عبرتْ مريم ْ
عبرتْ مريم ْ
قامت ْ... نهضتْ ... صرخت ْ
وثبتْ
بينَ سفوح ِالصمتِ الأجدب ِ
مثلَ الوردة ِ هبَّت ْ مريم ْ
هبَّت مريم ْ
هبَّت مريم ْ...... عبرتْ مريم ْ
لم يثقلْها حملُ المدقع ِ بينَ خطاها والأوراسْ
لم يثنيها صخبُ الجندب ِ والحرّاس ْ
لم يأخذها زورُ المشهد ِ
لم يسلبها عنفُ المذبح ِ
لم يحجزها ظلمُ الموعد ِ
لم يرقدها خيطُ نعاس ْ
عبرت مريم ْ.....
منذ دقائق َ عبرت ْ مريم ْ
فوقَ صباح ِالثلج ِ الواقفِ بابَ الروح ْ
أوسعَ من باب ِالتاريخ ِ
وأعظمَ من ِحكَم ِ المعجم ْ
عبرت مريمْ
نظرَ الجرحُ إلى عينيه ْ
قاسَ الأرضَ على قدميه ْ
فبكى دهراً
ثمَّ أفاقْ
ليسَ البابُ ببطن ِالحوتِ
ولكنَّ الجرحَ تألَّم ْ........
منذ دقائقَ عبرت مريم ْ
كانت طفلة ْ
تكتبُ للماضي رحلة ْ
تكتبُ للزمن ِ القادم ِ خيطَ الأشواق ْ
كيفَ ستغدو نورسَ شجوٍ بينَ شواطئها مثلَ القبلة ْ
كانت طفلة ْ
تنسجُ فوقَ دفاترها حبَّ الرمان ِ
وتغسلُ بينَ مكاحلها شغفَ الخلجان ِ
وتفرشُ عندَ ذوائبها أبهى فلَّة ْ
تحلمُ كيفَ سيأتي يوم تطيرُ بلا أجنحة ٍ من مرمر ْ
وكيفَ ستصبحُ فوقَ شوارعها غصناً أخضر ْ
وكيفَ ستشعلُ دربَ المدرسةِ المرصوفة ِ عنبر ْ
كانت أكبر ْ.......
منذُ دقائقَ عبرت مريم ْ
لم تعبرْ بينَ الرعيان ِ إلى الحانوتْ
لم تعبرْ إلا وهي تدوسُ الليلَ وورقَ التوت ْ
عبرت مرة ْ
نحوَ جبال ِالله الكبرى
أما اليومَ فعادت تعبرُ بالخفينِ إلى نهرِ الياقوتْ
منذُ دقائقَ لم تتأخَّر ْ
فتحت كراسة َواجبها
ألقت عنوانَ قصيدتها
قالت فزتُ وكانَ الدرسُ كبيراً
أكبرَ من أن يُفهم ْ
فهمت مريم ْ.......
منذُ دقائقَ عبرت مريم ْ
صنعت كتفَ وصيتها بيدِ الفرسان ْ
وألقت مظروفَ العنوان ْ
وأنشدَ فيها وترُ الليمون ِ الحجّة ْ
وسجَّل َ أسماءَ الدورِ وأسماءَ السكان ْ
وقالَ طريقُ اللوز ِ هناك ْ
إن عدتُ سأحصي كيفَ يقومُ الصبحُ وتندحرُ الغربانْ
سطعت مريم ْ....
منذُ دقائقَ عبرت مريم ْ
لم تأخذ ْ ظلاً معها
لم تسحبْ من لغزِ اللغة سوى حرفين ْ
لم تكتب بمدادِ البابِ سوى وترين ْ
ثمَّ تعالت فوقَ المعبر ْ
أعظمَ ملحمة ِ الإعرابِ وأكبرَ من قامةِ قيصرْ
زحفاً بينَ المشتاقينَ
وجسراً دونَ المنتظرينَ
وعصراً من زرع ٍ أنضر ْ
منذُ دقائقَ قالت مريم ْ.......
ولدي
لا صدرَ تبقّى عندَ بكاءْ
لا سهرَ تبقّى عندَ نداء ْ
لا موعدَ فوقَ الرزنامةِ في آذارْ
لا لهفة َمشغولٍ بجوارْ
لا ثوبَ سيجلسُ عندَ خطاكَ
وينقلُ قلباً بينَ الشوق ِ وألم ِ نهارْ
لكنَّ الباقيَ ما أرضعتكَ من روح ِ الأسفارْ
لكنَّ الباقيَ صدرُ ترابٍ بينَ البحرِ وبيني َ لن ينساكْ
لكنَّ الباقيَ خطوكَ بينَ وصايا الماءِ وجسرِ النارْ
ولدي فاعلم ْ
هذا دربي
هذا دربكَ
هذا معبرُكَ الآتي نحو سمائي
هذا صبحُكَ بينَ ذراعيَّ الآنَ وينتظرُ فلا تتأخرْ
قالت مريم ْ........