مع بدء الفصل الدراسي الجديد السبت 17 كانون ثاني الحالي، تتجدد معاناة الطلبة المقدسيون التي بدأت قبل عدة أشهر مع البدء بإنشاء جدار الفصل العنصري في هذه القرى، فقد صار يتوجب على كل طالب وطالبة يرغب في الوصول إلى مدرسته داخل المدينة المقدسة، ممارسة " رياضة تسلق الأسوار" التي أنشأها مؤخرا الاحتلال.
وما أن ينجحون بعد عناء في تسلق السور الذي يبلغ إرتفاعه في أحسن الأحوال مترين بينما يصل في أسوئها إلى ثمانية أمتار، حتى يفاجئوا بوجود جنود الاحتلال الذين أولكت بهم حماية مدينة القدس المحتلة سكانها الفلسطينيين الذين يريدون دخولها، ليتعرضوا لوجبة من الإهانات التي أصبحت تتكرر يوميا، يخضعون خلالها للتحقيق عن سبب تسلق الجدار؟ وأين سيذهبون؟ إضافة إلى إحتجازهم لفترة من الوقت.
ولعلها بشرى سارة يزفها الاحتلال إلى أهالي قريتي أبو ديس والعيزرية هو أن أعمال إقامة جدار الفصل العنصري ستنتهي الشهر القادم، الأمر الذي سيخلق حاجزا نهائيا بينهم وبين مدارسهم، وسينتهي بهم الأمر إلى عدم تمكنهم من الوصول إلى مقاعدهم الدراسية.
و على الجانب الآخر الذي تمكنا من الوصول إليه يرى مدير مدرسة المعهد العربي في أبو ديس الأستاذ علي أبو راس أن هذا الجدار سيحد من قدرة وصول الطلبة إلى المدرسة، ففي السابق كان هناك بوابه تمكنهم من دخول أبو ديس أما الآن فقد أغلقت.
ويضيف يحتاج الطلبة للوصول من مدينة القدس إلى مدرستهم الصناعية المرور عبر طريق واحد وهو طريق مستوطنة "معالي أدوميم" الذي سيكلفهم وقتا وجهدا ومصروفا مضاعفا.
وكغيره من الطلبة بعد عطلة قصيرة إستمرت عشرين يوما فوجئ الطالب مجدي أبو غزاله بسرعة إقامة هذا الجدار ، وهو الآن يقف محتارا في يومه الدراسي الأول كيف سنهي عامه الدراسي متسلقا لهذه الجدارن التي جعلت منه شخصا خارجا عن القانون، ويحتاج لعبرها خلسة بشكل يومي، بعيد عن أعين جنود الاحتلال الذين سينكلون به إذا إكتشفوا أمره.
وأكد الطالب طارق زغير، انه في الفصل الماضي كان كثيرا ما يتأخر عن موعد الحصة الأولى بسبب إغلاق مفرق أبو ديس ساعات عديدة في ساعات الصباح الباكر بحجة الفحص والتفتيش، كما يتأخر في وصوله إلى البيت، مما اثر على قدرته على متابعة دراسته اليومية.
وفي هذا الإطار أضاف الأستاذ أبو راس أن وضع هذا الجدار وإستمرار المواجهات التي تقع عليه والتنكيل بالطلبة هناك إضافة إلى الحواجز العسكرية و رائحة الغاز المسيل للدموع كل ذلك حال دون تمكن الطلبة من التحصيل العلمي بشكل جيد.
من جانبه يوضح الطالب طارق ازحيمان،" قائلا:"كانت المسافة من مدرستي في أبو ديس إلى بيتي في القدس لا تحتاج لأكثر من خمسة عشر دقيقة، والآن تحتاج ما يزيد عن ساعة لأستطيع الوصول للبيت، أعاني من التعب والإرهاق الشديدين من الطرق التي عبرتها فلا أستطيع الدراسة بنشاط وانتظام كما كنت سابقا.
ولا تقتصر معاناة الطلبة القادمين إلى بلدة أبو ديس فحسب بل أيضا للخارجين منها، فالعديد من الأطفال يدرسون في مدينة القدس، أم الطفل محمد يحيى المقيم في أبو ديس ومدرسته في الطور، ذكرت أن طفلها في الصف الرابع الابتدائي وفي السابق كان والده يوصله إلى المدرسة بأقل من عشرة دقائق، أما الآن فمن الصعب أن يصل الوالد إلى المدرسة بسبب الإغلاق والجدار ، كما انه من الصعب على الطفل الذهاب وحده إلى المدرسة.
وأضافت والدة الطفل إنها اضطرت لتسجيله في حافلة تنقل الطلبة عبر الطريق الإلتفافي "طريق معالي ادوميم" على الرغم من أن الوضع المالي لعائلتها في غاية الحرج والصعوبة ولا يسمح بذلك.
هل بحق هذا جدار لتحقيق الأمن للدولة العبرية أم أنه جدار لقهر الفلسطينيين وتحويل حياتهم إلى جحيم لدفعهم على الهجرة وترك مدينتهم المقدسة، لتكون خالية من أي فلسطيني كما تحلم بها الدولة العبرية دوما.