ولدتُ هُنا
هذهِ الدّارُ داري
هُنا أنا أبصرتُ ..
أوّلَ شطٍّ وآخرَ شَطٍّ
وأوّلَ بَحرٍ وآخرَ بَحرٍ
من الدّارِ للشطِّ للبحرِ ..
للدّارِ كانَ مداري
تلوّنُ ضحكةُ أقمارِها ألقاً ..
وجهَ ليلي
شموسُ نهاراتِها كُلَّ مطلعِ فجرٍ
تقبِّلُ خدَّيْ نَهاري
وتسبحُ بي موجةٌ من نسائمِ شُطآنِها
لأعالي البِحارِ
أغيبُ عُصوراً وحينَ أعودُ
تكونُ كعادتها في انتظاري ولدتُ هُنا
في فضاءآتِ هذا المَدى
صارَ لي حُلمٌ
صارَ لي وطنٌ في مَداهُ
أنا لا أطيقُ الرَّحيلْ
يطاردُني العِشقُ ليلاً نهارا
وبينَ الجوارحِ يُطفىءُ نارا
ويشعلُ نارا
يشكِّلُني كيفما شاءَ ..
بيَّارةً .. شطَّ بحرٍ ..
مزاراً .. فَنارا
ولدتُ هُنا ..
لا أطيقُ ولو ساعةً
عن هواها الرَّحيلْ
رحيلي هوَ المُستحيلْ
وما زلتُ أسألُ كيفَ وكيفَ
نأتْ بي المَسافاتُ عن حُضنِ حَيفا
وكيفَ تَصيرُ فصولُ حَياتي
خريفاً شِتاءً
وكانتْ حياتي رَبيعاً وصيفا
ولدتُ هُنا ..
من ثَراها كِياني
يُخاطبُني البَحرُ ..
يهمسُ لي البرُّ
أنَّ المكانَ مَكاني
وأنّهما عَرفاني
فلستُ غريباً بِوجهي
ولا بيدي ولِساني
ولدتُ هُنا ..
بينَ أحضانِ حَيفا
وحينَ افترقنا
وظنَّ الطّواغيتُ أنّا احترقنا
تمرَّدَ فينا الهوى فأفقنا
فحيفا من النّارِ أقوى
وما غيرَها كنتُ أهوى
تسافرُ شُطآنُها بَحرُها
في فضاءآتِ شعري خَيالاً وطَيفا
تقبِّلُ جرحاً تَوضَّأَ نَزفا
وما زالَ بينَ يَديها يُصلّي هَواها
ويستمطِرُ الأبجديّةَ حرفاً فَحرفا