لعل الحضور اللافت للحاجة رفقة البايض (58عاما) من مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله بالضفة الغربية بلوحتها التي تعلق داخلها صور لإبنيها وإبنتها المعتقلين جميعا في سجون الاحتلال بات أمراً مألوفا في الإعتصامات والمسيرات والتظاهرات المتضامنة مع الأسرى في سجون الاحتلال والمطالبة بإطلاق سراحهم.

فالحاجة رفقة التي ترتدي ثوب فلسطينيا تراثيا يحولها إلى رمز للصمود والوقار، لم تكلل يوما منذ خمسة وعشرين عاما وهي تواصل المشاركة في المسيرات والإعتصامات والتظاهرات أملا ان تسهم في إطلاق سراح أبنائها شريف ومحمد وإبنتها هيام الذين يعتقلون في سجون الاحتلال. تقول الحاجة حول الإعتصام الأول الذي شاركت فيه للتضامن مع الأسرى كان عام 1982 حيث قمت وأهالي الأسرى بالإعتصام أمام مقر الصليب الأحمر في القدس المحتلة لمدة أسبوع كامل، أضربنا خلالها عن الطعام تضامنا مع أبنائنا المضربين في داخل الزنازين والمعتقلات، وبالفعل نجحنا وفي إجبار إدارات السجون على الإعتراف بمطالب الأسرى وتحقيق جزء كبير منها.

بعدها توالت التظاهرات والإعتصامات بشكل متكرر لدعم صمود أبنائنا داخل السجون، وكانت الحاجة ام نمر الصفدي وأم شادي البرغوثي وأم عمر البرغوثي أبرز النساء اللواتي يقدن المسيرات ويحرضن الأهالي والنساء على المشاركة لدعم صمود أسرانا داخل السجون.

وتضيف الحاجة رفقة حتى لو خرج جميع أبنائي من السجون فسيتواصل نشاطي المناصر لأسرى الحرية والمطالب بالتحرير الشامل، فجميع أسرى فلسطين أبنائي وأنا أعمل من أجلهم أيضا، سأستمر في ترك أعمالي المنزلية في أيام التظاهرات والحضور إلى مدينة رام الله للمشاركة فيها.

واليوم غدت الحاجة رفقة البايض ممنوعة من زيارة أبنائها وإبنيها في سجون الاحتلال، والحجة ذاتها "الدواعي الأمنية" هكذا ينقل الصليب الأحمر رد الاحتلال على طلبها لزيارة أبنائها المحتجزين في سجن النقب وإبنتها التي تقبع في سجن تلموند العسكري داخل الخط الاخضر.

توضح الحاجة رفقة لم أتمكن منذ ثلاثة سنين من رؤية أبنائي وإبنتي داخل سجون الاحتلال، حتى في يوم محكمتها منعنا أيضا من رؤيتها بحجة وصلونا متأخرين عن موعد المحكمة، لكن إصراري على الحديث معها وطلبي المتكرر من القاضي أسهم في تخفيف جزء من معاناتي حيث سمح لي بالحديث معها من خلف جدار ولكن لم يسمح لي برؤيتها.

تضيف البايض أشعر بالمرارة الدائمة حسرة على أبنائي الذين أتمنى أنا أراهم قبل أن يحصل لي مكروه لا سمح الله، دوما أفر بهم ولا يمكنني تخيل حياتي دون رؤيتهم، كثرة التفكر أصبحت تسببي الأرق الدائم إضافة إلى الأمراض العديدة التي بت أعاني منها الآن وأبرزها مرض السكري.

وحال الحاجة البايض حال ألفي عائلة فلسطينية لا تسمح لهم سلطات الاحتلال بزيارة أبنائهم داخل السجون منذ بداية انتفاضة الأقصى، بحجة المنع الأمني الذي لا يعرف ما يقصد به، بينما تجد ان أغلبية الآباء والأهمات هم من كبار السن وليسوا من الشبان ولا يوجد تفير لمنعهم من زيارة أبنائهم سوى سعي إدارات السجون للضغط الأسرى وكسر روحهم المعنوية المرتفعة والمقاومة دوما.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية