"زرتُ دمشق قبل عشرة أعوام، ودخلتُ على الجادة التي دُفن فيها هذا القائدُ العظيم في المسجد الأموي، فكانت اللحظة التاريخية التي لا انساها ما حييتُ.. وكانت هذه القصيدة مجسدة لهذه اللحظة.. ولو بعد حين"
لقبركَ في الليلِ يا سيدي
ضياءٌ من الأملِ السَّرمدي
أطالعُ في سِحرِ أحجارِه
صحائفَ تاريخكَ الأمجدِ
لمستُ الحجارةَ بعدَ ارتعاشٍ
فغنتْ حُبيباتُها في يدي وقفتُ أمامَكَ في رهبةٍ
كأني أحدِّقُ في الفرقدِ
بكيتُ، وأنت تمسِّدُ شَعري
وتمسحُ قلبيَ بالبَرَدِ
***
يتيه المكانُ الذي أنتَ فيهِ
كانك نهرٌ من العَسْجدِ
وتحملُ بعضُ الحمائمِ فخراً
بريقَكَ في ريشِها الأسودِ
كأنكَ حينَ تُقامُ الصلاةُ
تؤم المصلينَ في المسجدِ
ألستَ الذي أدّبَ الغاصبينَ
ألستَ الذي هزمَ المعتدي
فحطين تشهدُ أنك نورٌ
ورمز السيادةِ والسُّؤددِ
وإيلياءُ لا زالَ فيها انتصارُكَ
يمسحُ وجهَ الترابِ الندي
***
أتيتكَ من أمتي متعباً
فمن أين يا سيدي أبتدي
أتيتكَ والحزنُ يحرقُ قلبي
ويقتاتُ.. يقتاتُ من كبدي
هُزمنا مِراراً فلسنا نبالي
كما يسكن الموتُ في الجسدِ
تملكنا العهرُ روحاً وفكراً
فصارَ له الأمرُ كالسَّيدِ
وصرنا نقدِّسُ حكامَنا
ونركعُ للقائدِ الأوحدِ
جنحنا إلى السَّلمِ والمعتدون
سيوفهمُ بعدُ لم تُغمَدِ
فمن يعشقُ النومَ يبقى بليداً
ومن ضلَّ بالسلم لا يهتدي
تركتَ لنا سيرةَ الفاتحينَ
وبأسَ المقاتلِ والأسدِ
فما كان منا سوى أن نضيعَ
ويبلعَنا الدهرُ كالزَّبَدِ
فليتك تظهرُ فينا وتبقى
تقودُ الجيوشَ إلى الأبدِ
***
أتيتك والقدسُ في الأسر تبكي
وصهيونُ قد دمروا بلدي
تخطيتُ كلَّ الحدودِ البغايا
يضحكُ في خَلدي
كأني وأنتَ الأبيُّ العظيمُ
مع الإنتصارِ على موعدِ