بارك الله في شباب الأمة، هذا الجيل الأبيّ، الذي أبى الرضى باستمرارالذل والمهانة، ومعاملة الإنسان على أنه دابة أو جرثومة في أرض الحضارات والرسالات السماوية، وأبى أن تستمر الأحوال في هذه الأمة على ماكانت عليه، من التعامل مع المواطن وكأنه مخلوق في قطيع يتوارثه الطغاة أباً عن جد، لارأي ولامشورة ولا مشاركة ولاحرية ولاكرامة، وأبى أن يسكت على الظلم والفساد، وسرقة مقدرات وأموال منطقة تعتبر من أغنى مناطق الأرض،بينما تعيش الغالبية العظمى من مواطنيها تحت خط الفقرفي ذل وتخلف وإقصاء وعبودبة، ويستمر نزيفها البشري هجرة ونزوحا طلبا للخلاص، كما استفاد من الثقافة العالية التي توفرت لمن أراد، في عصر العولمة والمعلوماتية، وجمهوريات الأمن المقامة في العوالم الانترنيتية.
لعلّنا الآن أحوج من أي وقت مضى لنجمع ابرع مهندسي العمارة ومديري المشاريع الإسكانية وأعظم الرسامين والبنائين وأصحاب الذوق الرفيع في البناء ولا ضير إن سرقنا بضع تصاميم من هنا وهناك وقليلاً من التقليد الأوروبي لنبني قصر ضيافة فخماً ،، ونجعل بوابته ذهبية منمّقة تسرّ الناظرين وحوله الحدائق الغنّاء ونواعير الماء وزهور من شتى الأنواع والألوان وحارساً كهلاً لا عمل ولا فعل لديه سوى فتح البوابة وإغلاقها بعد كل زائر ، ليقول مع كل قرع للجرس أو يد هاوية : من بالباب ؟ ،، ليطلّ عليه رئيس مخلوع جديد أو حاكم لم يستطع أن يخرج مخرجاً مشرّفاً أنيقاً بعض الشيء من بلاده تاركاً وراءه كرسياً خشبياً نخرت فيه أصغر حشرات الكون ولم يكن معتليه ليخجل من ثقل وزنه والتنحّي عن عرشه الدنيوي ليريح شعباً أثخنته جراح وآلام وطعنات الظلاّم !! ،، بل سار ولاة الأمر في درب بعيد مخلّفين ورائهم دروباً لو كانوا مشوا فيها لجنّبوا أنفسهم عناء العودة المخزية ، التي حظي بها كل منهم أو سيحظى !!
من الواضح إن إشكالية التعليم في العالم الإسلامي إشكالية ذات طابع ثقافي أي أنها في الأصل " إشكالية ثقافية " وقد يتضح صحة ذلك القول إذا ما تم تحديد كل من مفهوم الثقافة وعلاقة الثقافة بالحضارة والمدنية التي هي دلالات لتقدم المجتمعات أو تخلفها .
أولا : مفهوم الثقافة قديما وحديثا :
تعتبر " الثقافة " الأساس الأول الذي يؤثر ويتأثر بالتعليم حيث أن من وظائف التعليم الهامة نقل التراث الثقافي وأيضا تجديد وإحياء الثقافة ، لذلك فالعلاقة بين الثقافة والتعليم علاقة دائمة وملازمة ؛ لذا فإن " إشكالية الثقافة" تعتبر نظام كلى يتضمن كثير من نظم ومنظومات فرعية أخرى هي إشكاليات المجتمع المتعددة وفقا لأبعادها المتعددة :السياسية _الاقتصادية _ الاجتماعية _ ... الخ .والتي قد تؤثر وتتأثر بإشكالية التعليم ؛ وقد يتضح ذلك في ضوء استعراض موجز لمصطلح الثقافة ومصطلح الحضارة .
الحمد لله و الصلاة على من لا نبي بعده و بعد :
لقد أحببت أن أجد الحب و الروعة و الجمال في الصداقة و الأخوة .. فلم أجد الصداقة إلا إسـمـا لغير شيء .. لقد آلمتني الوحدة .. و عجزت عن إحتمالها .. فخالطت الناس .. و استكثرت من الأصدقاء و الأصحاب .. فوجدت بذلك الأنس لنفسي .. و أصبحت أضحك و أمزح و أفرح .. حتى يعدني الرائي أسعد من على الأرض
و الآن و قد نفضت يدي عن الصداقة حتى إشعار آخر .. و غدوت وحيداً لا أملك سوى ثلة من الأصحاب .. لا يبلغون عدّ أصابع اليد الواحدة .. و مـا هم باصحاب و لا أصدقاء .. إنما أناس أشم فيهم أحيانا قليلة روح الصداقة .. و عبق الأخوة
فـأين هو ذلك الشاب الذي أحببته .. الذي كنت أحسبه صديقا .. أخا .. حبيبا ..أين هو ؟ أين اختفى ؟
أين رفيقي الذي اودعته في قلبي .. و في أعماق قلبي .. هل تلاشى ؟ ..أين هو بعد أن نسيني الناس .. و عقني الكل .. و تغير العالم عليّ
أين هو بعد أن تكدرت الأيام .. و اشتدت الآلام .. و ابيضت الأعين
منذ سنوات أواسط القرن العشرين المنصرم، وهي السنوات التي بدأ العالم العربي بالإستقلال عن كل من بريطانيا وفرنسا، لم تشهد الأمة العربية تغييرا جذريا في هيكلية مؤسساتها. لقد كان التغيير شكليا، وبخاصة فيما يتعلق بالمؤسسات السياسية، وتحديدا الأنظمة السياسية.
تحت ظلال هذه الأنظمة العربية السياسية، عاش المواطن العربي زاحفا لاهثا وراء تحصيل لقمة عيشه، وحبة الدواء لمريضه، وقسط من التعليم لأبنائه الذين قدر لهم أن يتعلموا، وأما أولئك الذين لم يكتب لهم أن يتعلموا، وهم كثر، فظلوا رهينة الجهل والأمية والفقر المدقع.
إلا أن منظومة لقمة العيش، وحبة الدواء، وهذا القسط من التعليم، وارتفاع مستوى البطالة التي تنتمي إلى الوضع الإقتصادي السائد في معظم أقطار العالم العربي باستثناء القلة، ليست هي الحدود التي تنتهي عندها مشكلات العالم العربي والإنسان العربي. ثمة مشكلات سياسية خطيرة هي الأخرى، لا تقل خطورة عن المنظومة آنفة الذكر.
الصفحة 108 من 433