سأحبك بعد الثورة!
بعد انتهائنا من عصر الهمجية
وتوديعنا لوجوه العنجهية
فأنا الآن كأية فتاة دمشقية
لا ألقي بالًا للرومانسية
ويداي لا تجيدان قطف زهور حب وردية
سأحبك
حين نحظى بالحرية
فحماة تعيش مجزرة دموية
وحمص تبكي وترثي ضحكات طفولية
والأرض تكتسي بدماء حورانية
سأعود لحبك
حين ترجع البلابل
وتغرد في ساحات النعمان
وتشق الزهور في أريحا
دربًا من بين الصخور
تبعث الأمل في نفوس اليائسين
تجدد الوعد لكل الثائرين
سأحبك أكثر
بعد أن نسطر في صفحات التاريخ
أن الحرية قد أضحت
لا وهمًا ولا حلمًا
ولا حروفًا يكبتها القلم
إنما هي فرح ولد من الألم
سأحبك بعد الثورة
فقلبي الآن لا يحتمل عشق الآخرين
والشآم تغار من حبي لك
وتعاتبني أنني عشقت يومًا
من دون عينيها عينيْك
وأنني أحببت لحظةً
عبق أناملك ورائحة كفيك
عذرًا يا شآم
ها قد عدت إليك
وتركت قلوب العاشقين
فارقت من هويت لأجلك يا مدينة الياسمين
وروائح المسك في أرضك
وعبق دماء الشهداء على أرصفتك
أزكى من عطور باريس
لا نرجس ولا زنبق ولا سوسن
يضاهي شذى داريا و القابون
وأصوات تتعالى أننا باقون
سأحبك
بعد أن ينزل في حيّنا المطر
يغسل ما جنته أيدي الغاصبين
ينعش من جديد رائحة الياسمين
يغسل أوراق الشجر
فيزهر النوّار
ويطلع الثمر
سأحبك
حين يعود العاصي كما كان نهرًا
وأحمر الدماء فيه يمسي صفاءً
ويستحمّ في مياهه القمر
سأحبك
فانتظر
أو لا تنتظر
فإناث الكون كثر
وانا عربية في عروقي
شيء من جمال أندلسيّ وعناد عثماني وكبر
بعد الثورة سأحبك
إن وجدتك عند تنور جدتي
كما كنت تسترق إليّ النظر
وسأبقى أحبك
إن رحلت وألفيتك مع غيري
تتناسى حبي وتمحو من ذاكرتك فتاة قروية
تركتك وظننت أنت أن حبك في قلبها قد فتر!