أمّــاه
وأشتاقُ ذاك البعيد.. البعيد
إليكِ ومنذ التسابيح جئتُ أقيم الطقوس.. الصلاة
أفتّتُ حُزنا أقامْ
تخلّلَ حتى بطون العظامْ
وما قلتُ آآآه أمّاه
أشتاقُ منكِ الرحيقَ المديد
وهل أخبروكِ بأن الزغاليلَ طارتْ إليكِ
وحطّت قريباً من الروح نزفاً.. وعطراً
كطعمِ الشهادات
ضاءت سكونَ الصديد.؟
وقلبي كطفلٍ سيحبو.. ويسجدُ بين الصهيلين
أنتِ.. وذاك الفقيد
سميران ما فارقا يوم ذكرى
وبين السميرين
رحمٌ تفتّقَ حُباً، وأخرجَ من مُستقرِّ الحقيقةِ
طِفلاً سيُمسي..! شهيد
وأذرفُ دمعي.. تُراهُ يُداوي اشتياقكِ
وتبقين عِقدي الفريد.؟
وأذكرُ في كلّ يومٍ صفاءَ الجبينِ
وعيّنٌ تقطّرُ دمعاً
تقولُ: فداكَ العيون
وتَرجفُ من أجل شوقي إليكِ
فكيف أداري رفيفاً يحدّثُ قلبي
بأنكِ في هدأة الموت أقربُ منّي إليّ.؟
تقولين: أنتَ الحبيب
أقول وقلبي إليك القريب.. القريب
أمّي..
تراتيل سحر رسمت ألوانها على وجنتي فعلّمتني كيف أستنبت ابتسامة من قاع ألم
أحبكِ.. ويوم افترقنا غاب عني من يحبني على وساعة هذا العالم
أحبكِ.. فأنت المحيط، كم غيّب تحت سكونه جنون مداراتي، وكم ضخّ في رئتي أكسير الحياة كلما شارفت على الاختناق.. وكم مخر مركبي عبابه وأوصلني الشراع إلى شواطئ الأمان
كنتُ.. ألاقيك في النور كلما أطلّ فجر، يدك تمسكني في وسط الأنفاق فأخرج على متنها إلى قدري
أحبك.. ثدياً ما زال طعم حبيبات الحليب يعصر شوقي، وأصابعك الراجفة على بريق شقوتي تهدهد التعب عني، وبرائق فرحك تستقبل نجاحاتي الصغيرة
ثم.! غاب عني من يحبني، فضيّعتني متاهات الحياة
بحثت.. بحثت، فلم أجدك إلا في سكون رخامة.! كيف تجرأت وأطبقت عليك.؟
أحبك.. وأرى وجهك في وجوه من يودعن في كل يوم توائم أثدائهن وأقف صغيراً.. صغيراً جداً أمام هرم شامخ على قمّته كلمة أمّ
وهي تنزف حزناً تشتاق إلى رديف جديد، ويوم جديد، ونزف جديد
إليك أمي.. تختصرين كل نساء وطني في دمعتك المحبوسة وراء ألف دائرة حب
أقول لكِ.. لهن.. كل سنة وكل يوم وأنتن الخير.. وبخير
ع.ك
[IMG]kanafani[/IMG]