1- الهاتف النقّال
لا تزال ذكريات أيام ما قبل الإنترنت وبداياتها ماثلة في ذهني حتى اليوم، تدفعني ﻷن أتنفس الصعداء كلما تذكرتها، متمتمًا بحمد الله على هذه النعمة الكبيرة: الإنترنت وتكنولوجيتها. كان الواحد منّا يشعر بالنشوة لو منّ عليه أحد من معارفه أو زملائه غير البخلاء بكتيب إلكتروني تعليمي (tutorial) أو باسطوانة مدمجة عليها برنامج مهم يريد تعلمه أو تجريبه، بعد أن يكون قد بحث عنه أسابيع أو شهور بين الأصدقاء دون جدوى. حتى نظام تشغيل "لِنُكْس Linux" المجاني، كنّا ننتظر بلهفة اليوم الذي تمنّ علينا فيه مجلة كمبيوتر عربية أو أجنبية، فتوزع نسخةمن توزيعاته مع مجلتها، أو نضطر لشراء كتاب عن هذا النظام، فقط من أجل الحصول على النظام نفسه الذي يوزع في أسطوانة مدمجة مع الكتاب، لتجريبه وتعلّمه. ناهيك عن برامج مكافحة الفيروسات والموسوعات التي كانت توزع منها نسخ تجريبية مع المجلات، ولا نجد طريقًا للحصول عليها غير ذلك.
الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين و بـعـد :
هذه شكوى .. أود أن أجد بها من يواسيني أو يسليني أو يتوجع كما أتوجع
لا يوجد نور أجمل من القرآن في ظلمة الحزن .. و لا يحي القلوب شيء كما يحييها كلام الله .. و لا شفاء للنفوس كالذكر الحكيم .. و لكن أين من يعقل هذا و يبادر ؟؟
تمر الأيام بـي .. و مـا بها نهار جديد .. أهكذا تمر الحياة ؟؟
ركزوا رفاتك في الرمال يا ويحهم
يوحي إلى جيل الغد البغضاء
كان ذلك البيت الشهير من مطلع قصيدة لأمير الشعراء شوقي يرثي شيخ المجاهدين عمر المختار بعد أن شنقته السلطات الاستعمارية الإيطالية جزاء له على تمرده عليها وإبائه الضيم والعبودية بالثورة على الجلاد إيثارا للحرية والكرامة.
شيخ المجاهدين الذي استشهد وهو شيخ طاعن في السن لم تشفع له شيخوخته في أن ينال حكما مخففا – وما كان يريده- وكيف يريده وهو سليل أمة مجاهدة أنجبت خالدا ويوسف العظمة والأمير عبد القادر وعبد الكريم الخطابي وغيرهم؟أولئك الذين قاوموا الظلم والاستبداد وارتضوا حياة العزة والكرامة لشعوبهم.
واليوم يواصل أحفاد عمر المختار في بنغازي وأجدابيا والبيضاء وطرابلس وكل شبر من التراب الليبي ثورته على الزيف والغطرسة والاستبداد وعهود الظلام والتحجر.
إنهم فتية آمنوا بربهم وقدموا أرواحهم رخيصة فداء لحرية الوطن ، شباب في عمر الزهور وميعة الصبا:
بهروا الدنيا وما في أيديهم غير الحجارة
وأضاؤوا كالقناديل
وجاؤوا كالبشارة
مهما كانت النتائج التي ستتمخض عنها هذه الثورة الليبية، فإن تصرفات النظام الليبي في مواجهة ثورة شعبه، لم تخرج في خطها العام عن خطة "الانسحاب الحربية"، والتي نفذتها بدرجات متفاوتة كل من السلطات التونسية ثم المصرية بحق الشعبين التونسي والمصري. لكن عناصر التنظيم والوعي والتحضر السياسي والمفاجأة بالنسبة للشعب التونسي، ودعم الإعلامين العربي والغربي والهندسة التعبوية والمراهنة على الملايين بالنسبة للشعب المصري، لعبت دورا مفصليا في نجاح الثورتين في مواجهة أنظمة تتعامل مع الشعوب وكأنها مجموعات من القطعان في أرض يعتبرونها ملكا شخصيا لهم ولعائلاتهم، وكأننا نعيش في أوربة القرون الوسطى المغرقة في التخلف والسقوط والإجرام!
إن لم يفعل هؤلاء "الزعماء" شيئا إلا الإعلان عن كلماتهم المرتقبة، وترك الشارع ينتظرهم حتى ساعات متأخرة من الليل، ليطلعوا علينا بالعجائب المخزية الخسيسة، لكفاهم! فهم إن وعدوا أخلفوا، وإن خاصموا فجروا، وإن حدثوا كذبوا! لكن المشهد الليبي ترك للأ مة هذا الحدث الفريد من تاريخ ال"الجملوكيات" – كما سماها المفكر السوري خالص جلبي- والذي يتمثل في خروج ابن "الزعيم"– كموسولينيٍ مجنونٍ مُصغر-، يتهدد ويتوعد برعونة، وصفاقة، وليتحدث عبر ثلاثة فضائيات عربية – على الأقل- رافعا سبابته تلك بالويل والثبور لمن لايريد الانصياع لرأيه والقبول بال..."الإصلاحات"، والتي منها "الجلوس للتفكير في دستور للبلد" !، الذي مافتيء يُحكم منذ أربعين عاما دون دستور، ولا دولة، ولاجيش، ولا بنى تحتية، ولا أمن، ولا نظام، ولا إنسانية، والذي تمّت عملية توزيع ثرواته وسلطاته على أبناء الزعيم وأفراد أسرته! حالة عربية تسود أرجاء المنطقة، التي أصبحت مقاطعات مشاعة لهذه الأسر، يذبحون أبناءها ويستبيحون ثرواتها!
كان لي جدٌّ نقيٌّ كالضّياء ...
يحملُ الغصنَ و يمضي
في الفلاة ...
يزرعُ الحُبَّ و يجني
مصطفاه
كان لي جدٌّ بلا خوفٍ يعيش ، .
يشربُ الصفوَ من النبعِ
و يتلو للصباح ...
يلثم الزهرَ و يحنو للتراب ...
وطني الكويت سلمت للمجد
كل عام والكويت بخير وعزة وأمان
الصفحة 106 من 432