تعاني الأمة الاسلامية في عصرها الحافل بالرزايا والنكسات والمنغمس في لجج الهزائم والنكبات من فوضى عامة عارمة تجتاح حياتها فرادى وجماعات حتي غدت السمة المميزة لها بين الامم شرقا وغربا، فالفوضى تتسيد صناعة قرارها وتصبغ نمط سلوكها على صعد شتى: فوضى في ترتيب الاولويات وفقه المصالح والمفاسد، وفوضى في مناهج التربية والتعليم، وفوضى في شؤون الحكم والسياسة وفوضى ادارة الاقتصاد والثروات، ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للافراد فالفوضى تضرب بجرانها على دقائق مجريات حياتهم وتتدحرج بسلاسة على خرائط اهدافهم مجهضة احلامهم الوردية البرئية، لتنتج اشأم مولودين في الوجود:
قيل في لقاء الثلاثية .. الحكومة الجزائرية .. الاتحاد العام للعمال الجزائريين .. وأرباب العمل أنه لقاء لا بد أن يكون مثمرا هذه المرة بعد أن طال الفقر شريحة الطبقة المتوسطة فضلا عن الطبقة الدنيا التي هدها الفقر هدا.. ودفعها للانتحار بالدفعة الواحدة كما لفها الفقر دفعة واحدة.. هذا اللقاء على ما أحيط حوله من تستر وتحضير للعضلات اللسانية طبعا من طرف المنافح الكبير عن بقايا العمال عبد المجيد سيدي السعيد السياسي بلقب عمالي جاء مبتورا و ممحوقا .. ولو أن الدهشة لم تتملك أحدا لأن اللقاء ولد نصف كيلو بطاطا .
أخيراً أصبح من حقنا ـ نحن السودانيين ـ أن نتفاءل بأن الحرب الأهلية في بلادنا ستنتهي بسلام يؤدي إلى تقاسم السلطة بين العقيد جون قرنق والفريق عمر البشير، ولا يعني هذا أن طرفي الحرب مقتنعان بالاتفاق الذي يجري وضع اللمسات الأخيرة عليه، بل يعني أنهما قبلا بالاتفاق على مضض خوفاً من عين أمريكا الحمراء، فقد قالت أمريكا للطرفين: "وراي أشغال ومشاغل أهم منكم، وأنا مش فاضية لكم... وإسرائيل طالق بالثلاثة لو لم أطربق الدنيا على رؤوسكم، إذا لم تتوقفوا عن القتال والجدال، خلال شهرين"!!
لا يختلف إثنان في أنّ اللغة العربية كانت معروفة في العصر الجاهلي , وأنّ لغتنا الجميلة كانت تشغل بال كثير من المفكرين والشعراء والخطباء , يلتمسون ودّها , وينظمون دررها , ويغترفون من نبع معانيها الثرّ أجمل القصائد , وأعذب الألحان . ومن يراجع معجم مفرداتها في ذلك العصر , يجدهُ من أغنى المعاجم من حيث وفرة الكلمات وكثرة التشابيه , وتعدد الاسماء للمسمى الواحد .
تي خراب الحياة الاجتماعية من خراب القيم التي تسود فيها، ومن القيم الفاسدة أن الحياة غابة، وهي صراع بين القوي والضعيف، فعليك أن تكون شرساً مع الآخرين، وأن تتمثل بصفات الجبارين المعتدين حتى لا تؤكل، فإما أن تكون ذئباً بين ذئاب الحياة، أو تكون فريسة لتلك الذئاب، فلا مكان للضعفاء في الأرض، ولا رحمة ولا قانون عند الأقوياء، ومهما كانت الحملان وديعة وبريئة، فإن هذا مما يغري الذئب بالسطو والاعتداء، فعليك في قانون الغابة أن تكون مفترساً حتى تسلم من أذى الأشرار، قال زهير:
ومنْ لا يذدْ عن حوضهِ بسلاحه يهدمْ ومن لا يَظلم الناسَ يُظلمِ
سؤالان يبدوان كما لو كانا كل ما تخلف من رماد برجي مركز التجارة العالمي ، فسؤال : " لماذا يكرهوننا ؟ " الذي تردد في الخطابين السياسي والإعلامي في الغرب يكاد يلخص الحالة التي أعقت زلزال الحادي عشر من سبتمبر . وبقدر ما كانت الإجابة التي تبناها الكثير من كتابنا تبدو غير مقنعة للعقل الغربي بقدر ما حملت تساؤلا اتهاميا يلخص مرارتنا من سياسيات غربية مزمنة يعد " العداء " الوصف الوحيد القادر على تلخيصها فتساءلنا بدورنا : " لماذا يعادوننا ؟ "