1- كريستوفر كولمبس ..
ما زلت أذكره جيداً حين عاد من رحلاته البحرية ، وقد سبقته الأنباء عن اكتشافه القارة الجديدة – في ذلك الوقت – دخل في أول حانة في طريقه ، جلس بين الرجال وهم يجرعون الكؤوس ، اصطدمت أذناه بصوت مترنح يقول :
- ماذا فعل كولمبس ! سوى أنه أبحر غرباً في امتداد المحيط حتى وصل إلي اليابسة .
عندها ابتسم باستخفاف ، ألقى الكأس من يده ، فانتبه إليه كل من في الحانة ، طلب من النادل بيضة ، وقال مستفهماً :
- من منكم يستطيع أن يوقف البيضة على أحد طرفيها ؟
ضحك الجميع ، حاول كل منهم أن يفعل ما بدا لهم سهلاً وبسيطاً دون جدوى ، حتى ارتسمت الدهشة على وجوههم .
أخذ كولمبس البيضة وضربها من طرفها المدبب في طاولة المنضدة ، فتهشم الطرف ، وقفت البيضة ثابتة .. فبهتوا وهم يوارون خجلهم بين الكؤوس ..
.. حقاً ماذا لو لم يبحر إليها أحد حتى الآن ؟! 1- كريستوفر كولمبس ..
ما زلت أذكره جيداً حين عاد من رحلاته البحرية ، وقد سبقته الأنباء عن اكتشافه القارة الجديدة – في ذلك الوقت – دخل في أول حانة في طريقه ، جلس بين الرجال وهم يجرعون الكؤوس ، اصطدمت أذناه بصوت مترنح يقول :
- ماذا فعل كولمبس ! سوى أنه أبحر غرباً في امتداد المحيط حتى وصل إلي اليابسة .
عندها ابتسم باستخفاف ، ألقى الكأس من يده ، فانتبه إليه كل من في الحانة ، طلب من النادل بيضة ، وقال مستفهماً :
- من منكم يستطيع أن يوقف البيضة على أحد طرفيها ؟
ضحك الجميع ، حاول كل منهم أن يفعل ما بدا لهم سهلاً وبسيطاً دون جدوى ، حتى ارتسمت الدهشة على وجوههم .
أخذ كولمبس البيضة وضربها من طرفها المدبب في طاولة المنضدة ، فتهشم الطرف ، وقفت البيضة ثابتة .. فبهتوا وهم يوارون خجلهم بين الكؤوس ..
.. حقاً ماذا لو لم يبحر إليها أحد حتى الآن ؟!

2- لا شئ يستقر فوق انحدار الجبل ..
- ياله من علو خادع للنظر !
توقفت فجأة ساعة الوقت في رأسي ، بعدما صعدت إلي القمة ، تدحرج بصري مع حصاة كبيرة انزلقت من تحت قدمي ، ولم تتوقف حتى تاهت في قلب الوادي ، رأيت الثعابين والعقارب وحشرات الجبل التي تبيت في الجحور تفر مذعورة ، تصعد إلي المنحدر ، أحدست أن شيئاً ما سيحدث لا أعرف كنهه . في لحظات غامت الشمس ، رُجت الأرض رجاًّ عنيفاً ، بدلت موضع أعضائي في جسمي ، فشهقت روحي لمرأى الوادي وهو يرتفع عالياً ، والجبل يغطس بليونة .. ينسل هارباً .. ويغوص حتى أصبحت قمته وادياً جديداً .. والماء اللزج تجمع في بحيرة هائلة فوق الرمال .. بعدما كنت في صحراء جافة ، تبدل الحال في لحظة ، أصبحت في حاجة إلي مركب أعود به .


3- الميت ..
لم يكن قلبه ليتسع لأكثر من ذلك .
ظل يشكو من كل شئ ، حتى تحولت الشكوى إلي مطرقة تضربه على رأسه بلا هوادة ، تضخمت رقبته وقد أحاطها بالاختناق .. بالكاد يدخل النفس إلي رئتيه .. خرج بالأمس إلي الحد الذي لا رجعة فيه ..
- ما الداعي إلي كل ذلك ، هون عليك فالحياة واسعة إلي أقصى مدى .
لم يستجب لمواساة صديقه ، دار على شبابيك شقته ، تأكد من إغلقها بإحكام .. تسرب إلي مطبخه .. فتح أنبوبة الغاز عن آخرها .. تسابقت جزيئات الغاز في صوت يوشوش الجيران بعدم التدخل .. خرج إلي الصالة .. تمدد على ظهره ، وجسد الهواء ضغط على صدره بعنف .. تقلبت عيناه في دوائر الضوء الخارج من لمبة السقف .. انضغطت الدوائر وهى تحاول الفرار من الاختناق والدخول ثانية في وهج سلك التنجستين .. حاول أن يهرب مختنقاً .. قذف اللمبة بالحذاء فانفجرت الحوائط بالنيران .
بعيداً عن جسده المشتعل .. لم يزل يشكو من ذلك الكون الضيق !


4- موت ديستوفسكى ..
سمعنا وقع أقدام ثقيلة خلف آذاننا .. صف من الجنود ببنادقهم المشرعة في مواجهة صف من الأرجل المرتعشة يعلوها أشباح مغممة على وشك أن تتبخر أرواحها ، وتترك أخيلة الميتين تحتضن الأرض .. دخلت الأنفاس في أنوفنا كمحيط انساب فجأة في رؤوسنا .. التقت غماماتنا وكل منا يبتلع سنين عمره في شهقة واحدة ، بدون وعى صرخنا :
- ماذا أصاب الطلقات لم تخرج بعد !
نُفخ في البوق ، فتراجع الجنود وأطلق سراحنا ، منذ تلك اللحظة والموت يهرب منا أمام كل خطوة نخطوها .. إنها تجربة أقصى من الموت ، محفورة في أدمغتنا .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية