وجهك يبسمُ لي
ويُشعُّ بضوءِ الحبِّ الأخضرِ
نفترقُ
وندخلُ تلكَ القاعةَ
أرتجفُ من البرْدِ
الضوءُ الساطعُ يأتي من كلِّ جهاتِ المسرحِ
أقفُ أمام الميكروفون:
سيوفُ فوقَ الرقبةِ
(أينَ المهربُ؟) أصرُخُ
تهتزُّ الحلبةُ
يرتجفُ الناسُ
وينفصلُ الكفُّ عن المقبضِ
ورقابُ الصحبِ أراها
تجأرُ قدَّامي بالصوتِ الهادرِ:
قلْ، أتحفنا بالشعرِ

-أنا لا أقدرُ
هذا زمنُ البتْرِ
وقلبي فوقَ الكفِّ
وأهتفُ من أعماقي:
أظمأُ للحبِّ
فأينَ مياهُكِ يا نهْري؟
(أصلُ إليكِ وأنتظرُكِ شمساً)
قالوا: تهذي
قلتُ: سيوفٌ فوقَ الرقبةِ
قالوا: قاتلْ، ناضِلْ!
قلتُ: فإني أخشى من نهرس يأسنُ فيهِ الماءُ
فقالوا: تُبعث ثانيةً لوْ متَّ
فقلتُ: وإني مازلتُ أُعاني من موتي الأولِ ؟
قالوا: غَنِّ
(انطلقتْ أحزاني شلاّلاً
واختلطتْ كلماتي)
أهتفُ:
أيتها الريحُ الليليَّةُ
عودي
كيْ أدخلَ داركِ
قالوا: الظلمةُ كابيةٌ
قلتُ: فأينَ شموسٌ أعرفُها ؟
تقتلعُ جذوراً يبَّسها الخوفُ ؟
فقالوا: في جيبِ المعطفِ
ضحكوا: (صدري مفتوحُ للريحِ
ودِفْءُ الحضنِ يُحاورُني)
ـ ماذا يحملُ حضنُ حبيبتكَ الخضراءِ ؟
(صَمَتُّ)
أجابوا: باقة وردٍ، وحديثاً بكراً مختوماً
(أتلفتُ إذ أُبصرُكِ الليلةَ تأتينَ
وتلتفتُ الأعناقُ إليكِ
تضِجُّ القاعةُ بالتصفيقِ
وتأتينَ إليَّ
نغنِّي
نرقُصُ
ويُحوِّطُنا الناسُ !
وأُغمِضُ عينيَّ
فكمْ ذُبتُ حنيناً للصدرِ الطفلِ
وللصوتِ الفضَّهْ)
قلتُ: أقولُ القصًّهْ
والأصواتُ الفظَّةُ في القاعةِ (تهدِرُ): نحفظُها !
قلتُ: فإني أختمُها
(وابتسموا)
يا كمْ عانيْتُ ـ وحيداً ـ في طرقِ الصمتِ
غيابُكِ يذبحُني
والآنَ أتيْتِ
ابتهجتْ أيامي، لنْ أتركَكَ
فقدْ عانقَني صوتُكِ
(.. ولماذا ينفضُّ الجمعُ،
لماذا يبعدُ ظلُّكِ وأصيرُ وحيداً ؟

في عينيكِ القمرُ وحيدُ
وغريبٌ قلبي
في هذي المدنِ المكتظَّةِ باللحمِ البشريّْ !)

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية