البحرُ بعيد، والأنهار بعيدة.. وأنا أعبرُ صحراء اليباب وحيداً.
يا إلهي
ستُهلكني حرارة الشمس..!؟
تُراها تُلقيني مجهولاً في هذا المدى..؟ أم تُراها تنتشلني من موت إلى موت آخر.؟
وتعبرُ من البعيد غيمة.. رأيتُ على طرفها قطرة ندى، فلهثت أبحث عن جناحين
من أين لي بجناحين.؟
مملكتي مقابل جناحين
ويرجعُ الصدى حسيراً
من أنت أيها العابرُ ربْعَ الوحشة.؟
أنا.. أنا..؟ يا سارية فوق ظلام العمر، هلاّ هطلت نداك عليّ.؟
كنتُ أجثو كسيراً، أتمنى قطرة.. قطرة فقط لكنها تأبّت، وعبرت سريعاً الى الغرب العميق
البحرُ بعيد، والأنهارُ بعيدة
لساني ما عاد يجتر غير المرّ.. وصدري ضاق.. ضاق حتى حسبتُ الكثب الأخير مرقدي..
لكنها في تلك اللحظة.. أطلت عليّ من علٍ..
يا إلهي
غيمةٌ أخرى قريبة.. قريبة، حوافيها بيضاء، وعلى طرفيها جرارُ عسل، وينابيع سلسبيل
من أنتَ.؟
أذكر أنني رفعت رأسي قليلاً.. ثم.. تلاشيتُ كما ضحالة السراب
نبت ريشٌ على ذراعيّ.. وتبدّل رأسي إلى شكل أليف.. حرّكتهما فارتقيت سدّة الغيمة،
سرعان ما حلّقا بي
رباه.. ما هذا السحر.؟
الأرض لها شكل آخر غير الذي رافقني مسيرة العمر، والفضاءُ رحيبٌ.. يمتدّ ويمتدّ.. يشرقُ
البحر من بعيد، وتأتيني الأنهار طواعية، وسربٌ أبيض يحلّقُ أيضا قريباً من غابة خضراء
حُطّي بي هنا
لا أستطيع فأنا ضباب ليس لي قوائم
حُطّي بي هنا
سأطلقك إلى الريح فحلّق بجناحيك
ثم ألقتني
هويتُ إلى لا قرار.. اقتربتُ كثيراً من سرب البجع.. ورأيتها.!
رباه
تُراها مثلي تعلقت طرف الغيمة تلك، فبدّلتها إلى بجعة بيضاء.؟
وأنا.. أنا.. طائرُ بجعٍ أيضاً
أيتها السابحةُ في سرب لا يخصّكِ.. تعالي إلى فضائي
تعالي نبحث عن شاطئنا فقد فتتني هجيرُ الصحاري
تعالي نعشقُ الضفاف، وتعشقنا، فهناك.. هنا، على مسيرة جناح، تبدأ الحياة
أيتها البيضاء مثلي.. تُراها تتبدّل ألواننا ذات حقيقة.؟
البحرُ قريب.. ونسيماتُ الأنهارِ ترسل على شقْوتنا بساط ندى
وأنا وأنت
حالمين على رُكنيّ القارات
هل نواصلُ الحلم.؟
ليتك تفعلين مثلي، ونقيمُ.. على شاهدتين تحت سماء ما
تعالي.. فلم يبق في العمر بقيّة
تعالي قبل أن ينبلج الحلم.. وتسقِطُنا الغيمة
ويغيبُ بعيداً سرب البجع.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية