاقصى، وبين اعضاء الجبهة السرية اليهودية آنذاك"، يقول المسؤول الرفيع من جهاز الامن، "رأى اعضاء الجبهة السرية أنفسهم جزءا من الدولة واعتقدوا انهم يساعدون الدولة بأفعالهم، أما "شبان التلال" فهم عالم آخر،أجرأ، وأحزم، لا يرى نفسه منتسبا للدولة، بل على العكس، انه ينفصل عن المجتمع الاسرائيلي".
يفضل رؤوفين حزاك ان يعرف الفروق على النحو الاتي: "رجال المنظمة الارهابية كانوا حالمين بأرجل على الارض. الرفاق الذين تعاملت معهم كانوا رجالا يعتقدون أنهم بالغوا في الهذيان. شبان التلال حالمون محلقون، الهذيانات عندهم بديل من الافكار، انهم عديمو الانضباط ولا توجد لديهم اية حدود". تشهد بذلك خطط "الجبهة السرية بات عاين" التي كشف الشاباك النقاب عنها في السنوات الاخيرة، ولكنه نجح في أن يترجم فقط جزءا من المعلومات الاستخبارية لادلة قضائية. في نهاية الامر اتهم ثلاثة منهم بمحاولة للقتل بوضع مركبة مفخخة الى جانب مدرسة للبنات في شرقي القدس.
في تقدير اللواء اليهودي، طرأ في السنوات الاخيرة تغييران جوهريان، احدهما، أن الحرم القدسي في سياقاته الدينية المسيحانية يشغل دورا مركزيا عند اولئك المتطرفين المتعاطفين مع الجبهة السرية بات عاين أو مؤيديها. والتغيير الثاني هو خطة الانفصال وارادة المتطرفين منعها، وبحسب اقوال المسؤول الرفيع، "هذا هو التهديد المركزي (الى جانب نية قتل رئيس الحكومة) الذي نشأ نتيجة للايديولوجية التي تسمح بعمل عمل متطرف، يزيد الدافع"، على حسب سلم التهديدات الذي أعد في الشاباك والذي يسمى "سلم ديختر"، خطر التعرض لحياة رئيس الحكومة هو في الدرجة 6 - "يتمنون موت رئيس الحكومة" - بينما فيما يتصل بالحرم القدسي التهديد هو بدرجة 7 - "اشارات تشهد على الانفاذ"، لمعنى هو انه في الدرجة 7 "يتحدثون عن كيفية الفعل، الان وفي اسرع وقت".
الى جانب تتبع تنظيمات هذه المجموعة او تلك، يظهر خوف من مفجر واحد، يصعب اكثر تحديد مكانه. يمكن أن يكون شخصا ذا ايديولوجية صلبة "يصل الى استنتاج انه لا تكفي المظاهرات والاحتجاج ويقرر أن يأخذ على عاتقه ان يفعل فعلا بلا اشراك اي احد"، او ما يسمونه في اللواء اليهودي "مفجر نفساني" - وهو شخص غير معروف وغير متوقع، يسرح من مؤسسة للامراض النفسية.
قال الشيخ رائد صلاح – رئيس الحركة الاسلامية – المعتقل في السجون الاسرائيلية مند نحو عشرين شهرا – معقبا على ما ورد في تقرير "هآرتس " : ردي كما قلت مرات كثيرة في السابق أن المسؤول الأول والأخير عن أي خطر قد يقع على المسجد الأقصى المبارك هو المؤسسة الاسرائيلية ممثلة بمكتب رئيس الحكومة والأذرع الأمنية والعسكرية الأخرى لأنها هي التي لا تزال تفرض احتلالها العسكري على المسجد الأقصى المبارك وهي التي شرعنت من خلال أساليب عملها العدائية لكل الجهات الشعبية والرسمية الإسرائيلية الاعتداء على المسجد الاقصى المبارك وما يقال في صحيفة هآرتس أو غيرها من الصحف العبرية في تصوري هذا أمر هامشي جدا ، وهو عبارة عن تبريرات سخيفة على الصعيد محلي أو عالمي لأي اعتداء قد يقع على المسجد الأقصى المبارك ولذلك نقولها منذ الآن أي اعتداء يستهدف المسجد الاقصى المبارك سواء كانت في حجم صغير أو كبير فإن المؤسسة الاسرائيلية الرسمية هي المسؤول الأول والأخير لأنها أصلا هي التي رفعت شعار لا قيمة لاسرائيل بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون الهيكل ، واضح جدا أنهم حتى الآن لم يبادروا الى بناء هيكل ما لأن قناعتهم الباطلة طبعا تقول انه لا يبنى الهيكل إلا على حساب المسجد الاقصى المبارك .
ولذلك احذر على صعيد الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني ألا تنطوي علينا هذه الحيل الإعلامية الرخيصة الذي يشرف عليها بعض الصحفيين العبريين محاولين أن يبيضوا وجه المؤسسة الاسرائيلية من الآن ، أبداً إن المسؤول الأول والأخير هي المؤسسة الاسرائيلية على أي اعتداء كان في الماضي ، على أي مجزرة دموية كانت في الماضي، على حرق المسجد الاقصى, على محاولات تفجير المسجد الأقصى وعلى اقتحامات مازالت متواصلة حتى الآن في وجه النهار للمسجد الاقصى أو عن أي اعتداء قد يقع بعد وقت قصير أو بعد وقت بعيد .
قال الشيخ كمال خطيب – نائب رئيس الحركةالاسلامية - : "ما ورد في صحيفة هآرتس هو دليل آخر على ما سبق وقلناه نحن في الحركة الاسلامية بان الاقصى في خطر وخطر كبير ، تأكيدات وزير الأمن السابق تساحي هنغبي ثم رئيس جهاز الشاباك افي ديختر يبدو أنها لم ترتقي بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية والسياسية لدرجة التعاطي مع هذا الموضوع بما يتناسب وخطورة الموقف وان كانت صحيفة هآرتس أو غيرها من الصحف يبدو أنها تشتم رائحة الكارثة القادمة مع الأسف أن التحذير من هذا الخطر إذا كان من مصادر اسرائيلية انه يكون موضوعيا وذا قيمة ، بينما إذا كان التحذير من الحركة الاسلامية أو من جانب فلسطيني آخر فانه يعتبر تحريضا ودعة للعنف .
وأضاف :" أنا اعتبر أن الاعتداء على السجد الاقصى المبارك فعلا لم يعد مطروحا للنقاش كونه سيكون أو لا يكون ، بقدر ما أن السؤال هو كيف ومتى سيكون ، فبالتالي فان الاعتداء على المسجد الاقصى المبارك هو مرتبط أصلا بقناعات الجماعات اليهودية والتي تدعمها أحزاب سياسية تحت قبة البرلمان الإسرائيلي ، التي تؤمن بضرورة بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الاقصى المبارك ، ولا أن يكون لهذا علاقة بمشروع الانسحاب من غزة ، لكن يبدو أن معارضي الانسحاب يفكروا في اعتماد وسيلة غير عادية تكون سببا لوقف الانسحاب أو تأخيره .
وتابع الشيخ خطيب : " سبق وان قدمنا نصائحنا وملاحظاتنا ونؤكد عليها اليوم فهي موجهة بالدرجة الأولى للجانب الإسرائيلي حكومة وشعبا ، أن عليهم أن يدركوا أن أي اعتداء على المسجد الاقصى المبارك سيكون له تبعاته المدمرة على المنطقة كلها ، ومع كثرة الأطراف الخاسرة نتيجة تلك التبعات والآثار ، إلا أن الجانب الإسرائيلي اليهودي سيكون هو الأكثر خسارة، لا لشيء إلا لأن المسجد الاقصى المبارك له مكانته وموقعه العقائدي في نفوس المسلمين .
وعليه فان المكانة المتميزة للمسجد الاقصى في قلوب المسلمين تجعل أي اعتداء عليه لن يكون أمرا عاديا بل ستكون له انعكاساته العالمية وليس المنطقية حتى ، كذلك انصح من تغريهم قوتهم هذه الأيام بأن لا يعطوا الفرصة لأي أذى يقع على المسجد الاقصى المبارك ، لأنهم سيندمون حقا سيندمون .
في قراءة متأنية لفحوى تقرير ملحق " هآرتس " كتب الشيخ صالح لطفي الباحث في مركز الدراسات المعاصرة في أم الفحم :
" توالت في الاسابيع الأخيرة المقالات والتحقيقات التي تناولت مستقبل المسجد الاقصى المبارك ، خاصة تلك المقالات التي كتبها الباحث والصحفي نداف شرجي في صحيفة هآرتس ، المتسمة بالجدية والرزانة العلمية ، مما يعطي هذه المقالات ثقلا وأهمية خاصتين ، ومن الواضح أن الجدل الاعلامي الاسرائيلي حول الانسحاب وعلاقة ذلك بالمستوطنين عموما وشباب التلال وعلاقة ذلك بين اليهودية كدين في بعدها الغيبي " الماستيكي " والإحلالي المادي والفراغ الروحي الذي يعاني منه المجتمع اليهودي وحل هذه الاشكالة بإستيراد أزمة دولية يدفع ثمنها المسلمون الذين يعانون اليوم من حملة دولية شعواء تقود كبرها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والاتحاد الاوروبي وروسيا واسرائيل ، حملة تهدف الى خلخلة الاسلام ومقدساته ، وكأن مشهد المساجد في الضفة الغربية والشيشان والعراق والبوسنة ، هو الذي يجب ان يتكرر في مصادرة الازمة الاسر يهودية ، ولكن هذه المرة في موقع مقدس يصيب كبد المسلمين ، الملتزم منهم والعادي ، ذالكم هو هدم المسجد الاقصى المبارك ، وقصة هدم المسجد الاقصى المبارك في العقلية اليهودية بدأت منذ الاحتلال عام 1967 وما زالت حتى هذه اللحظات ، بيد انها في هذه الظروف التي نعيش ترتبط بثالوث خطير لا يقل عن ذي قبل ، إنما طور نفسه واستعد أكثر ، وأصبح أكثر أيديووجيا ومجردا ، المسيرة السياسية وما نم عنها حتى هذه اللحظات من خطة الفصل الأحادي ، والمدارس الدينية التي أرتبطت بالهيكل والسعي لبنائه وإعماره على أرض المسجد الاقصى ، سواء بهدمه أو بجانبه ، والتشدد الاصولي الديني اليهودي الآخذ أنفاسه من الحاخامات والتفسيرات الغيبية والفلسفية للعلاقة بين الواقع الذي تعيشه اسرائيل دولة ومجتمع ، ووضعية المسجد الاقصى المبارك . حيث ترتفع أصوات دينية يهودية تزعم أن السبب المباشر وراء ما يصيب اليهود من نكبات وبالذات مسألة إخلاء المستوطنين من غزة سببه بقاء " جبل الهيكل " المسجد الاقصى بيد المسلمين " الغوييم " ، وفي هذا يقول أوري اليتسور محرر مجلة نكوداة – مجلة اليمين والمستوطنين - : " أن تسيطر على أرض اسرائيل دون السيادة على جبل الهيكل ، أشبه بالحب الافلاطوني – هآرتس 12-12-2004 – ووفقا لفلسفة الراب مردخاي الياهو فإن بقاء " جبل الهيكل تحت السيطرة الاسلامية يضعف وبشكل مستمر إمكانية اسرائيل التعاطي والتعامل مع مشكلاتها والضغوط النازلة عليها ، سواء كانت هذه المشاكل او الضغوط محلية أو خارجية .
وتأريخا ثمة علاقة بين ارتفاع وتيرة التهديد بهدم الاقصى وبين المُعطى السياسي الذي تتشكل في ظله الوضعية السياسية والحراك السياسي في الدولة ، فقبل 25 عاما عندما تمت اتفاقيات كامب ديفيد الاولى والانسحاب من سيناء ومن مستوطنة ياميت اعرب الراب يوشعا بن شوشان آنداك عن قناعته بضرورة تدمير /قصف المسجد الاقصى لوقف الانسحاب كما اعتقد( ان سيطرة المسلمين على الهيكل هي السبب في المشاكل التي يعانيها شعب اسرائيل ، وان سيطرة المسلمين على جبل الهيكل تمنحهم القوة الروحانيه ومنها يستمدون قوة وجودهم على هذه الارض ) هآرتس 11/11/2004
وهذه الأيام يقوم بحملة التهديد على المسجد الاقصى مجموعات من المتدينين اليهود ممن يحسبون على التيار الديني المتشدد او على التيار الديني الوطني او على المدارس الدينية التي تؤمن "بالكابالاة" والتفسيرات والنبوءات وتترجم معتقاداتها الى ايديولوجية تمنحها القوة العملية ، وعلى رأس هؤلاء الحاخام يسرائيل ارئيل والذي يعمل رئيسا للمعهد الديني " معهد المعبد " والتخصص في ادارات المعبد التي يجب ان تتواجد وفقا للشريعة في الهيكل والمعبد اثناء قيامه وبعد قيامه .
واذا كانت صحيفة هآرتس قد كشفت عن المؤتمر الذي عقد يوم الاربعاء (21/12/2004 )حول (الصراع على الارض والعلاقه مع الهيكل ) ،وقد عقد المؤتمر في المدرسه الدينيه كوتيل في قلب المدينة القديمة ... ولعل في هذا الأمر أكثر من مؤشر ودليل على العلاقة بين السياسي والايديولوجي والديني ومستقبل هذه الدولة في العلاقة مع المسجد الاقصى المبارك ...
الراب يسرائيل آرئيل يعتبر الانسحاب من قطاع غزة وترك البيوت هو في الأساس عقاب من الله على اهمال جبل الهيكل .
اما الراب يسرائيل روزان فيرى ضرورة الوصول مع المسلمين الى تسويه لبناء المعبد / الهيكل ولكن يعتقد ان الانسحاب من قطاع غزة يعود كذلك الى " ضعف في القلب الذي هو جبل الهيكل والصلة معه فإن هذا الضعف ينسحب على باقي الاعضاء البعيدة عن مصدر الحياة ـ الهيكل ـ ومن ذلك ما يحدث معنا في جوش قطيف ".
ولذلك فان نظرية العلاقة بين جبل الهيكل كمصدر للقوة والتأثير على الواقع السياسي أضحت تمثل أكبر قطاع من دعاة إعادة بناء الهيكل سواء بتدمير المسجد الاقصى أو بناء الهيكل الى جانبه .
وفي هذا السياق يقوم الشاباك بالاعلان بين الحين والآخر عن وجود تنظيمات يهودية قد تقوم بعمليه خطيرة ضد المسجد الاقصى المبارك ، بحيث تتناغم مسألة هدم المسجد الاقصى مع الضغط السياسي حول مسألة الانسحاب والاخلاء . ويضاف الى هذا بروز المدرسة الكابلية الجديدة مما يطلق عليهم الدردعيون وهو مصطلح يطلق على مجموعه من الشباب اليهودي اليمني المتدين الذي يتخذ من تراث الحاخام المشهور "الراب رمبام " نبراسا وهاديا , ويعتقدون بضرورة هدم المسجد الاقصى المبارك , ويتخذون من العرب عدوا اساس الى جانب الثقافة الماديه الغربيه ...
وهذا الفريق من الناس تتسع رقعته ليضم شباب التلال وشباب حركة كاخ الدينية وأعضاء الحركة السرية "بات عاين" حيث تضم قياديين عسكريين سابقين ورجال كوماندو وأعضاء وحدات خاصة وطيارون ( يعيشون في مستوطنة "بات عاين " ويعيشون حياة مجردة جدا )
وهكذا فإن المسجد الاقصى كما يبدو من جملة التحقيقات الصحفية والتحليلات السياسية , قد يدفع ثمن الشيزفرونيا الدينية والمجتمعية الآخذة بالتأصل في المجتمع اليهودي المتدين الذي يضم الى جانب المتشددين الأصوليين أصحاب السوابق من متعاطي السموم والمخدرات ممن يطلق عليهم التائبون .
إن المسجد الاقصى المبارك يقع اليوم بين كماشة التشدد الديني والتفسيرات الكابالاية والنبؤات المبنية على رؤى دينية , وبين الوقائع والأوضاع الأمنية . وفي مثل هدا الوضع يمكن أن نتوقع كل شيء ولكن من الواضح أن حدوث أي مكروه للمسجد الاقصى المبارك سيفجر المنطقة بالكلية , ولن يجدي اسرائيل ولا مؤسساتها عندئذ نفعا , فإسرائيل إن سمحت لهذه الفئات التي تتلقى القبول والدعم من المؤسسة الرسمية بشكل أو بآخر , فإن اسرائيل ستكون أمام حرب دينية , وعندها لن تستطيع المؤسسة أن تتجاوز هذه الأزمة , فاسرائيل كدولة اليوم , وأكثر من أي وقت مضى مرتبطة كمصير بمجموعة من المتطرفين تسعى لتحديد مصير هذه الدولة عبر تنفيذ نبوءات وفلسفات لتحيل الوضع الراهن الى ذر الرمال في العيون أمام المستقبل المجهول , الذي سيغير وبالقطع وجه الشرق الأوسط بالكلية ويعيد تشكيل القوس الاسلامي الآسيوي .