قال الراوي : عندما وقف الذينَ حكيتُ أخبارهم ،في منتصف المسافة بينَ ما مضى وبين ما هو قابل، أحسست أنَّ النص الذي رويتهُ قد تمرَّدَ عليَّ، واستقرَّ شاهراً حجتهُ القوية في وجهي، وخاطبني بلسان جديد، ما سمعتُ مثلهُ من قبلُ قطَّ، وأحكم عليَّ الحصار، وبادرني بإقفال المسار، وعاجلني في موضع حكيم أمره، وضعف حيلتي أمامَ جبره، فلمّا تيقنت أني غير قادر عليه، أسلمتُ أمري لما طالبني إليه، وعدتُ أسردُ الحكاية من جديد ٍحواليه، وهو ينظر إليَّ حانقاً كلّما حاولتُ أن أحيد، وآتي بما أغفلهُ المريد، فيتطايرُ الشرَّرُ من عينيه، ولا أستطيعُ إلا انقياداً إليه، فلما وصلتُ إلى ما كنتُ توقفتُ عنده، قبلَ أن يجمعَ عليَّ جنده، افترت شفتاه عن ابتسامة، وقال بوركت يا سلامة، الآن ننطلق من جديد، وإياكَ وقول المزيدْ...
أتونَ من خلفِ الظلالِ المرعبةْ
يأتونَ كالجرادِ ،
النِّصالِ الهاربةْ
أتونَ كافرينْ
أتونَ كالحينْ
لا تكرهيهم دفعةً ، لا /....واحدةْ
بل يا صغيرةُ دفعتينِ دفعتينْ..
الصفحة 6 من 8