فمن حيث عالم الفكر تارة والسياسة تارة أخرى التقينا بالمدوّن عبد الرحمن الحركاتي صاحب مدوّنة ( الفكر الحر ) فكانت انطلاقته التدوينية قرابة عام 2007 م على عالم – مكتوب – الذي بدأ فيه عالمه الشخصي المهتم فيه بالشأن السياسي السعودي بشكل خاص كونه من أبناء المملكة العربية السعودية ، فكان لابدّ وكما نرى الكثير يتحول ويتغير مع متغيرات دورة الحياة إلى أن ينتقل لمدونته بشكل مستقل ، حيث توجه إلى التدوين الشخصي أو طرح بعض الآراء والأفكار الشخصية إلا أنه كما أوضح وكشف لنا في المستقبل سيعود إلى نيته الأولى التي دخل وبدأ فيها في عالم التدوين .
كان لاختيارنا هذا المحور عالم التدوين الإلكتروني لنرى مدى توافق المدونين في انتشار التدوين من قبل الشباب والفتيات ومنافسته لساحات الإعلام بشتى وسائله ، كما سنكشف جميعًا عن مستقبل هذا العالم بعدسات تدوينية مقرّبة وعديدة .
فيقول المدوّن الحركاتي بأن التدوين مساحة حرة بعكس الإعلام الخارجي سواء المقروء أو المسموع أو المشاهد فهذه الأخيرة لها وعليها قيود ، أما التدوين الإلكتروني فهو كما ذكرت آنفًا بأنه مساحة حرة لطرح الآراء ومن ظواهر ذلك نرى بعض الكتّاب الصحفيين والمراسلين للقنوات لهم مدونات يطرحون فيها أفكارهم وينشرون بهم ما لم تنشره تلك الوسائل ، فالتدوين مساحة ملائمة لأقلامهم الحرة . فكما أن حرية الكتابة وحرية القلم في عالم التدوين الإلكتروني هما أهم أسباب توجه العديد من الشباب والفتيات لهذه المساحات فتبقى هناك أسباب أخرى منها أنها مجانية فالمدونات كالوورد برس وقوقل داعمين للتدوين الإلكتروني وبإمكان أي شخص أن يفتتح مدونته بأي وقت وأي مكان ولأي مجال دون أن يواجه أي مشقة في ذلك سوى تعبئة البيانات إن كان مشقة ! ولكن هناك سبب آخر وهو البساطة في طرح الأفكار والتدوينات وحتى الأخبار فليس بالضرورة أن تكون التدوينة ذات أسلوب معين أو حرفية معينة فهذه أيضًا من الأسباب التي تدفع الشباب والفتيات إلى التدوين ولكن هذه ليست فقط هي الأسباب الموجهة لتدوين بل أن مرحلة الشباب بحد ذاتها هي مرحلة حب الظهور ومرحلة تنافس فكل ذلك يعتبر دافع للتوجه للتدوين والمؤكد أن هناك الكثير من الأسباب للتوجه لهذا العالم ولكن هذه بعضًا منها ..
من جانب آخر ذكرت لنا المدوّنة صفية الجفري والتي كانت تزاول التدوين الإلكتروني على مدونتين أولهما ( قبل المداولة ) والتي مزجت فيها الفكر الإجتماعي وبهذا ندرجها تحت المدونات الفكرية الاجتماعية ، فوضعت فيها مرادها مع بعض المذكرات والتأملات الشخصية وأخرى تم إنشاؤها أواخر أكتوبر عام 2008 م حملت عنوان ( كنت هنا ) على أساس أنها أصبحت هي المدونة الخاصة للذكريات الشخصية والتأملات ، ومدونة ( قبل المداولة ) خالصة للتدوينات المتخصصة أو القريبة من همها الفكري أو الاجتماعي .
فالمدوّنة الجفري تتفق بعض الشيء مع المدوّن الحركاتي في أسباب توجه الشباب المدوّن اليوم لهذا العالم حيث نراها تقول : بأنّ المسالة مرتبطة بتوجه عام نحو التعبير سواء في الكلام أو الكتابة وهناك جرأة عمومًا في ذلك دون إدراك حقيقي للميزان الذي يوزن به الجيد من الضعيف سواء على مستوى المتكلم أو الكاتب أو مستوى المتلقي ، وبالتالي بشكل عام فحسب هناك توجه للتدوين الإلكتروني .
في نفس الجانب نرى المدوّن طارق المبارك صاحب مدوّنة ( أحاديث على شرفة ) بأن تكون مدونة فكرية تهتم بعالم الأفكار والجدل الإجتماعي حولها ، فيخبرنا متفقًا مع سابقيه من المدونين بأنه هناك على مستوى الشباب انتقال معقول في عالم المنتديات إلى المدونات،ليس بكبير جدًا ولكنه يتصاعد بشكل لافت خاصة في السنتين الأخيرتين والسبب في هذا التوجه بأنه هناك رغبة دائمة لدى الإنسان للبوح عن ما في نفسه والتواصل مع الآخرين حول أفكاره ، فوجدت هذه الحاجة تعبيرها في عالم التدوين .
أمر مهم قد أثرناه في تساؤلاتنا مع المدونين ، ألا وهو مستقبل المدونات الإلكترونية ، فيقول المدوّن عبد الرحمن الحركاتي عن هذا الأمر بأن مستقبل التدوين في تقدم والسبب في ذلك ثلاثة أمور ألا وهي ، أولاً : ما يدعم التواصل بين المدونين وترابطهم ببعضهم مثل موقع ( الفيس بوك و تويتر ) وكمدونين سعوديين لدينا ثلاث قروبات تقريبًا كلها بإسم التدوين السعودي وللتواصل فيما بين المدونين ، حتى أن التواصل عن طريق هذه المواقع أو حتى المدونات نفسها كسرت كثيرُا من الحواجز التي في واقعنا مثل تواصل الرجل بالمرأة لدينا كمجتمع سعودي . الأمر الثاني فهو الملاحظ في التدوين بأنه لم يعد شخصيًا فقط فنرى هناك ظهور مدونات تهتم لفكر معين أو أفكار معينة مثل مدونة ( مالك بن نبي ) ومدونة باسم ( كتب ) وأخرى خاصة للقراءة وتبادل الأفكار وغيرها ، فهذه النقطة تحديدُا تعطي برأيي مستقبلاً للتدوين له تأثيره بدرجة عالية من التفوق والتقدم ، وأخيرًا أصبح التدوين وكما يسميه البعض الإعلام البديل مثل أخينا أحمد العمران ( سعودي جينز ) والأخ خالد الناصر ( ماشي صح ) وحتى أن الإعلام أصبح يهتم لبعض قضايا المدونين مثل قضية أخينا فؤاد الفرحان ونقل خبر وفاة أختنا هديل الحضيف رحمها الله .
في جانب المستقبل التدويني تذكر المدوّنة صفية الجفري رأيها حول هذا الشأن معتقدة بأن المدونات ستسمر وسينضم إليها تباعًا من لديهم شيئًا مختلفًا وستظل بشكل ما مؤشرًا عن التوجه المجتمعي فكرًا وواقعًا , وأضاف المدوّن طارق المبارك رأيه بأن مستقبل المدونات مزدهرًًا ومتفاعلاً مع الأحداث الثقافية والاجتماعية ولن يقلل من أهميتها وجود المواقع الاجتماعية كالفيس بوك مثلاُ ، فالمدونات لها وظيفة مختلفة تمامًا .
هذا ونرى بأنّ للحديث في شأن التدوين الإلكتروني ليس بقصير ، كما أنه سيكون له بقية في الأسبوع القادم بإذن الله مع مدونين جدد .