عزيزتي لجين:   أكتب لكِ هذه الرّسالة وأنا أعلم أنكِ غاضبة مني كثيراً؛ لأنني لم أرافقك إلى جزيرة (روغن)، واخترت السّفر إلى الشّرق. لكنك تعلمين أنني ادخرت من راتبي لمدة عام كامل حتى أستطيع القيام بهذه الرحلة، فمنذ طفولتي وأنا أحلم بزيارة المدن القديمة، ولقد أخبرتك كم أنا متعلق بآثار الشّرق القديمة قدم الزمن، وكم أنا مهووس بتلك الأساطير عن معابده وملاحمه، وكم أنا مغرم برائحة البخور المعتق المتسللة عبر فيافي الصحارى الممتدة امتداد السّراب، والغامضة غموض الأوهام. في رسالتي هذه أبوح لكِ بثلاث كلمات.

الكلمة الأولى: عندما ابتعدت عنكِ اكتشفت للمرة الأولى ماذا تعنين لي! والثانية: عندما رفضتِ المجيء معي شتمتك بأنك عنزة غبية!.لقد كنت غاضباً جداً حينها، فأرجو أن تسامحيني ولا تحقدين عليَّ، فلم أكن أقصد الإساءة. والثالثة: اعترف بأنني كنت مغفلاً عندما فضلت زيارة بعض الأحجار القديمة على مرافقتك!   عندما وصلت في اليوم الأول إلى الفندق تبين لي أن مكتب السياحة قد خدعني بمستوى الخدمة مقارنة بالتسعيرة العالمية؛ فقد كان الاتفاق على أن أنزل في فندق أربعة نجوم مقابل ثمانين دولار في الليلة، وهذا المبلغ يبدو مرتفعاً جداً بالنسبة إلى مستوى المعيشة في هذه البلاد. فالثمانون دولار دخل عامل لمدة شهر كامل هنا. والمشكلة ليست في التسعيرة، بل في أن خدمة الفندق لا تعدل فنادق النجمتين لدينا، وربما أن النجوم هنا تبدوا أقل لمعاناً، لذلك يصل ضوءها خافتاً، فيتدنى بذلك مستوى الخدمة!   وفي صباح اليوم الثاني كان هناك طابور من السيّاح يقف أرتالاً أمام (التواليت)؛ فقد أصيب جميع أعضاء الفوج السياحي بإسهال وقيء شديد. وقد أخبرنا طبيب الفندق أن هذا كان بسبب الخضروات واللحوم التي استخدم المزارعون ومربو الدواجن فيها مواد (هرمونية) من أجل زيادة نموها، والإسراع في تنضيجها، لكنه أخبرنا كذلك بأنه يجب علينا ألا نقلق؛ لأن أجسامنا سوف تعتاد على هذا النوع من الأغذية المسمومة بسرعة كبيرة!   وعندما بدأت التجوال في المدينة، تبين لي أنني نسيت أن أطلب من خدمة الفندق خريطة اجتياز الشّارع إلى جانب خرائط الأماكن السياحية، فقد كانت الحافلات تتدفق في الشّوارع كالنهر دون توقف. والطريقة الوحيدة للعبور إلى الضّفة الأخرى هي السباحة بين تيارات هذا النهر، ولأنني لا أجيد السباحة بمثل هذا النهر فقد كان عليّ أن انتظر طويلاً تحت أشعة الشّمس الملتهبة إلى جانب إشارة المرور، التي أصيبت بعمى الألوان، فلا تعرف غير اللون الأسود. وبينما أنا على تلك الحال إذا بالنهر يتوقف فجأة، توقف كل شيء: الأجسام المعدنية، والأجساد البشرية، كل شيء كان هادئاً، والطريق شبه فارغة، لم أكن أشك حينها بأن إشارة المرور قد استفاقت من غفوتها وبدأت بالعمل، فوضعت حقيبتي على ظهري وعبرت الشارع، وعندما وصلت إلى الضّفة الأخرى جذبني واحد من ثيابي بشدة، فنظرت خلفي، فإذا هو شرطي مرور، وبيده عصاً سوداء صغيرة، يلوح بها فوق رأسي، فرجوته ألا يفعل بلهجته المحلية؛ فأنا كما تعلمين أجيد اللهجات الشرقية، لكنه استطاع أن يتبين من هيئتي أنني سائح أجنبي، فاعتذر لي، ثم أخبرني أنه عليّ ألا أقطع الشّارع عندما يحين موعد خروج موكب السيد المحافظ! سألته إذاً متى أستطيع أن أجتاز الشارع؟ فأجابني عندما تكون الطريق مزدحمة بالسيارات! شكرته على النصيحة. وعندما عدت إلى الفندق مساءً نظرت في المرآة فاكتشفت أنني حصلت على تجربة مذهلة حول كيفية تبدل لون الجلد البشري، لقد كانت لدي معلومات عن حدوث ذلك عند بعض الزّواحف، لكن لم أكن أعرف أنّ هذا ممكن كذلك عند البشر!   لقد كان في خطتي أن أزور مجموعة من الأماكن الأثرية في الشرق، كان أهمها بلا شك بالنسبة لي هو زيارة متحف مدينة الأدراج؛ لرؤية القطعة الأثرية النادرة لإلهة الحب والجمال (الإلهة عشتار)، كنت أدور حول التحفة الفنية الرائعة لالتقط لها بعض الصّور، ثم وقفت أتأمل منظر عشتار الوقور، وهي تقف في سكون شديد، بعينين ناعستين، وقد طوق عنقها بالحلي المشكولة، وزين عضديها ومعصميها بالأساور، وبرز من فوق صدرها نهدين مقببين متجاورين من غير التحام، في حين كانت جدائلها الملفوفة تغطي كتفيها كأنهما شال حريري، وقد صفف الشعر الذي يعلو الرأس كأنه تاج عظيم، يظهر في وسطه مفرق الشّعر كأنه جوهرة مستطيلة الشّكل، تضيق في الأعلى وتتسع في الأسفل. أما الأنف فكان طولانياً مستقيماً من غير عوج، يتبعه فم صغير مشلب كأنه حبة كرز. وقد ارتدت ثوباً طويلاً يغطي معظم ساقيها، ولا يظهر من تحته سوى الجزء الأمامي من قدميها، فكان بإمكاني أن أعد أصابع قدميها وأميزها بدقة، لكن أكثر ما أثار إعجابي واستلفت ناظري هو مشهد الجرة الصغيرة التي تحملها بين يديها، حيث أمسكت عنق الجرة بيدها اليمنى، وبسطت راحة يدها اليسرى تحتها، فكان حقاً مشهداً بديعاً لإلهة الإغراء والجمال، التي سقط في شراكها آلهة العالم القديم، الواحد تلو الأخر. أرجو يا عزيزتي ألا تشعرين بالغيرة من إعجابي الشديد بعشتار، فأنت أجمل جميلات الأرض في عيني، أما عشتار فهي المرأة الإلهة التي حلم بها جميع الآلهة الرّجال. وعليك أن تتخيلي وأنا أتأمل عشتار في محراب السّكينة، وأراقب بصمت كيف لفّت راحتيها حول تلك الجرة، التي ترمز إلى الخصب والعطاء الذي تفيضه الآلهة على أهل الأرض.   وإذا بعامل النظافة في المتحف يقترب من عشتار، ثم يفرغ تبغ (سيجارته) المحترق في تلك الجرة! أصابتني الدهشة مما رأيت، فرمقته بنظرة حادة يملؤها الاستنكار مما فعل، لكنه نظر إليّ بكل برود، ثم حرك رأسه بكل غباء، ورسم على فمه العريض ـ الذي يشبه كهفاً مهجوراً تحيط به الحشائش من كل جانب ـ ابتسامة صفراء، ثم أطفأ (سيجارته) في فم عشتار، ورمى العقب في جرتها! لم أستطع استيعاب ما حدث أمامي، لقد ادخرت المال من راتبي لفترة طويلة، وقطعت كلّ هذه الأميال، وتسببت في إغضابك، وفراقك؛ لأجل مشاهدة هذه القطعة الأثرية النّادرة، وأحظى ببعض الصّور لها، وهكذا بكل بساطة يتجرأ هذا العامل على تحقير حلمي وإهانة عشتار بكل وقاحة، ولم يكتف بنكت التبغ في جرتها، بل أحرق بغبائه المدقع فمها السّاحر!    خرجت من المتحف والأسئلة الحائرة تنهال على رأسي، والدهشة تملأ نفسي، لماذا حدث هذا المشهد؟ وما الذي حمل ذلك العامل على فعل تلك الحماقة؟ هل الجهل؟ هل الرغبة في إغضابي لكوني أجنبياً؟ هل يمكن أن يكون هذا حقاً هو سليل أولئك الذين عمروا الأرض ذات يوم، وشيدوا الصّروح الشامخة في ممالك الأنهار العظيمة؟ وهل هو حقاً وريث فاران ومصر وكوش وآشور وكنعان؟ إذا كان هو كذلك فإن آباءه كانوا يجثون عند أقدام عشتار، ويتوسلون إليها أن تقبل أعطياتهم وقرابينهم، ولم يمنعهم من ذلك أن كانوا سادة العالم!   عندما كنت أقف في تلك اللحظة أمام مدخل المتحف نظرت إلى السماء، فرأيت تلك الغيمة السوداء، التي تكونت من أبخرة الورش، وعوادم الحافلات، ثم نظرت إلى الأبنية الرخامية، التي تحولت إلى كتل من الأوساخ، وأصغت أذناي إلى الصّخب والضجيج القاتل، الذي تعج به المدينة، ثم لفحت وجهي موجة من الهواء السّاخن، فشعرت بفتور شديد يسري في أعصابي، وارتخاء ينتشر في أطرافي. انتابتني حالة من الذهول واليأس، في لحظة واحدة فقد الشرق سحره ورونقه، وتحول من قصص الجواري والغلمان، والقصور العجيبة الخلابة، والينابيع الدافئة العذبة، والجداول الصّافية الرّقراقة، والصحاري الذهبية، والنجوم المتلألئة ... إلى صور قاتمة، وأشباح تطوف حول أطلال مهجورة. كانت مشاعر الخيبة والأسى تتلبسني من أسفل قدميّ حتى أعلى رأسي، فقررت أن أحزم أمتعتي، وأعود من حيث أتيت؛ فلم يعد لدي الرغبة في متابعة هذه الرحلة، عدت إلى الفندق وأنا على نية القفول راجعاً، لكن هناك حدث ما غير هذه النية؛ فقد أخبرني موظف الخدمة أن شخصاّ اسمه مروان اتصل على الفندق من أجلي، وترك لي رقم هاتفه، فتذكرت بالحال أنني قد كتبت لزميلي السّابق في الدراسة (إيميلاً) أخبرته فيه عن الزيارة التي سأقوم بها لبلاده، وتركت له عنوان الفندق الذي سأنزل فيه. حدثته بعدها هاتفياً، وأخبرته بعدم وجود فرصة لنلتقي؛ لأنني سأعود لبلادي، وشرحت له الموقف الذي شاهدته في المتحف، اقترح عليّ أن أؤجل السّفر، وأن أترك الفندق، وأتوجه إلى زيارته في قريته، التي لم تكن بعيدة عن المدينة التي أقيم فيها، ومازال بي حتى غير قناعاتي.   في اليوم التالي وصلت تلك القرية، لم يكن فيها شيء مميز يمكن أن أحدثكِ عنه، أزقة ضيقة غير معبدة بشكل جيد، وبيوت حجرية مجصصة بالجبس، أو أبنية أسمنتية ترتفع بمعدل طابقين إلى ثلاثة، نوافذها واسعة لكنها غير محكمة، معظم البيوت لها أسوار من الحجارة المرصوصة من غير أن يكون لها بوابات. أما تلك التي لها أبواب، فقد كانت إما من الحديد الخفيف أو الخشب الرديء. لكن الهواء كان ألطف، وأشعة الشمس أقل حدة، ولم تكن القرية مكتظة بالساكنين، فكانت الشوارع معظم الوقت فارغة، لا يمر فيها إلا العدد القليل من الأفراد، ولا يسمع المرء فيها ذلك الصخب المميت الذي تفور به المدينة. سعدت برؤية صديقي القديم، الذي أحاطني وعائلته بحفاوة شديدة، فشعرت بالأنس وسُريّ عن نفسي، فغادرتني تلك الوحشة، لكن ما أن انقضت عدة أيام حتى ابتليت بالضجر والملل، فكل شيء كان هادئاً، الزمن يمر ببطء وتثاقل كأنه رجل عجوز، والإحساس بالوقت معدوم كأنه بضاعة كاسدة تباع بالجملة، فلو أراد شخص ما زيارة آخر، يقول له: آتيك في المساء أو في الصّباح، دون تحديد الساعة بدقة، فمجال الوقت مفتوح وكأنه بحر لا ترى شواطئه! وتحديد الموعد بدقة لا يمنع من وجود هوامش تتحرك بمرونة على حافتيه، كأنها رمال قفار تعودت أن تهجر ديارها بيسر مع هبوب كل ريح، وتلك الساعات التي يحملها هؤلاء الناس تكون لتزيين المعصم أكثر مما هي لضبط الوقت. هنا لا توجد مقاهي ولا بارات، لا مسارح ولا مراقص، لا أندية ولا مراكز ثقافية. المتعة بالنسبة لأولئك القرويين مختزلة في ثلاثة أشياء: التبغ والشاي ولعب الورق. وبعضهم أضاف إلى ذلك مشاهدة الأخبار أو البرامج الخليعة في (الستالايت)، والآخر نظيرها في (الانترنت) الذي يعمل بمقاييس السلحفاة، ويمر عبر غرابيل معدة ثقوبها بمقاييس النمل الأحمر. يمكن أن يتعب أؤلئك الناس من أي شيء في الدنيا إلا من الثرثرة. السّعادة مقيدة لديهم بالبساطة، والصّعوبات المعقدة تتولد لديهم من أشياء تبدو لنا في غاية التفاهة. فربما يخاصم أحدهم الآخر لشهور؛ لأنه اختلف معه في لعبة الورق. وربما يضرب أحدهم الآخر ضرباً مبرحاً؛ لأنه نظر إلى فتاة تطل من نافذة. ويمكن أن تندلع معركة شرسة يتراشق فيها حيان كاملان بالحجارة؛ لأن طفلاً دفع طفلاً آخر وهما يلعبان في المدرسة. عندما كنت أستمع إلى أحاديثهم كان يخيل إليّ أن التفاهم بينهم مستحيل، فهم يتكلمون مع بعض في نفس الوقت بشكل عشوائي، وبمواضيع تكاد تكون مختلفة جذرياً، ويصعب أن ينتهي الحديث من غير مشاحنات شخصية بينهم، ويمكن لأحدهم أن يتنازل عن جميع ما يملك، لكن لا يمكنه أن يغير من قناعته أو يقر بخطأ وجهة نظره. يوجد في قواميسهم كلمات ومرادفات تعبر عن جميع حالات الألم والفرح باستثناء حالة الاعتذار عن فعل الأخطاء، ففيها تبقى المشاعر حبيسة الصدر، لا يترجمها النطق؛ لأن التصريح بها في عرفهم قدح بالكرامة الشخصية، لذلك فإن كلمة الأسف على لسان أحدهم أثقل من صخرة صماء. والذي يكون على صواب مرة سيعتبر نفسه أنه دوماً كذلك. وإن تجرأ أحدهم واعترف مرة أنه أخطأ فهذا يعني أنه سيبقى دائماً في المستقبل على خطأ من وجهة نظر الآخرين في أي رأي يقوله. فالغريزة والعاطفة تطغى عندهم على العقل والمنطق، والألوان لديهم سوداء أو بيضاء، حقيقة أو ضلال، شر أو خير، نور أو عتمة، ليس لديهم حلول وسط، بل ليس لديهم القدرة على تصور وجودها. تماماً مثل تقسيمهم الديني: مؤمن وكافر، مهتدي وضال، جنة ونار، فوز وخسارة. مذهبهم في رؤية الأشياء يذكرني بالزرادشتية، إله النور وإله الظلام، وحرب مستعرة بينهما، لا هوادة فيها أو توسط. تعلمهم للأشياء يشبه طريقة الموسوعات، تزعم بأنها تلم بكل شيء وهي بالكاد تذكر عناووين المواضيع، لذلك تجدين أنهم سطحيون بشكل يثير الدهشة. سبرهم للحقائق لا يعدوا ملامسة ظاهرها الخارجي. أما عن مزاعمهم في معرفة كل شيء فلا حدود لها، حتى يصعب تمييز مهنة أحدهم أو خبرته، فجميعهم يعرفون بشكل أو بآخر حول كل الأشياء نفس الأشياء، فيمكن لبائع الأحذية أن يناقش في المسائل الطبية، ويمكن للطبيب أن يتاجر بالعقارات، ويمكن للأستاذ الجامعي أن يعمل ببيع الخردة، ولبائع الخضار أن يعمل صيدلانياً، وللمعلم أن يعمل سائق سيارة أجرة وهكذا...! علاقاتهم تقوم في مجملها على أساس النفاق الاجتماعي، وتبلغ المجاملة الجوفاء بينهم أحياناً حد التورم والانتفاخ، كأنها جيفة متعفنة لا ينتفع منها بشيء، بل هي مصدر أذىً وضرر. فقد يكون أحدهم في غاية التعب والإرهاق ولا يجرؤ على مصارحة ثقلاء الظل من زواره، فيبتسم في وجوههم ويسايرهم حتى ساعات متأخرة من الليل، ويمكن للفقير المعدم أن يتظاهر بالغنى فيسرف بالتبذير، حتى يخرجه الدائنون من بيته. وقد أخبرني مروان أنه يتوجب على أحدهم أن يزور الآخر في أي مناسبة وهو يحمل هدية مكلفة، مهما كانت المناسبة تافهة، حتى أن الهدية ذاتها قد تتنقل بين بيوت عدة حتى تعود بعد سنة أو سنتين لصاحبها الأول، فلا ينتفع منها أحد، بل يذهب ثمنها سدى، ولا تكون سوى (برستيج) لمظهر اجتماعي زائف.   إن إقامتي في تلك القرية كانت تعكس هذا الذي وصفته لكِ، فقد كنت في كل يوم مساءً أذهب برفقة مروان إلى بيت أحد أقاربه، حيث نجتمع على شرب الشاي ولعب الورق والتدخين والثرثرة حتى منتصف الليل، ومعظم الذين كنت أساهرهم كانوا من المتعلمين الذين حصلوا على وظائف حكومية؛ حيث كنت أشاهدهم في الصباح المتأخر يذهبون بتثاقل إلى أعمالهم، وعيونهم محمرة متورمة من طول السهر، ورائحة أفواههم منتنة من كثرة التدخين، لا يعرفون شيئاً عن القراءة أو الكتب، لا يوجد في بيوتهم سوى بعض الكتب والكراسات المدرسية، بالإضافة إلى بعض الكتب الدينية، ليس لهم نصيب من العلم والفلسفة، أو الأدب والفن، سوى ما مروا عليه بصورة ببغاوية في جامعاتهم، أو نتف يتلقونها من وسائل الإعلام. طموحاتهم في الحياة متواضعة جداً، ليس للمستقبل نصيب من أحلامهم وأحاديثهم، عيونهم مثبتة في أعقاب رؤوسهم، لا يستطيعون مشاهدة الحاضر إلا من خلال نافذة الماضي، مسكونون بشبح التاريخ والتراث والتقليد. المحاكاة لديهم مقدسة، والإبداع والاختراع ليسا أكثر من بدعة ضالة، علاقتهم بالأشياء مقلوبة رأس على عقب، كنظام بطليموس في دوران الشمس حول الأرض، فاللباس والأدوات تعطي الإنسان القيمة بدلاً من العكس، لذلك تجدينهم ينفقون معظم ما يملكونه على الثياب والأجهزة. فقد رأيت موظفاً صغيراً يشتري بمدخراته لمدة عام كامل هاتفاً محمولاً حديثاً جداً، وهو لا يستطيع أن يدفع فواتيره الشهرية، وذلك فقط حتى يُنظر إليه على أنه شخص له قيمة، فهو يستمد قيمته من الأداة التي يحملها، وقد يتحول الهاتف من وسيلة إلى غاية، ومن تابع وخادم للإنسان إلى متبوع ومخدوم. كذلك شاهدت شخصاً يمتلك سيارة فاخرة، فأخبروني أنه عامل في سوق الخضر، باع حلي زوجته؛ ليدفع سلفة مقدمة من ثمن السيّارة، ثم سوف يسدد الباقي كأقساط شهرية مجموعها يساوي دخله لسنوات، والغريب أن هذا الشخص لا يحتاج تلك السيارة في عمله بشيء سوى الرغبة في التفاخر على الآخرين، والسعي للحصول على قيمة اجتماعية أكبر من قيمته الحقيقية.   ماذا أخبرك يا عزيزتي؟ لقد رأيت من أحوال هؤلاء الناس العجب العجاب، أشياء تثير الدهشة، تخيلي أنه من المعيب أن يمارس أحدهم الرياضة أمام الآخرين. والرياضة بحد ذاتها لا وجود لها في حياتهم، في حين أنها عادة مقدسة في حياتنا، حيث ترين في الصباح الباكر أرتالاً من الصغار والكبار نساءً ورجالاً يهرولون في الأماكن العامة والحدائق. وعندما خرجت في الصباح أجري في إحدى أزقة القرية لحق بي جمع غفير ممن شاهدني، وهم في حالة من الانفعال والتوتر، وقد أمطروني بالأسئلة إن كان قد حدث خطب ما؟ أو إن كنت بحاجة إلى مساعدة ما؟ لم أفهم ذلك بداية، لكنهم شرحوا لي فيما بعد أن الرجل لا يجوز له أن يركض في الطرقات إلا في المصائب وحالات الاستغاثة والنجدة!   عندما كنت أذكّر مروان بأنه عاش ودرس لفترة طويلة في الغرب، فلماذا لا ينتقد هذه العادات السلبية، بل يتماهى معها، كأنه لم ير ما هو خلافها؟ كان يضحك من غير مبالاة، كأنه لا يهتم لشيء، ويقول لي: إن هذه الأشياء لا يمكن تغييرها، وهي الشيء الوحيد الذي يمتلكه الناس هنا، وتغييرها يعني اقتلاعهم من جذورهم، وتركهم في مواجهة التيار ليجرفهم إلى الهاوية! لكن لم أفهم ماذا كان يقصد زميلي بالهاوية؟ وماذا يمكن أن يسمي الحالة التي تردى إليها مجتمعه إذًا؟!   مرّ عليّ أسبوعان في تلك القرية، وكل ما حدثتك عنه لم يكن لينسني ألم ما شاهدته في المتحف، لم أستطع فهم تلك الإساءة لعشتار، ولم أفهم ما هو المبرر لذلك السّلوك. وقد سألت مراراً مروان وزملاءه في سهراتهم الغبية عن تفسير لهذا الأمر، فلم يفيدوني في شيء سوى السّخرية والاستهزاء بما حدث، وعندما أحسوا أنني أتعامل مع هذا الموقف بشكل جدي، وأنني لا أقبل المزاح فيه، أخبروني بأنهم لا يستطيعون أن يعرفوا سبب تصرف العامل في المتحف على هذه الطريقة، لكن يوجد شخص في القرية هو الوحيد الذي يمكنه أن يفسر لي هذا الموقف، اسمه سامر. طلبت من مروان أن يأخذني إليه في الحال، فاعتذر بأنه لا يمكننا الآن مقابلته؛ لأنه ينام باكراً، والساعة كانت التاسعة مساءً، فاستغربت، هل يوجد في القرية شخص لا يطيل السهر ما عدا الكهول؟ ثم ماذا يعني أنه نائم؟ فقد رأيتهم يزعجون بعضهم بعضاً دون أي تورع، فيمكن بسهولة لشخص أن يوقظ شخصاً آخر في أي وقت من أجل أي شيء من السّفاسف!   كان جوابه أنّ سامر يختلف عن بقية أهل القرية؛ فهو شخص صعب المراس، شديد الصّرامة في تعامله مع الآخرين، لا يتطفل على أحد، ولا يسمح لأحد أن يتطفل عليه، مهما كان هذا الشخص مقرباً منه! قلت: حسناً، إذاً نلتقي به غداً في الصباح.   وفي اليوم التالي تأخر مروان كعادته في النوم حتى الساعة العاشرة، وما أن رأيته حتى ذكّرته برغبتي في الذهاب إلى ذلك الشخص، لكنه أخبرني أن سامر يستيقظ مع شروق الشمس، ويذهب إلى عمله، فلن نتمكن من رؤيته الآن. قلت له: نذهب إليه في عمله، فقد شاهدتكم تفعلون ذلك مع بعضكم من غير حرج، فانتفض صاحبي كأنما رأى عفريتاً، وأخبرني أن العمل عند سامر مقدس، وأنه يفضل أن يحمل على ظهره الأحجار الثقيلة على أن يذهب إليه وقت العمل ويتعرض لتعنيفه الشديد!   لم أكن أصدق أنه يوجد في القرية مثل هذا الشخص، فازداد فضولي لمقابلته، فقلت إذاً نراه في المساء، عندما تعود من وظيفتك، ويعود صاحبنا من عمله!   كانت ساعات النّهار الصّيفي تمر عليّ ببطء شديد، لا أعرف ماذا يمكنني أن أفعل بها، فنظرت إلى رفوف صغيرة مثبتة في إحدى زوايا الحجرة، فوقعت عيناي على كتيب صغير بعنوان "فتح المندل"، استهوتني الخرافات التي يحتويها عن قصص الجن وتسخيرهم، فأعاد إلى ذاكرتي الأحلام القديمة التي كانت تراودني في مرحلة الطفولة عن أجواء الشرق السّحرية والقصص الغريبة التي تحدث في هذا العالم، فأخذت أقطع النّهار بتقليب صفحاته، حتى عاد مضيفي من عمله، فأمهلته حتى أخذ قسطاً من الراحة، وتناول طعامه، ثم طلبت منه أن يأخذني لذلك الشخص، لكنه استمهلني حتى يتصل به هاتفياً، ويسأله إن كان يستطيع استقبالنا. وعندما اتصل به أخبره بأنه قد خصص هذا المساء للمطالعة، لكنه يعطينا موعداً في مساء اليوم التالي.   كانت هذه الإجابة بمثابة الصاعقة بالنسبة لي، هل يوجد في هذه القرية بعد كل ما شاهدته من الفوضى اللامحدودة في العلاقات والعادات شخص يفرغ جزءاً من وقته للمطالعة، ولا يقابل الآخرين إلا بموعد مسبق؟! كان أمراً محيراً، ترى من هذا الشخص؟ هل هو رجل لديه حكمة أو شيء من هذا القبيل؟ لكن مروان ضحك كعادته عندما لا حظ علامات الاندهاش على وجهي، وسمع تساؤلاتي حول هذا الشخص، وقال لي: إن سامر ليس إلا موظف حسابات عادي يعمل في الجمعية الزراعية! كان يعتقد أنه بإجابته هذه يسهل عليّ الأمر، ولم يدر أنه زاد من فضولي وحيرتي،  فكيف سيفسر لي موظف الحسابات الموقف الذي حدث في المتحف؟!   في تلك الليلة لم أشعر بالرغبة في مرافقة مروان إلى السهرة المعتادة، فقد مللت من الترهات والتفاهات التي يتم بها قتل الوقت، وبخاصة أنني وجدت أخيراً ما يستحق الاهتمام في هذه القرية! سامر ... ترى من يكون هذا الشخص؟ وكيف استطاع أن يبني لنفسه موضع قدم ثابتة وسط هذه الرمال المتحركة، حتى صار له كل هذه الخصوصية والمهابة في أعين أهل القرية؟ ولماذا يعتقد مروان وزملاؤه أن موظف الحسابات هذا وحده قادر على إجابتي عن سؤالي؟!   كلّ هذه الأسئلة كانت تمنع النوم من الوصول إلى جفني، فعمدت إلى جهاز (الكمبيوتر) القديم الذي سمح لي مروان باستخدامه، وحاولت الاتصال بشبكة (الانترنت) لفترة طويلة، وعندما نجحت في ذلك أردت محادثتك عن طريق برنامج (الماسينجر)، لكن قدرة تحميل (الانترنت) كانت ضعيفة جداً، فحرمت من سماع صوتك الحنون، غير أن طيفك يا غاليتي لم يفارقني أبداً، فكنت أحادثه وأسامره، حتى دخلت في طقوس النوم، ولم أعد أعي شيئاً، حتى استيقظت في الصّباح على صوت أحد الدّيكة.   جاء مساء ذلك اليوم، وحان موعد ذهابنا لمقابلة سامر، فرأيت صاحبي يخرج علبة (السّجائر) من جيبه، ويتركها على الطاولة قبل خروجنا من منزله! استغربت فعله، فمنذ عرفته في الجامعة وعلبة (السّجائر) لا تفارقه ولا يفارقها، حتى أنه قد تجتمع في جيوبه علبتان في نفس الوقت. سألته عن ذلك، فأخبرني أنه لا يجرؤ على التدخين بحضور سامر، الذي يرفض بأي حال من الأحوال مجالسة شخص وهو يدخن، حتى لو كان رئيسه في العمل!   تبادر إلى ذهني هذا الرجل على هيئة متدين ملتحي، شديد التعصب، غليظ الوجه، جلف الطباع والأخلاق، فخشيت أن يسيء معاملتي لكوني أجنبياً؛ إذ إن لي تجربة ليست جيدة مع بعض المتعصبين، فأخذ قلبي يدق نواقيس الحذر، ونسبة (الإدريناليين) ترتفع شيئاً فشيئاً في دمي كلما تقدمنا خطوة باتجاه منزل سامر. عشر دقائق من المشي السّريع، كنا بعدها أمام بابه، قرعنا الجرس، فخرج إلينا شاب في العقد الرابع، ربعة، يميل إلى الطول، بمنكبين عريضين، وجسم ممتلئ، وعضلات بارزة، وبشرة متقمحة، وشفتين تفاحيتين جميلتين، وعيون عسلية تميل إلى الاتساع أكثر من كونها صغيرة، وقد غزا الصّلع مقدمة رأسه من غير أن يخل بمظهر جبهته العريضة الناصعة، كانت لحيته السوداء القصيرة مصففة بعناية، وشاربه مهذب بدقة، عندما ظهر إلينا وهو يرسم ابتسامة مشرقة على فمه خُيل إليّ أنه القمر حين طلوعه في ليلة معتمة، فما أن رأيته حتى هجرتني جميع وساوسي ومخاوفي، كما يطرد نور القمر أشباح الظلمة. رحب بنا بلطف وحفاوة، وأدخلنا إلى غرفة الضيافة، فأدهشني ما رأيته، كانت رفوف الكتب تملأ جداراً كاملاً من الحجرة، وتمتد من أسفل الجدار حتى تلامس السّقف، لم أستطع منع نفسي من فضول التعرف على عناوين ما تحتويه مكتبته، فأخذت نظرة سريعة وأنا أقترب من المكان الذي وضعت فيه الأريكة، فكان مما شاهدته، كتباً في فن البرمجة العصبية، وتنظيم الحياة، وتطور المجتمعات، ونشوء الحضارات، وعلوم الإدارة والحسابات، ذلك النمط من الكتب الذي هو حديث السّاعة في قاعات البلدان المتقدمة.   حادثنا سامر لساعة بعد أن عرّفه مروان بي، وأخبره عن محبتي للشرق، ومعرفتي الواسعة بتاريخ حضاراته القديمة وثقافته ولغاته، وتقديري لمكانته التاريخية والدينية، فلا يكاد يوجد موضع قدم في هذه الأرض إلا ومشى فيها نبي أو قديس أو حكيم. كان مضيفنا شديد اللطف، لين الجانب، مرح النفس من غير ميوعة أو استهتار ـ كما كان حال من عرفتهم من أهل القرية ـ فكانت شخصيته مخالفة لكل تصوراتي التي بنيتها في اليومين السّالفين حوله. وقد فهمت الآن سر المهابة التي يشعر بها أهل القرية تجاهه، إنه شخص يحترم الآخرين، فلا يستطيع الآخرون في المقابل إلا احترامه! ثم قصصت عليه ذلك الموقف الغريب الذي حدث معي في المتحف، وسألته إن كان يستطيع تفسير ما جرى؟ فأجابني بكل تواضع: أنه غير متخصص بعلم الآثار، وليس لديه خبرة بتحليل سلوك الناس من الناحية النفسية، فما هو إلا موظف حسابات، وخبرته بالمقام الأول تدور في فلك الأرقام والمعادلات، وهو لا يزور المدينة إلا عند الضرورة، لكنه يستطيع فقط من خلال الخبرة كأحد أفراد هذه القرية أن يفهم سلوك ذلك العامل. قلت له: لكني حدثتك عن مشاهداتي لسلوك الناس في قريتك، ولم أستطع إيجاد تفسير لذلك السّلوك أو إيجاد شبيه له، فلم يحاول أحد من أهل القرية أن يسيء إليّ، بل بالعكس تماماً الجميع كانوا في غاية اللطف معي!   قال لي سامر: لقد تسرعت قليلاً في الحكم، ألم تقل إنك شاهدت الفقير يشتري الأجهزة الغالية حتى يحصل على احترام الآخرين؟! قلت: بلى! فأجابني: إذاً ذاك هو، إن احترام الإنسان لنفسه شيء ينبع من داخله، فإذا شعر الإنسان باحترامه لنفسه استطاع أن يخلعه على الأشياء من حوله، وإذا لم يجده في داخله بحث عنه في خارجه، ربما وجده في جهاز الهاتف المحمول، أو في حذاء يحمل (ماركة) مشهورة، وبذلك يحدث المسخ في علاقته مع محيطه.   أما حالة عامل النظافة الذي رأيته في المتحف فهي أكثر خطورة، إن الإنسان عندما يبحث عن شيء في خارجه ليستمد منه قيمة أو يجعله محترماً، فذلك مؤشر على أنه لا يزال يشعر بإنسانيته، وطالما أنه إنسان فهو يحتاج أن يكون محترماً، وبالتالي يبحث عما يحقق له هذه الغاية في الأشياء التي تحيط به، لكن هذا الإنسان إذا كان لا يزال يشعر بتفوقه على الأشياء، في الوقت الذي يعطيها المجتمع قيمة أكبر من إنسانيته، فإنه قد يلجأ ـ كنوع من الاحتجاج ـ إلى السّخرية من تلك الأشياء بالتمرد على سلطانها، أو بإلحاق التلف بها والعبث بقدسيتها. كيف لا، وهي تسلب منه قيمته، التي يوقن بأنها في جوهرها أثمن من تلك الأشياء، فما بالك إذاً بالشخص الذي حرم حساسية الشّعور باحترامه لنفسه، بعد أن فقد الشعور بقيمته كإنسان؟! فمن باب أولى ألا يقيم وزناً لشيء، مهما كان ذلك الشيء له قيمة أو دلالة تاريخية أو ثقافية، فتجده مستهتراً، ولا مبالياً، همه من الدّنيا أن يأكل ويشرب ويلعب وينام، وذلك أقصى أمانيه، فيضمحل تأثير عقله على سلوكه، وتطغى عواطفه وغرائزه، فتضيق بذلك المسافة الفاصلة بينه وبين الكثير من السّوائب والأنعام. ربما تجد في هذا الكلام شيئاً من التعقيد والغموض، لكنني أعتقد أنك بعد أن قضيت فترة جيدة في قريتنا، وشاهدت سلوك أهلها، ستستطيع فهم ما أحاول شرحه لك. ببساطة إن إحساس الإنسان بقيمته الذاتية يمكّنه من خلع القيمة على بقية الأشياء التي تحيط به! ولو أنك حولت اهتمامك في المتحف من عشتار (الحجر) إلى عامل النظافة (الإنسان) لرأيت أن سلوكه تجاهك، وكذلك تجاه الحجر سوف يتغير جذرياً؟!   أجبته: إنك حقاً يا أستاذ سامر تلخص بهذا التفلسف تجربتي في قريتكم، وتجيب عن سؤالي حول ما حدث في المتحف. وهذا ما لم أجده عند صديقي مروان وزملائه، الذين يمضون أيامهم في السهر ولعب الورق والتدخين بصورة محبطة، بدلاً من السّعي لفعل الأشياء المفيدة. أعتقد أنني بعد سماع هذا الكلام منك لا أحتاج أن أسأل المزيد عن سبب تصرف عامل النظافة في المتحف، وكذلك لا أحتاج أن أبقى مدة أطول في قريتكم، وأعتقد أنك يا سامر سوف تستطيع إعادة المعادلة إلى نصابها الصحيح في نفوس أبناء قريتك.   في اليوم التالي عدت إلى المدينة، ووضعت هذه اليوميات في مغلف؛ لأرسله لكِ، فأنا أعلم أنكِ ـ كعادتك يا مدللتي الغالية ـ قد جهزتِ لي قائمة طويلة من الأسئلة حول رحلتي هذه، وأنك ترغبين في معرفة كل صغيرة وكبيرة عن مغامرتي بزيارة الشرق، فأردت أن تسبقني هذه الرسالة إليكِ، كي أرتاح من عبء الإجابة عن الأسئلة الكثيرة عندما أقابلك، وأتفرغ فقط للاطمئنان عليكِ، فأنت لا تعلمين كم أنا مشتاق لرؤيتك؟ وكم أشعر بافتقادي لكِ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية؟ فإلى لقاء قريب في برلين ... ودمتِ يا غاليتي بخير وسلام.   المخلص  

كاتب وأكاديمي
عبد الحكيم شباط، أكاديمي وكاتب مقيم في ألمانيا، له العديد من المؤلفات والأبحاث العلمية والأدبية المنشورة باللّغتين الألمانية والعربية.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية