حكاية الزهرة
The flower tale
كتبتها: لويزا ماري ألكوت
ماريون فتاة لطيفة صغيرة السن كانت قد عانت من المرض لمدة طويلة، كما أنها لاتزال ضعيفة البنية؛ لذا كان عليها أن تُلازم الفراش لمدة طويلة.كانت ماريون بعد ظهيرة أحد الأيام العاصفة الشديدة البرودة من فصل الشتاء التي تتساقط فيها الثلوج بغزارة؛ في الخارج مُمدّدة في فراشها تحاول بصعوبة الاسترخاء والنوم؛ لكن دون جدوى.كانت تشعر بالكثير من السَأم لأن كل ما حولها كان هادئاً مُملّا. كانت ممرضتها قد غَفت على كرسيها، وكانت قطتها الصغيرة تُخرخر على البساط، ولم يكن حولها أي شيء بإمكانه أن يُثير الاهتمام ما عدا تلك المزهرية التي تحتوي على باقة يانعة من زهور البنفسج.حدثت ماريون نفسها وهي تتنهد: "لو كان لدي على الأقل من أروي له قصة حياتي لكنت سأشعر بأن هذا اليوم الطويل يمرّ دون ضجر وملل، لكن والدتي ليست في المنزل، كما أنني سبق أن قرأت كل ما لدي من كتب وحفظت ما فيها عن ظهر قلب، فما الذي سأفعله ما دمت لا أرغب حالياً في اللعب بالدمى؟؟".لكن لم يكن هناك من قد يُجيبها على ذلك التساؤل؛ لذا تنهدت من جديد ثم نظرت إلى الطرف الآخر من الغرفة وهي تأمل العثور في ذلك الركن على أي وسيلة قد تجلب لها بعض التسلية.
(1)
استغاث بي ورجاني إنقاذ فؤاده الذي يحتضر،
لا نبض، ولا نفَس، ولا أمَل.
خادم أنا للقدَر، برأ المريض أو هلك...
هكذا عنِّي فهم، وللفناء سلَّم زوجته،
ثم سال الدمع مدرارًا وانتحب،
بينما عُدْتُ أدراجي ألملم ذيول الطبِّ ومعطف الخجَل.
نُشرت هذه القصة في كتاب "غابة الطين" للكاتبة حياة الياقوت الصادر عن دار ذات السلاسل، 2015.
استشاطت الإمبراطورة "ر." غضبا من رفضه، وقالت بحدة ممزوجة بالكبرياء المفرطة: "وهل عيّنتُك مستشارا لغويا إلا كي تضمن لي المرونة والاستمرارية؟! الشباب الدائم، هذا ما أحتاج إليه أيها الهَرِم الخرِف! جد لي اسما جديدا. مع كل اسم جديد، تنبجس لي هوية جديدة، وأعود إلى ريعان الصبا، أجري بين الناس وأندس وأجوس، ولا يملك أحد السرعة للقبض عليّ. أنجع وسيلة للسيطرة على الإنسان هي اللغة. اللغة إكسيري، كل اسم جديد يدهنني بالزئبق، أغدو لامعة وعصية على الاصطياد."
(1)
استدعيتُه...
للتحقيق في شكوى مِن مريض ساءهُ تقطيب جبينه، ورائحة السردين في إبطه، ولون الرماد في ياقَته!
حكى عن وحدتِه وغُربتِه،
فشممْتُ إبطي وعاينتُ ياقتي،
وقرَّرتُ وضع حدٍّ لغربتي.
(2)
صدري يلهث بالصفير، وحلقي يضجُّ بالبلغم...
وبسوط صوته يجلدني بمحاضرة عن مضارِّ التدخين.
وفيما حنى ظهره ليغرس سماعته في صدري،
شممْتُ أنفاسه وعاينت صفرة أسنانه...
فغادرْتُ مِن فوري، أنشدُ طبيبًا أصدِّقه ويَصْدُقني.
(1)
طرَق باب عيادتي طلَبًا للعلاج...
عيناه شرارتان،
وعِرْقا رقبتيه نافران،
وأسنانُه تصطكَّـان،
وشفتاه بالمفتاح مُغلَقتان...
لا أظنّ الدواء يُفيد مَن عادى الحياة.
(2)
أخطَأ... وقلَّما يُخطئ،
فعَلَا صوتي عليه، وامتدّتْ يدي إليه.
فلم يجفِل الدمع مِن عينيه،
ولم تنبُت الآه على شفتيه،
ولكِنِّي سمعت غليان المرجل بين جنبيْه الصغيريْن...
فبكيت.
تتسارع الأشياء، تكتمل، تتوالج الظلمات مع انبثاقات النهار، تتوثب الرؤى لتنازع المعلوم مرورا لطيفا بين خفقات المجهول، تندفع الطاقة الكامنة من روح تشعر بتحدب اللحيظات القادمة، تتدلى أيام العمر أمام العينين، كعناقيد من وهج متفجر، ترسل بريقا يمتزج فيه الأصفر مع لون الغروب، تتلاقح الألوان وتتزواج، تندغم وتتوحد، يصبح الكون امتدادًا رحبًا في النفس المحملة بروائح الرحيل والمغادرة.
عزيزي يوسف:
لا أعرف تمامًا لماذا أكتب لك هذه الرسالة، ولا أدري لماذا اخترتك دون غيرك من بين جميع أصدقائي لأوجه لك هذا الخطاب. ولكني على يقين تام بأنك كنت تربك هواجس نفسي لا شعوريًا، حين كانت تحلق أفكاري على مساحات الوحدة والانطواء، التي لفحتني بظلالها القاتمة وأنا أنتظر دخول غرفة العمليات، ليتمدد جسدي فوق سرير السلخ، وتحت كشاف حاد النظرات، وقح العينين لا بد وأنك تعلم مدى شجاعتي ورباطة جأشي فيما يتعلق بموضوع غرفة العمليات. إلا أنني هذه المرة عانيت معاناة شديدة. أوصلتني إلى حد الرعب من إجراء مثل هذه العملية.
الصفحة 5 من 43