أرفــــاقَ دربـــي إنَّنــــا إخـــوانُ

...................... الهــمُّ شـــرقٌ ، والأسى عنـــوانُ

حزني عظيــمٌ والجراحُ عميقــــةٌ

...................... والقلــبُ بين جوانحـــي حيـــرانُ

الحرفُ يبكي والســــطورُ حزينةٌ

...................... والشـــعرُ تذوي فوقـــــه الأوزانُ تغفو على وجهِ القريض بشاشـــةٌ

...................... وعليــــه تبــــدو رِثَّـــةٌ وهــــوانُ

جفَّ الربيـــعُ فلا فــراشٌ راقصٌ

...................... فوق الزهــور ، ولا الشذا رَيْحانُ

ذهبَ الحمامُ مع الهديــلِ وأقفرتْ

...................... تلك الربـــوعُ فسـادَتِ الغِربَــــانُ

والبلبــــل الغِرِّيــــدُ بُحَّ نشـــــيـدُهُ

...................... وتلعثمــتْ في شــــدوِها الكروانُ

دهـــرٌ حزيـــنٌ قد أناخَ جِرانَـــــهُ

...................... فوقَ الصـــدورِ فضجّتِ الأبــدانُ

دهـــرٌ كئيبٌ ، أي جُرْحٍ نابنــــــا

...................... منــه ، وشبَّت في الحشــــا نيرانُ

ســــيّان نبكي أو نمـزَّق أضلعـــاً

...................... ذابتْ علـــى جدرانها الأحــــزانُ

فالصوتُ يبقى في الحناجرِ خنجراً

...................... وتموتُ فوق ظُبَاتِـــهِ الأشــــجانُ

مات الضميرُ وليس نرجو بعـــدهُ

...................... عطفاً ، ومات بموتــــه الإنســانُ

ونعـــودُ للأرضِ التي من أجلهــا

...................... نُظِمتْ عقودُ الشِّعرِ وهي جُمــانُ

الأرض رمـــزٌ للبقـاء ومشــــعلٌ

...................... للمجـــدِ ، تحملُ عبئَــــهُ الأوطانُ

فهواؤها يُشــفي العليــــلَ وماؤها

...................... عســـلٌ ، تفيض بعطره الغـدرانُ

التينُ والزيتــون يزهـــو فوقهــــا

...................... وكذاك جـــاء بذكـــرها القــــرآنُ

نبتت بها شِــيَمُ النفوس على التقى

...................... وعليها سـار الشـــيبُ والشــــبَّانُ

الأرض أمٌّ للفضائـــــــل كلّهــــــا

...................... سَـــهِرَتْ علينا والدجى وســــنانُ

الأرض ذوبٌ من حنـــانٍ غامــرٍ

...................... هشّــــت لهُ بين الحشــا أشـــجانُ

يأوي إليهـــا الريــمُ في خُلْواتــــهِ

...................... وتجــــــول بين تلالهــــا الغِزلانُ

ويرفرفُ القمــــري فوق ربوعها

...................... فيصـــفّق الخــــرُّوبُ والرمَّــــانُ

الأرضُ ميراث الجدود نصونهــا

...................... كالعِرض يحمي عرضَهُ الإنسـانُ

هذي قبـــور الأهل فوق أديمهـــا

...................... حفّـت بها الأزهــــار والأغصانُ

ســـادوا بها لم يتركوها لحظـــــةً

...................... فســـما بها الإعمــــار والبُنيــــانُ

كانوا الجذور وسوف نتبعُ دربهم

...................... ونعلّم الأجيـــــالَ كيف تصـــــانُ

هذا شــــعوري صغتُهُ من مهجةٍ

...................... عصفتْ بها الأشــواق والأشجانُ

ورأيتُ أن الشـــعر يشبه مُسْــكِنَاً

...................... حينـــاً وترجع بعـــده الأحــــزانُ

ما حيلــــة الشعراء غير قصائـــدٍ

...................... ذابتْ على أوتــــارها الألحـــــانُ

ما حيلة الشــعراء غير قصائــــدٍ

...................... كلمى ، تنــــوء بحملهــا الأوزانُ

ما حيلــــة الشـــعراء غير مرارةٍ

...................... مكبوتــــةٍ فـي طيّــــها حرمــــانُ

ما تفعلُ الأشــــعارُ حين تقوضَّتْ

...................... أسسُ الكرامـــةِ والرجــــالُ تهانُ

ذرني رفيقَ الدربِ إني شـــــاعرٌ

...................... شَرِقَتْ بمــــاء دموعـهِ الأجفـــانُ

يســـتلهم الأشـــعارَ وحيَ قريحـةٍ

...................... ضــربتْ على آذانها الأحـــــزانُ

يستصرخ الأبيـــاتَ لكن لم يجــدْ

...................... أحداً ، ولَجَّتْ بالصــدى القيعـــانُ

يستصرخ الأشــــعارَ لكن لم يكنْ

...................... أحــــدٌ ، فأينَ تفـــــرَّق الخِــــلاّنُ

هـــــذا زمـــانٌ تســــتباحُ كرامـةٌ

...................... فيـــه ، ويبكـي نفســــه الإنســـانُ

هـــذا زمـــانٌ للقــويِّ مُسَــــــخَّرٌ

...................... ما عاد فيـــــه للضعيـفِ لســـــانُ

لا تُطفئُ الأشــعارُ ناراً في الحشا

...................... لكنَّهــــا تتوقَّــــــدُ الأذهــــــــــانُ

فلربمــــا يأتي زمــــانٌ صالــــحٌ

...................... فيه تعــــودُ لمجـــدها عدنـــــــانُ

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية