من الملفات المفتوحة والساخنة في الغرب ملف الإسلام وعلاقته بالغرب ومستقبله وديناميكيته الماضية والراهنة والمستقبليّة , و تولي دوائر القرار ومراكز الدراسات الإستراتيجية والإستشرافية حيزا كبيرا من إهتماماتها للإسلام وكل ما يرتبط به من ثقافات و إجتهادات وحركات و مسلكيات سياسية واجتماعية وكل ما يمت إليه بصلة من قريب أو بعيد . و في الغرب خمس اتجاهات أو مدارس تضطلع بعملية تشريح الإسلام لتحقيق أهداف قريبة المدى ومتوسطة المدى وبعيدة المدى ، و هذه المدارس هي:
تشبه بداية هذا القرن ببداية القرن الماضي في كثير من التفاصيل وتحديدا الجانب المتعلّق بالعالم العربي والإسلامي , ففي بداية القرن التاسع عشر أستبيح العالم العربي والإسلامي إستباحة عسكرية و ثقافية وسياسيّة وإقتصاديّة وقد أدّت هذه الإستباحة التي كان وراءها الغرب بثقافتيه الفرنسية والإنجليزيّة إلى تعطيل المشروع التنموي والنهضوي العربي والإسلامي , كما أدّت إلى نشوء عوامل التخلف في كل مواقعنا.
من الإشكاليّات الكبيرة التي تعترض حياة المسلمين في الغرب هو إندماجهم أو عدم إندماجهم في الواقع الجغرافي الجديد الذي هاجروا أليه . ويفضي الإندماج إلى ضرورة ترك المسلمين لمفردات شخصيتهم والتي قوامها المسلكيّة الحياتيّة التي رسم أبعادها الإسلام , فيما تفضي الإستقلاليّة إلى عزل المسلمين عن الواقع الجديد الذي يعيشون فيه وعندها قد يصونون شخصيتهم لكن ذلك يجعلهم يراوحون مكانهم في السلم الإجتماعي والثقافي وحتى السياسي في الواقع الغربي.
الحلم حالة من التمرد على الواقع والتحليق خارج قيوده ، وكلما كان هذا الواقع أكثر بؤسا كان الحلم أثر إغراقا في الخيال وكانت الرغبة فيه أقوى ، ففيه يبني الإنسان عالمه الخاص أو يحلم بغده دون الهروب إلى عالم خاص ، هكذا نعرف الحلم . وعندما يكون الواقع مرا فلا حاجة لأحد إلى أن يحلم بما هو أمر وإلا كان كابوسا أو مؤشرا على اختلال نفسي عميق .
لا أجد عنوانا يصلح لوصف مشهدنا السياسي والثقافي الفلسطيني أفضل تعبيرا واختصارا من هذا العنوان المؤلم حتى النخاع ولكن هي الحقيقة الظاهرة دونما حاجة لكثير من مهارة في تشخيصها ، وليس غريبا أن نضيف هذا الحال إلى ما تناولناه عن المفاهيم المنقلبة مؤخرا ، فلقد انقلبت أيضا مفاهيم الثقافة وانقلبت حالها بانقلاب المنقلبين الذين لم يدّخروا جهدا في تسويغ انقلاباتهم هذه المرة ثقافيا بتدبير المؤامرات لاغتيال الذاكرة الفلسطينية والتي هي عصب الصمود الحقيقي وشرط الحفاظ على مستقبلية البقاء والوجود خاصتها معا.
كثيرا ما يسألني أولادي قائلين يا أبانا متى نعود إلى الجزائر وطننا الذي ولدنا فيه ..متى نرى جدتنا فريدة التي كانت تتحفنا بالهدايا تلو الهدايا ..فأجيبهم بصوت مكسور ..مبحوح أحيانا , يا أولادي أنتم بلا وطن , أبوكم في حد ذاته لا يملك وطنا ,منذ شرع في الكتابة و الإبداع وهو يدفع ضريبة التنقل من وطن إلى وطن بحثا عن وطن.
معذرة يا أولادي …لقد حرمتكم من الوطن …ولست أدري أين سترسو سفينتكم في نهاية المطاف …لا تحلموا بالعودة رجاءا , إلى أين نعود !