هوَ نَباتٌ لَهُ فَصائِلُ مُتَنَوِّعَةٌ في الشَّكْلِ وَمُتَّحِدَةٌ في حَقيقَةٍ واحِدَةٍ، وَهيَ البُقَعُ الحَمْراءُ الَّتي تَنْسَكِبُ عَلى وَرَقَةِ النَّباتِ الخَضْراءِ..
لا أعْرِفُ مَنْ كانَ وَراءَ هَذِهِ التَّسْميَةِ، قَدْ يَكونُ داروين (عالِمُ الأحْياءِ) أو فرويد (عالِمُ النَّفْسِ)، أو رُبَّما كبلر (عالِمُ الفَلَكِ).. فَقَدْ كانَ العُلَماءُ في السّابِقِ عُلَماءً في كُلِّ شَيءٍ، عَلى عَكْسِ عُلَماءِ الوَقْتِ الحاضِرِ الَّذينَ يَتَخَصَّصونَ في دِراسَةِ مادَّةٍ ما مُبَكِّراً تَكادُ تَحْجُبهمْ عَنْ مَعْرِفَةِ العُلومِ الأُخْرى في حَرَجٍ.
هُناكَ فَرْقٌ بَينَ صورَةِ الحَياةِ وَحَقيقَةِ الحَياةِ، فَصورَةُ الحَياةِ تَلْتَصِقُ بِالعاشِقِ، أمّا حَقيقَةُ الحَياةِ فَإنَّها لِلمُحِبِّ..
إنَّ الإنْسانَ لا يَدْخُلُ سِجِلَّ اللَّحَظاتِ الأبَديَّةِ في التّاريخِ حينَما يَكونُ عاشِقاً، وَلَكِنَّهُ يَحْصُلُ عَلى مَكانٍ لائِقٍ في هَذا السِّجِلِّ عِنْدَما يَكونُ مُحِبّاً صادِقاً.
الفَرْقُ أنَّ العاشِقَ يَعْرِفُ ألْفَ واحِدَةٍ، بَينَما يَعْرِفُ المُحِبُّ واحِدَةً تُغْنيهِ عَنْ ألْفٍ، كَما أنَّ العاشِقَ يَنْسَكِبُ حَيثُ يَشاءُ بَينَ الشَّهَواتِ والرَّغائِبِ في تَحَرُّرٍ يَرْمي بِهِ إلى أشْواكِ الخَوفِ والهَواجِسِ، العَثَراتِ والخَطايا.. أمّا الحُبُّ الصّادِقُ فَيَرْتَبِطُ مَعَ الإيمانِ، لِأنَّ الحُبَّ والإيمانَ عَينا الحَياةِ، مَنْ حُرِمَ مِنْهُما فَهوَ (أعْمى)..
اخْتَرْ ما شِئْتَ، واقْتَطِفِ الأجْمَلَ، لَكِنَّ الأجْمَلَ (الحُبَّ) لَهُ قُدْسيَّةٌ وَطُقوسٌ، هَواءٌ وَماءٌ، وَلا يَتَحَمَّلُ أنْ تَقْبِضَ عَلَيهِ بِكَفَّيكَ لِأنَّهُ سَيَهْرُبُ مِنْكَ مِثْلَ الزِّئْبَقِ تَماماً.
هُناكَ قاتِلانِ لِلحُبِّ: (الحَظُّ والمَوتُ)، وَتَذَكَّرْ أنَّكَ لَسْتَ مَنْ يَمْلِكُ الحَظَّ والمَوتَ.
إذا وَقَعَ الحُبُّ في قَبْضَةِ أحَدِ القاتِلَينِ فَلا تَيئَسْ، لِأنَّكَ وَبِإيمانِكَ سَتَظَلُّ مُحِبّاً حَتّى إذا اخْتَفى الطَّرَفُ الآخَرُ مِنْ أمامِكَ.
الإيمانُ هوَ اطْمِئْنانُ القَلْبِ بِارْتِباطِ الدُّنْيا بِالآخِرَةِ، والبِدايَةِ بِالمَصيرِ..
لا تَنْسَ أنَّ الحُبَّ مِثْلُ الكائِنِ الَّذي يَحْتاجُ لِأنْ تَبْذلَ نَفْسَكَ لَهُ حَتّى تَكْتَشِفَهُ وَتَعْرِفَهُ حَقَّ المَعْرِفَةِ.
لا تَظُنَّنَّ أنَّكَ قادِرٌ عَلى كُلِّ شَيءِ وَحْدَكَ، حَتّى الحُبُّ يَحْتاجُ إلى طَرَفٍ آخَرَ.
لا تُدِرْ ظَهْرَكَ لِلنّاسِ، فَفي ذَلِكَ نِهايَةُ حُبِّكَ لِنَفْسِكَ. أمّا إذا انْتَهى حُبُّكَ لِنَفْسِكَ كَقيمَةٍ بَشَريَّةٍ فَلا مَفَرَّ عِنْدَها مِنْ مَلابِسِ الحِدادِ الَّتي تَرْميكَ في أحْضانِ اليَأْسِ.
اقْتَطِفْ ما قَسَمَ اللهُ لَكَ، واسْتَعِنْ بِجَميلِ الاخْتيارِ وَجَميلِ العَطاءِ.
كَفاكَ نَبْضي
يا عابِراً حائِراً أضْحَتْ بهِ الطُّرُقُ وارتادَهُ شَفَقٌ مِنْ بَعدِهِ غَسَقُ
أسرَتْ لهُ الرّوحُ مِنْ أنْداءِ زَنبقَةٍ غَيداءَ يجْلو صِباها الحُسْنُ والأَلَقُ
وَجْدٌ تَجَنّى الأماني في خَوالِجِهِ حتّى كأنَّ سَواقي نفْسِهِ نَسَقُ
قَلْبٌ تَماهى، وروحُ الصَّبِّ ذائِبةٌ ولا لِمَبْلَغِهِ نَهْجٌ ولا طُرُقُ
هامَتْ معَ النَّفْسِ هالاتٌ مُجَنَّحَةٌ وَلُجَّةٌ عندَها يسّاءَلُ الأُفُقُ
كَأَنْ تَنَبَّهْتَ مِنْ رَيحانِهِ أَمَلاً قارَبْتَ وصلاً مَآبَ الشّمسِ يعتنِقُ
وافقْتَ غُصناً مِنَ الإنباتِ قدْ بسَقَتْ مِنْهُ البَراعِمُ حينَ الفَجْرُ يَنْبَثِقُ
وَضّاءةٌ للجَوى في القلْبِ قدْ سكَنَتْ كعارِضٍ عاثَ في أوراقِهِ الفَرَقُ
نهفو لشَوقٍ وقدْ أصفَتْ نوابِضُهُ هلّا اصطبرْتَ على ما تُضمِرُ الحَدَقُ
يا حُبُّ أذَكى ليَ الآهاتِ فالتمسَتْ مَسّاً منَ الغيبِ فيهِ القلبُ يحترقُ
الثَّغْرُ نايٌ منَ الأشجانِ ضَمّنَهُ مغزى بما ضمّنَتْ ألحانُهُ يثِقُ
مُذْ باتَ وعدُكَ في كَفَّيَّ ما سمحَتْ كفّاي للشَجَنِ المسكوبِ يتّسِقُ
فازدانَ كالصّبحِ وجْهٌ كنتُ أحفظُهُ نادَتْ على رجْعِهِ مِن غفْلتي المُؤَقُ
أخالِفُ الخطوَ عن قَيدي فيَمزِجُني رِقُّ الأسيلِ وسِحْرُ الطَّرْفِ والنَّمَقُ
وصحوةٌ نبَّهَتْها النّفسُ مِن وسَنٍ فراحَ يحدو لها في ليلِها الأَرَقُ
أبيتُ أستبِقُ الأحلامَ تُغمِضُها فتقْتَفي فجْرَها الأسْرارُ والقَلَقُ
ومُهجةٌ مِن سُهادِ العينِ حائرِةٌ لا سابقُ العهدِ يشْفيها ولا السَّبَقُ
وظُلَّةٌ قد حوَتْ رَوْضي مُحاذِرَةً يصْبو لها الوجْدُ والتعليلُ والرَّمَقُ
كدوحةٍ لصَبورٍ عفَّ غارِسُها ما زالَ يُحْصَدُ مِن بستانِها العَبَقُ
يا ضجَّةَ الصّدرِ هلْ في نَهْزَةٍ رَغَدٌ بُقْيا لظنِّكَ مُذْ تاهَتْ بهِ الطُّرُقُ
عهْدي طَويْتُ وأوراقي إلى أمَلي مُذْ خامَرَتْ باعْتِذاري الوَرْدُ والشَّفَقُ
نوّارُ قلْبَينِ يعلو أرضَ مُرتحلٍ رقيقُ وعْدٍ لهُ درْبٌ ومفترَقُ
لا يَنْثَني العزْمُ إلّا عندَ حيرَتِهِ كأنَّهُ الرّوحُ في عَليائها فَلَقُ
وليسَ ماءٌ سِوى كأسَينِ مِن رَمَقي عهْدي وحُبُّكَ منّي الكَفَّ يَسْتَرِقُ
أترعْتَ كأسَكَ مِن نبْضي عريقَ هُدىً كأنَّ ظنّي مِنَ التَّخْمينِ يرتَزِقُ
انْتِظارٌ وحَنينٌ
رَفيفُ الرّوحِ يا أبْهى نَديمِ يُقارِبُ أنْ توفّيَهُ السِّنينُ
وأنْداءٌ تَصُبُّ كُنوزَ عِطْرٍ وأوراقٌ يُصاغُ بها اليَقينُ
وأسْرابٌ تضُمُّ وِصالَ عَهْدٍ من الأنْهارِ تورِقُهُ الغُصونُ
أثيريَ لَنْ أكونَ كَمثْلِ ظِلٍّ لِمهديٍّ على المَثْوى يَبينُ
ومثْلي رَهْنُ كَفّيكَ انْتِظاراً يُصوِّره التّودُّدُ والظُّنونُ
يُجَمِّلُ وصْلَ أشْعاري وشوقي بَعيدٌ لا تُفارِقُهُ الشُّجونُ
ولي أمْسٌ بِأضْلاعي مُقيمٌ تَتوبُ لهُ وترحَلُ يا حَنينُ
سيُرسِلُهُ النَّهارُ نِداءَ قَلْبٍ كَرَشْفاتٍ تُفيقُ لَها الجُفونُ
سَتَحيا يا نَديمَ الليلِ وجْهاً من التَّذْكارِ تودِعُهُ العُيونُ
وتَنْثُرُهُ الكُنوزُ رِداءَ حُلْمٍ من الأسْرارِ يوقِظُهُ السُّكونُ