من نورِ أحمد أضحى الكونُ محرابَا
يقفُو خطاهُ إلى الرحمنِ وثّابَا
الصبح يعزفُ طهرًا من ملامحِهِ
والقلبُ يطرق في معراجِهِ بابَا
يشجيهِ حبٌّ، ومثلي لا يفسّرُهُ
وربّ حب بحرّ الشّوقِ قد ذابا!
يا ليت حِبًّا هواهُ اليومَ يُسعفُهُ
ما ضرّهُ العذل، أو أثناهُ من عابَا
يا سيّد الكونِ يا عطرًا يضوع لنا
مسكًا تملّتْ بهِ الأرجاء أطيابَا
لأنتَ مُهْجَةُ خَيْرٍ في مَحَامِدِهَا
تَسْرِيْ القُلُوبُ إلى العَلْيَاءِ أسْرَابَا
وأنتَ من خَلُدَتْ، بِالذكْرِ أحرُفُهُ
وقتَ الصّلَاة فهلّ الدّمعُ مُنسَابَا
جِذعُ الحنينِ تهاوى دمعهُ دنفًا
فكيفَ بالرّوحِ منّا، شَوْقُهَا صَابَا؟
يا رَحْمَةَ الله هبت في نَسَائِمِنَا
وَنبعَ خيرٍ تَقَاسَمْنَاهُ أكْوَابَا
آخيتَ بالدينِ جَمْعَ النَّاسِ كلّهُمُ
فَمَا تباهتْ بِغَيرِ الدّيْنِ أنْسَابَا
وَكَمْ خَلَعْتَ عَلَى الدُّنْيَا فَضَائِلَهَا
أَقَمْتَ بالعَدْلِ أسْبَابًا وأسْبَابَا
لا شَيْءَ يطفئُ نورًا كَانَ يسرجهُ
هُدَاكَ فِينَا، وَلا مَنْ كَانَ مُرتَابَا
لا خَيْرَ فينا مَتَى غابَتْ دلائلُهُ
وَسيّدَ الجهلُ بالأحقادِ أنْصَابَا
وَعَادَ كلّ غريبٍ نَحْو جنْحتِهِ
يقودُ مركِبَهُ شِيَعًا وأحزابَا
كقاطع الدربِ أنصافًا يفرّقها
كالموتِ يضرمُ كل النّاسِ أحطابَا!
يا سيّدي، ضجّة الدّنيا تميد بنا
وفِيْكَ مَرْسَىً كم اشتقناهُ إذ غابَا
سرنا عطاشًا نجوبُ القفرَ في وجلٍ
الشّمسُ تُنكرنَا، فنعيشُ أغرابَا
متى سنُصبحُ والأرواح دالية
ظلٌّ يميلُ على الرّمضاءِ أهدابَا؟
متى سنُصبحُ والأيّامُ تذكرنا
ركبُ الحبيبِ - وما أنقاهُ- قد آبَا!
الله نسألُ أن يُحيي بسنّتكم
طهر القلوبِ ومجدًا ملّ تسكابَا
لا ينحني رأسُ عزٍّ أنتَ أحمدُهُ
مهمَا استبدّت بهِ الأوجاعُ أحقابَا
صلّى عليكَ إلهي كلّمَا طلعتْ
شمسٌ وألقتْ على الدّاجينَ جلبابَا