"إذا ما رأيتم متداعيا إلى السقوط
فادفعوه بأيديكم واجهزوا عليه.
إن كل شيء يتفسخ
ويتداعى في هذا الزمان ،
فمن ترى يحاول دعم ما هوى؟
أما أنا فإنني أريد سقوطه"
فريدريك نيتشه ،
هكذا تكلم زرادشت
( الترجمة العربية ).ص239 سكان العمارة :
- إنـها تنشـق أكثـر فـأكثر !
- هـي تتـصدع...
- ستنشـطـر ...
- هـديــر أول شاحـنـة سيـهـزهـزها ويـهدمـها أرضـا...
- ورب العـمـارة ؟
- هو يرانـا جـماعـة مجانـين مهـووسـين بانهيـار البنـايـات...
مالك العمارة :
لو كـان الشـق أفـقـيـا لـما قامــت كـل هــــــــــذه القيـامـة. لـكـنـه عـمـودي ويـنـخـرها مـن الأرض إلـى السـمـاء. الـحقـيقــة أنـه فـي البـدايــة لـم يكـن بـوسعـي تفهـم شـكــاوي سـكـان الـطابـق الأرضــي حـيـن لاحـظـوا أثــر التـشـقـق ولـذلـك صـحــت فـي وجـوهـهـم :
" العالم كله يتشقق . ألا ترى عيونكم سوى هذه العمارة ؟ "
وعنـدمـا تعـالـت الاحتجـاجـات مـن الطـوابــق العليــا، سارعت بطـلب بنـائـين مهـرة حــاولوا التغـلـب على الشـق بـحيل عجيبـة. تعـامـلـوا مـعـه كـجـرح طـويـل وزرعوه أفـقـيا بـقضـبـان حـديـديـة لـمـنـع امـتـداد الشـق أو اتـسـاعه ثـم أعـادوا إلـصـاق الفـسيفساء والـمنـقـوشات الـجبـصـيـة مـــكـانـها. إلا أن الشـق كــان أقــوى مـن كـل تـجمـيـل وعـاد ثـانية ليشـق بـاقـي طــوابـق الـعـمـارة.
جمعية المهندسين بالمدينة :
لا مفـر مـن إخـلاء العـمارة مـن سـاكنـتـها وهـدمـها قبـل أن تــودي بـأرواح أهـلــهـا وتــخـرب الــوحــدات السـكـنـيـة حـولـها. فـبـنــاء الـعمـارة، أصـلا، لـم يـراع خـصـوصيـة الأرض الــتي أقــيـمـت عـلـيـهـا ثــم إن الـبـنـايـة رغــم واجـهـتـها الـعصـريـة فهـي مبـنـيـة بطريـقة غــير شـرعـيـة فـوق بيـت عـتيـق...
ولـكل هـذه الأسـبـاب فـإن جـمـعيـة الـمهندسـين بالمدينة تـتـبـرأ...
ن– ت – ب – ر – أ .
حـارس العمـارة :
سـيـدي، عـنـدي لـك خـبـران : الأول مـقلـق والثـاني سار .
أمـا الخـبـر الأول، فالـجـرائـد الـمـحـليـة هـذه الأيــام لا تـهـتـم سـوى بـمـوضـوع الـعمـارة وتـنبـش في ظروف بـنـائـها واحـتمـال انـهـيـارهـا وتبـعـات الـكارثـة الـتي يمـكـن أن تتـسـبب فيـها... فالسـكـان اخـلـوا الـعـمـارة ونـصـبـوا الـخيـام حـول إقـامـتـك بـالضـاحـيـة وهـم يـروجـون للـنـزول إلـى الشـارع فـي تـظاهـرة تـناصـرهــــم فيـهـا جـمـعـيـة الـمـهندسـين بالـمدينـة...
أمـا الـخـبر الـثاني،سيـدي، فـهـو قـدوم عـبقـري الـمعمار الـعــالـمي إلـى مـدينـتـنـا للاطــلاع عـلـى مـشـروع بنـاء تـتكلـف بـه شـركتـه الأجـنبيـة. لـهـذا، فاتصـالك بـــه، سـيـدي، قــد يـفـيـد فــي إصـلاح الأمــور.
مع مدير شركة البناء :
- الأمـر بـسـيـط، سـيـدي.
- يسـرنـي أن أسـمـع ذلـك، لكـن كيف ؟
- سـتـحـفر خمس سنتمترات يمين الشرخ وخمـس أخـر يـسـاره. ثــم تـمـلأ الـعـشـر سـنتمترات الـمحفورة من أسفل العمارة لأعلاهـا بـورق الإسـمنت. ثم تلبس كل ذلك بخليط الرمل والإسمنت.
- وسـنـتـخلـص مــن الشــق بـهـذه السـهـولــة ؟!
- خـليـط الـرمـل والإسـمـنت سيـلتصـق بـالـورق المحشو فـي الـشـرخ. آنــذاك، زلـج كـمـا تـشاء واطـل جدران عــمـارتـك بـأي لـون تــشـاء فـلا تـخــف ظـهـور شـرخ أو قـيـام احـتـجـاج...
- وهــل سـيـلـتـئـم الشـق مــع مــدار الــزمــن ؟
- كـلا. فالـشـرخ سـيـبقى داخـل الـجدار بنـفس الشسـاعة والـعــمـــق لأن الأرض فــي هــذه الــجـهــــة تــتـنفس، يـا زبـونـي العـزيـز.