يتبادر إلى الذهن حين محاولة توصيف الأنثى بأنها فتاة أم امرأة تلك الأفكار والتعريفات المغلوطة التي نسمعها من الكثيرين، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإنك إن جئت تسأل أحدهم عن توصيف الفتاة فإنه سوف يرد عليك قائلاً أنها تلك الأنثى التي لازالت تعيش في بيت أبيها تدرس أو أنهت دراستها ولكنها لم تتزوج بعد.
وإذا ما أراد أن يصف لك المرأة فسوف يقول لك أنها تلك الأنثى التي تزوجت وأنجبت. وهنا تكمن المغالطة.
يعتبر ويليام ماركيز(1930) أول من وضع مصطلح الازدواجية اللغوية٬ مقترضًا ٳياه من الحالة اللغوية اليونانية والقسم الألماني من سويسرا٬ حيث يتم التمييز بين العامية بوصفها لغة تستعمل لغرض تواصلي مقابل الفصحى ذات الوظيفة الكتابية. ويطلق شارل فرجسون (Ferguson charles ) على الفصحى النمط العالي بينما يطلق على العامية النمط الدوني. ويعكس النمط الأخير موقعه داخل الجماعة التي لا تحترمه واصفة ٳياه بنعوت سيئة٬ بينما يحتل النمط الأول مرتبة رفيعة كتراث ثقافي وديني.
قام الباحثون بعد ذلك بتعديل تقسيم فرجسون في ثلاث نقاط: أولا: ٳذا كان فرجسون قد حصر النمط الدوني في كونه منبثقا من النمط العالي٬ فٳن الباحثين يعتبرون الازدواجية اللغوية تعبيرًا عن تنوع البنى الاجتماعية اللغوية داخل الجماعات اللغوية. ثانيا: ٳن عدم تكافؤ القدرة اللغوية في استخدام النمطين جعل الباحثين يميزون بين توجهين اقترحهما فيشمان( Fishman Joshua ) :الجانب الاجتماعي اللغوي٬ يستخدم خلاله مصطلح الازدواجية اللغوية . ثم الجانب النفسي٬ يستخدم فيه مصطلح التعدد اللغوي الذي يرادف تمكن المتكلم لأزيد من نمط لغوي واحد. ثالثا: ٳجراء تعديل يتجاوز سيادة الاعتقاد القائم في استخدام نمط أحادي دون الآخر٬ مادامت منطوقات المتكلم توجد على خط يشمل تنويعات لغوية.
الجميع يعرف قصة أليس التي لحقت الأرنب إلى بلد العجائب (Alice's Adventures in Wonderland) أتذكر عندما كنت طفلاً أتعجب من ذلك الأرنب الذي ينظر إلى ساعته، وسقوط أليس في تلك الحفرة لتدخل عالم لم يدهشها، فالأطفال لا يندهشون من العوالم الجديدة، رغم أن قصة أليس لا تنتهي فهي مستمرة، سألت كيف استطاع هذا الكاتب (لويس كارول) أن يفكر في قصة خيالية وهو مدرس رياضيات؟ وكيف اختار طفلة ولم يختر طفلاً شقيًّا مثلي؟ كان يدخن سجائره الأولى وهو يرتعد من عقاب الوالد، ثم سألت هل يعقل أن رجل انجليزي يستطيع أن يكتب قصة غريبة مثل قصة أليس في بلد العجائب بدون فكرة أم؟ ثم تذكرت الحقيقة أن كل القصص الغربية كتبت بروح شهرزاد التي كانت بطلة ألف ليلة وليلة فالجميع يعرفون الجني الذي كان محبوسًا في مصباح، والذي أصبح خادم علاء الدين، ولا أحد ينسى تلك المغارة التي دخلها علي بابا فكل هؤلاء الأبطال هم عائلة أليس الحقيقيين، أما الأرنب فهو ذلك الخيال الذي يخرجنا من عالم إلى عالم آخر، فنحن لم نستفد من كتاب ألف خرافة وخرافة بينما الغرب تعلم أن يخرج منها الكثير من القصص الغريبة التي تحولت إلى أفلام وقصص تجعلنا نشعر بتلك الدهشة، فالدهشة هي القوة الوحيدة التي تجعلنا نتنفس كالأطفال، لم تكن شهرزاد إلا تلك الحسناء التي تروي القصص فكل قصة هي أم القصة التالية لتسكت قبل الفجر وهي أمام ملك تعلم بأنه سيقتلها مع انتهاء القصة فكانت كل القصص كالدمية الروسية (ماتريوشكا) فكل قصة طويلة تليها قصص قصيرة، كيف تستطيع امرأة الإبداع بهذه الطريقة وهي تنتظر عقوبة الإعدام مع انتهاء كل قصة؟ وهل كان كاتب القصة الحقيقي يعاني نفس ألم شهرزاد وهو مصير الموت؟ ولماذا جعل من روح بطلته كل شيء ولم يظهر هو؟ ثم لماذا يظهر مرة بصورة سندباد ثم بصورة الشاطر حسن؟ وكلاهما يمارس التجارة، ثم يظهر بصورة علاء الدين وعلي باب اللذان
عمليًا المسائل التي لا يمكن تصنيفها ضمن الإطار الطبيعي الواقعي المادي تُصنف ضمن إطار الفيما ورائيات، باعتباره أحد فروع الفلسفة المهتمة بدراسة المبادئ الأولى والوجود. بما يجعله يتناول بدراسته ظواهر النفس المختبئة، ليُدخل في مناقشة الظواهر الغريبة مثل الجن والأشباح والتخاطر. إنما ثمة فرق بين علم ما وراء الطبيعة والخيال العلمي، أما الأول فيدرس أشياء ملموسة في حياتنا إنما نعجز عن تفسيرها أما الثاني فيكون من تأليف البشر كمحاولة لابتكار أشياءً جديدة، أو لتنمية القدرات عند الشخص. إنما كليهما قد يلتقيان معًا في الأفكار؛ من مثل: السفر عبر الزمن أو ابتداع المُتحركة بديلاً عن الساكنة والتقنية الذكية مثيلة الروبوت في أجزاءها وموادها وتربيطاتها ومنها مبدأ ميكنة إدارة الشيء (الحركة الآلية الدافقة) وآخرها العالم الافتراضي.
عند الحديث عن موضوع ما، والغوص فيه، لابدّ من معرفته جيدًا، فإنْ تعذر لابدّ من الإلمام به على الأقل، ثم الصدق في القول بعد ذلك، ورسم خطة واضحة لعرضه، وكلّ ذلك عناصر أساسية لا ينكرها أحد؛ لأنها تعين على الوصول إلى النجاح في تحقيق الغاية، وتعطي الأمل، وتزرع الثقة، في اجتياز اختبارات صعبة في الحياة، وتسهم في صقل تجارب الإنسان بالحكمة والخبرة والمران؛ تلك التي لا يستغني عنها عاقل.
إنّ معرفة الأمور معرفة واسعة عميقة، تحثّ الدماغ على تحريك خلاياه، وتفعيل ملكاته، فتدفعه للتطور، وتقرّبه من الحقيقة، وتجعله في مرتبة أعلى من التي هو فيها. أمّا الواقع، فليس هو الصورة التي نمارسها بجوارحنا، لذا أصبح ينفصل عنّا، ونبتعد عنه، ففي زمننا هذا، يجوز أن تفعل ما لا تقول، وأنت مرتاح، وتقول ما لا تفعل وأنت صادق؛ لأنّ المرء عند غياب الموازين السليمة، والمعايير العادلة، لا يلجأ للكيل أو التحكيم، فخاصية الذات أو(الأنا) في بعض النفوس التي لا ترى سواها في المرآة، ترفض أن تتقبل معادلة الوزن بالقسط، ومعيار المثل. لذا لا كيل إلاّ لمن انتصروا على ذواتهم، وهزموا شياطينهم، وخرجوا من عبودية الأهواء، إلى فضاء الفطرة السليمة، وذوق الناس العام. وأولئك هم قليل، وربما تعود قلتهم هذه إلى تمسكهم الشديد بمبدأ ما، ورفضهم لمبدأ آخر، لقناعتهم أنّ الشمس تأتي من المشرق ولا يمكن أن تأتي من الشمال. والواقع ينطق بصدقهم؛ إذ لم نسمع أنها جاءت من اتجاه آخر.
نظرات في الترجمة اللاتينية الأولى للقرآن الكريم لأنطوني بيم(1).
تأليف: أ. د. أنطوني بيم
ترجمة: محمد سعيد الملاح
التدقيق اللغوي: هبة العربي
في عام 1142 نظّم بطرس المبجل، رئيس دير كلوني، فريق عمل للقيام بأول ترجمة لاتينية للقرآن الكريم(2)، جنبًا إلى جنب مع وثائق تفسيرية. وقد قام كل من ماري تيريز دالفيرني (1948) وجيمس كريتزيك (1964) بوصف النص المترجم، والمترجمين، وطريقة الترجمة(3). وبقي أن ننظر، على أية حال، إلى الطريقة التي يجب أن ندرج فيها هذه الترجمة في عملية النقل الثقافي الأوسع من العربية إلى اللاتينية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وبخاصة فيما يتعلق بوضع النص المقدس. إن السياق الأوسع يتعلق بنوع رئيسي واحد من النقل، إن ما انتقل من المسيحية إلى العالم الإسلامي في القرن الثاني عشر كان: "الحروب الصليبية".
فإذا كان الهدف المعلن للترجمة هو في الواقع تحويل الكفار إلى المسيحية، فلماذا كان على رئيس دير كلوني أن يترجم القرآن إلى اللاتينية، بدل أن يترجم الإنجيل إلى اللغة العربية؟ آمل أن أبين أن الإجابات على هذا السؤال يمكن أن تستمد من ثلاثة أنواع من الممارسات التي انتنقلت من العرب إلى العالم اللاتيني: صنع الورق، والمناظرات كوسيلة للتواصل بين الثقافات، والملاحظة كوسيلة لإنتاج المعرفة العلمية. هذه الإجابات ينبغي أن تساعدنا من ثمّ في وضع الترجمة اللاتينية للقرآن الكريم داخل حركة نقل واسعة جدًا، تشكك في الفصل الصارم بين أوروبا الإسلامية والمسيحية، كمشهد جانبي، وتوفر مفاتيح مهمة لفهم نشاط الترجمة المعروف باسم مدرسة طليطلة.
الصفحة 62 من 433