وَعِندَ المساءْ
تَعودُ الفراشاتُ من عالياتِ الشجرْ
تُفتّشُ عن حُضنِ زهرٍ
وتَغفو وأبقى على العَهدِ منذُ افتَرَقنا
أعانِقُ وَجهكِ كلَّ مساءْ
وأدفَعُ بالروحِ زَحفَ الغُيومْ
لِتُبدي بَياضَ القَمرْ
أخافُ عليكِ
تمرّ الغيومُ بَطيئاً على ساحَةِ المهدِ
َيخبو البياضُ قليلاً
أفتّشُ.. أينَ..؟
وأرْجُفُ حتى النخاعَ
وَأستلُّ من نَهدةِ الروحِ شَوقاًًً
يُعيدُ إليّ البَصرْ
فَألقاكِ في راحةِ المَستَقَرّ
هُناكَ.. على قِمّةِ الرابيةْ
حَملناهُ
كانتْ بَقايا التميماتُ تَنبُضُ بينَ الرموشِ
وكوفِيَّةٌ من دِماءْ
وَكفٌ تُصافِحُ طُهرَ السماءْ
فأغْرَقتُ في الصمتِ حتى
سَمِعتُ الأذانَ الأخيرْ
وما زال ذاكَ المُسَجّى يَدورُ
وقَلبي يدورْ
وتلكَ المَليكةُ تأبَى الحُضورْ
وتَجتاحُ مني الأمانيْ
تَقولُ افتَرَقنا
لِماذا.!؟
أصَخبُ الجِنازاتِ قاتَلنَ نَبْضيَ
أم
همهماتِ النُشورْ.؟
تجيءُ الفراشاتُ
على حدِّ نَعْشي.. وَذاكَ المُسجّى
فأختارُ نَسغَ البياضِ
وتلكَ الصدورْ
ودَربُ الروابي يَدورْ
ونعشٌ يَدورْ
ويُعلِنُ منذُ أفاقَ الصباحُ
بأن البُغاثَ تُحلّقُ مِثلَ القَضاءِ
وَثورٌ يَخورْ
وشَيخٌ تَربَّعَ نِصفَ الصليبِ
وقلبي الهَدفْ
وإصبعُ كُفرٍ يَدوسُ
فَيُشرقُ لونُ الصَدفْ
بطيئاً يَجيءُ الشِهابُ
فيحملُ من زَحمةِ الوقتِ للريحِ
رَفَّ الطيورِ
تُزغرِدُ تِلكَ الرفيقَةُ.! شَيباً
لقد جاءَ جِبريلُ يا شيخُ
أبشرْ
يُزيلُ غُبارَ التَعبْ
ورَجْفَ التَعبْ
وقَهرَ التَعبْ
لِيُولَد غُصنُ الغَضَبْ
وتَصرُخُ.. قد نالها
أخيراً تَنَفّسَ صَفوُ الصباحِ
وغادَرَ كَرْسيَّهُ للسَماءِ
وأرْخى يَديهِ
فصارَتْ يَداهُ
النِداءْ
وأطْلقَ سِربَ الحَمامِ
لِتقتاتَ من ناثراتِ النُجومِ
ومَوكِبُ عُرسٍ تَنصَّلَ من عَتمةِ العجْزِ
وطارَ على صَهوة من غيومْ
وصارَ الحِكايةَ
ويُحكي قَديماً
بأنَّ الزغاليلَ قالت: حَملتُم أسَانا
فَصِرتمْ نُسورَ البَقاءْ
ونحنُ بَقينا الفُتاتْ
نُعانِقُ حتى بصيصَ الأماني
وتأبى عَلينا
وتِلكَ الحبيبةُ
ألقَتْ عَلينا الظَلامَ
وأسرَتْ
فَصِرتُ كما الشيخ
ماتَ نبيلاَ لِنحيا
وَمَوْتاً أعيشُ الحَياةْ