لا أعرف لماذا بدأتُ أملُّ الكتابة، وأصبحتُ أقصُرُ من الساعات التي أخلو بها مع نفسي، ربما لأسباب كثيرة لا سبيل لتفصيلها في هذا المقام، لكني على قناعة من أنّ الذين يكتبون بمداد الدم يُعْذَرون، فأنت أحيانا تكاد تفقد الصواب حتى وأنت في أتمّ هيئاته وقواعده، أو يُخيّلُ إليك أنك تفكر بعقل خاص، وإن لم يكن ذلك؛ فلماذا لا يشعر بقية البشر بما تشعر به أنت؟
كان صاحبنا المسكين ينتظر انتهاء صلاة الجمعة بفارغ الصبر، ليحمل سجادة قديمة، ويضعها على ناحية مدخل المسجد، ويقول:من أجل بناء مسجد يا إخوان، ويأتي بالأحاديث والآيات التي تُذكّر بفعل الخير. وهل الذي يدخلُ المسجد ويؤدي الصلاة ويعي عظمتها بحاجة إلى كل هذا التذكير يا شيخ؟ سامَحَكَ الله، فالخير أبوابه مفتوحة، دائمًا لا تُغلق! لكنّ أهله وما أدراك ما أهل الخير في هذا الزمان يا شيخ!
كنا ننتظر أن تقوم ثورة، أو أن يحدث شيء ما ليغير من الطريق التي كانت تسير فيه البلاد، وقامت ثورة يناير ففرحنا وهللنا وكبرنا وسجدنا فرحًا، وبدأ كل واحد منا يرسم في خياله شكل مصر الجديدة التي يردها. وبعد مناوشات وتحرشات بدأت الدولة تتحرك للأمام، ودارت عجلة الديمقراطية وجاءت الانتخابات البرلمانية (شعب وشورى) وكانت أول انتخابات نزيهة بنسبة كبيرة جدا بغض النظر عما شابها من بعض الأخطاء، بعدها جاءت الانتخابات الرئاسية وبعد قراءة كل برامج المرشحين قمت بالتصويت لأبو الفتوح وكنت معجبا ببرنامج العوا. وحينما سقط الاثنان في الجولة الأولى وصعد شفيق ومرسي للجولة النهائية قمت بمقاطعة الانتخابات.
تحولت الساحة السورية في الفترة الأخيرة إلى ثقب أسود يكاد يجرف دول المنطقة كلها إلى التورط في الصراع الدائر بين نظام الأسد والمعارضة المسلحة، وقد تميز الصراع منذ بدايته بضراوته وظهور إمكانية توسعه وانتشاره وهدا ما حدث بالفعل بانجرار بعض الأطراف الإقليمية والجماعات المسلحة للمشاركة في العمليات القتالية سواء بدعم المعارضة والدعوة إلى تسليحها أو دعم الجيش النظامي، أي أن الأمر تعدى المساندة السياسية التقليدية إلى التحالف الاستراتيجي والمشاركة كطرف فاعل في الحرب الأهلية.
القطاع الثالث (tertiary sector) في الاقتصاد هو قطاع الخدمات التي تشمل التجارة؛ والتسويق؛ والبنوك؛ والاتصالات؛ والمواصلات؛ والعناية الصحية؛ والتعليم ... إلخ، حيث أن القطاع الأوّل هو قطاع الزراعة؛ والقطاع الثاني هو قطاع الصناعة؛ أما القطاع الثالث (tertiary sector)في إدارة شئون الدولة والمجتمع هو القطاع الذي يأتي بعد القطاعين العام والخاص؛ ويطلق عليه القطاع غير الربحي (Non Profit Sector) أو القطاع التطوعي (Voluntary Sector) أو القطاع الخيري (Charitable sector)، ونظرًا لهذه الطبيعة غير الربحية لهذا القطاع؛ فقد اصطلح على اعتبار إدارة مؤسسات القطاع الثالث فرعًا من علم الإدارة العامة وليس إدارة الأعمال.
غير طبعي أن امرءا راشدا يظل سنينا يطلب بقاءه، ويصطنع وجوده من الناس، ويبني كيانه على قبولهم وانصياعهم له كطفل مدلل، ثم لا يتوقف ولا يدع أحدا، ثم ينسب كل علم وفضل لنفسه مظهرا الاكتفاء والعبقرية بمغالطات ولغط وتلون واختيال! ولهذا جاءت عاقبته مخيفة في القرآن والحديث. ذاك هو المتكبر، لا يحسن الوقوف إلا على النظرات والكلمات والحركات التي تناسبه من الآخرين، ومن دونهم يبقى في قلق ووحشة ووسوسة، يبحث عن الناس ويلح وراءهم بكل وسيلة ظاهرة وخفية ليثبت وجوده ويشعر ببقائه، لا يطيق العيش يوما دونما استجداء شخصية وصفات وتقريظ من الناس، الحكم عنده مصلحته، ينافق ويتملق ويحتال أو يفارق ويسحق ويختال من أجل أن يكون ويبقى ويبرز، وليكن من بعد ذلك الطوفان لا يبالي على من.
حينما يبكي طفلك؛ خائفًا أو جائعًا أو متألمًا من أيّ شيءٍ كان؛ فإنّكَ تودّ لو أن تفتديه بكلّ ما تملك؛ فقط كي يزول عنه ذلك الألم الذي لم يتعدى الدقائق!
تخيّل طفلك هذا وقد سكن الرعب قلبه؛ متشرّدًا يفرّ من الموت؛ لا مأوى ولا ملجأ له؛ ولا قدرة لك في مساعدته، فيُباد من بطش العدو، حينها ماذا ستفعل؟ تخيّل؛ ترى أختك؛ مكسورة مجروحة؛ وقد هُتكت كرامتها وجُرحت براءتها، كنت تتمنى أن تموت ولا يُمَسّ شرفك؛ وقد مُسّ الآن حقًّا، حينها ما كنتَ تفعل؟ تخيّل أمك؛ زوجها شهيد؛ ابنها أسير؛ ابنتها مكسورة؛ طفلها جائع عليل، ترتجي عدوًّا فيضربها، حينها ما كنتَ تفعل؟
الصفحة 74 من 433