حَنانَيْكِ، إني قد تعبتُ من الهَوى
وجاءَ إليّ الحزنُ من حيثُ لا أدري
و أصبحتُ مفتوناً بمن لا تحبُّني
ومن ليسَ تريثيني إذا قصّرتْ عُمْري
كما يشرقُ الياقوتُ تصحو عيونُها
بوجهٍ بديعٍ فيه إطلالةُ البدْرِ تذكرتُ من قالوا سيُسعدُكَ الهوى
ألا هل عرفتمْ ما الذي كانَ في صَدْري
لهيبٌ وأحزانٌ وهَمٌّ وشقوةٌ
كأنَّ سِياطَ الحُبِّ قد ألهَبتْ ظَهْري
تدومُ مع العُشاقِ آلامُ عشقِهم
وتُستَنْفَذُ الأفراحُ في أولِ الأمرِ
حَنانَيْكِ، إني قد عَشقتُكِ راضياً
وكنتُ أعيشُ الحُبَّ دوماً مع الفجرِ
فيبدو كقمح الأرضِ حُلوا وناضراً
ويغفو على العينين كالهَمْسِ والسِّحْرِ
فهَلا احترمتِِ اليومَ ما كان بينَنا
وهلا حفظتِ القلبَ من حُمرة الجَمرِ
وهلا اتخذتِ الصِّدقَ في العشقِ مرّةً
فما عُدتُ بعد اليومِ أقوى على الصبرِ
ألا ليتني لم أستجبْ لعواطِفي
ولم أُبقِ روحي في العَذاباتِ والأسْرِ
أحبكِ إني قد تعودتُ أنْ أرى
فؤادي قليلَ النومِ أو شاردَ الفكرِ
أحبكِ مِلءَ الكونِ نوراً وبهجةً
لها نَجمةٌ تغفو على زرقةِ البَحْرِ
ومنها يفوحُ العطرُ حتى إذا بدتْ
تمايلتِ الأغصانُ من روعة العِطرِ
يحطُّ على أنغامِها الطيرُ ليلةً
ويبني له عشاً من العُشبِ والزَّهرِ
أنا كوكبٌ للحبِّ، هل تعرفينَه
تسلَّت به الأحزانُ، فارتاحَ للشعرِ
سمائي سلالٌ من رياحينكِ التي
تراقصَ فيها النورُ من شِدة السُّكْرِ
وأرضي بساتينٌ من الغَيم أصلُها
وأحلامُها الحمراءُ من فِكرةِ الخَمْرِ
حَنانَيْكِ، إني قد تعبتُ من الهَوى
فهلا حَفظتِ القلبَ من سَطْوةِ الهَجْرِ
فإما أُرسّي في السعادةِ مركبي
وإلا فأحزانٌ إلى آخرِ العُمْرِ