إن ما تعرفه الحركة الجمعوية في الوقت الراهن من دينامية وتطور، يفرض تبني سياقات معرفية جديدة، قادرة على الإجابة التنظيمية المتعلقة بالإشكاليات التي أصبحت تطفو على السطح، وتؤثر إيجابًا وسلبًا على الممارسة الجمعوية، ومن أبرزها: تلك المرتبطة بمسارات تداول المعلومات والقرارات وكيفية إشراك الجميع في عمل أي هيكل جمعوي قائم. علاوة على ذلك، مشكل التوثيق الذي يعتبر الداعم الأساسي، لتلك المعلومات والقرارات والسند الرئيسي لتراكم التجارب على مستوى الجمعيات. إن ذلك يحتم ضرورة الاستناد على نظام جديد لتسيير المعلومات والقرارات، مع كل ما تحمله في طياته كلمة (نظام) من دلالاتٍ ومعانٍ عميقة، من قبيل المَأْسَسَة الفعالة والنَمْذَجة الإيجابية، وما توحي به صيغ التعامل المحوكم من التدبير الجيد والتسيير الرشيد والأداء الشفاف والغاية ذات المصداقية والرؤية المتسمة بالنجاعة والكفاية. هكذا، ومن أجل ضمان فعل جمعوي يتسم بالريادة، والتأسيس لأخلاق جمعوية سامية، فإنه من المفروض على التنظيمات الجمعوية الأخذ بالمبادىء الكبرى والقيم الأساسية للحكامة الجيدة، والحرص على تطبيقاتها العملية، من حيث هياكلها من جهة، ومن حيث تسييرها من جهة ثانية.
يمكن القول بأن تقويم البرامج العامة والمحلية هو حجر الزاوية في أداء الإدارة العامة والمحلية وتطوير هذا الأداء، بيد أن العديد من وحدات الإدارة العامة والمحلية العربية تعاني في الأغلب الأعم من مشكلات رئيسية في إجراء تقويم علمي فعال للبرامج العامة والمحلية، ولوحظ أن هذه المشكلات قد تعود بالأساس إلى عدم وجود إدراك بالقدر المنشود لدى الكثير من العاملين في الإدارة العامة والمحلية لمفهوم التقويم العلمي وأسسه وآلياته؛ ومن ثم يجدر بنا في هذا المقال محاولة إلقاء الضوء بشكل سريع على الإطار المفاهيمي لتقويم البرامج العامة والمحلية.
بداية فإن التقويم في اللغة (حسبما جاء في معجم المصطلحات الفقهية، والمعجم الوسيط، والمعجم الرائد، وغيرها من المعاجم) لها عدة معان، منها: أحسن تقويم (أكمل تعديل وأحسن صورة)، وتقويم النصاب (وضع قيمة له)، وتقويم السنين (حساب الزمن بالأيام والشهور)، وتقويم البلدان (تعيين مواقعها وبيان ظواهرها)، وتقويم السلعة (تحديد البدل العادل عنها)، وتقويم النقود (إعادتها إلى قيمتها الأصلية)، وتقويم الأسنان (إصلاح إعوجاجها)، وتقويم السلوك (تعديله).
في كل مرة تظهر أزمة اقتصادية حكومية في دولة ما؛ وتحتاج هذه الحكومة إلى الذهاب إلى صندوق النقد الدولي للمساعدة والاقتراض؛ يطل علينا صندوق النقد الدولي بروشتة علاجية لاقتصاد هذه الدولة كشرط لتقديم المساعدة والاقتراض.
وفي كل مرة يقدم صندوق النقد الدولي روشتة إلى حكومات الدول التي تعاني من أزمات؛ نجد أن هذه الروشتة لا تختلف كثيرًا في جوهرها؛ حيث تدور بالأساس حول رفع الدعم ورفع الأسعار وتحرير العملة، وتسير هذه الروشتة وفقا للمدرسة الليبرالية الكلاسيكية (Classical liberalism) أو للمدرسة الليبرالية الجديدة (Neoliberalism)، وهما مدرستان تستندان إلى مفهوم الحرية السلبية (Negative liberty)، وهو المفهوم الذي يشير إلى حرية الفرد في عدم الخضوع لسلطة الآخرين، وتؤكد المدرستان على حرية التجارة وعلى الحد الأدنى لدور الإدارة الحكومية في الاقتصاد.
تطورت فلسفة إدارة المحليات في الآونة الأخيرة لتعبر عن أساسين رئيسين وهما : اللامركزية الجغرافية والتنمية المحلية ، ومن المفترض أن تقود اللامركزية الجغرافية إلى التنمية المحلية ؛ ومن ثم يتعين البحث في الأسس العلمية لكل من اللامركزية الجغرافية والتنمية المحلية :
1 - اللامركزية الجغرافية والمجتمعية.
يتم التقسيم الإداري والحدود الجغرافية لوحدات الإدارة المحلية بمختلف مسمياتها (مناطق، محافظات، مدن، الخ) بالاستناد إلى معايير علمية موضوعية تحقق أغراض اللامركزية المجتمعية، وأهمها: التمكين المحلى، والتنمية المحلية المستدامة،وعدالة توزيع الموارد الطبيعية المتاحة بالدولة ككل على وحدات الإدارة المحلية مع مراعاة بعض الخصوصيات؛ وبما يحقق استغلالا كاملا ومحليا لتلك لموارد، ومن أبرز تلك المعايير الاسترشادية :
3- البناء الجيولوجي مستودع الثروات المعدنية في الوطن العربي:
- التركيب الجيولوجي للصحاري العربية Geological Structure:
تنتمي الصحاري العربية في بنائها الجيولوجي الى تكوينات تشكلت في أزمنة جيولوجية متفاوتة، ومن هنا جاءت أهميتها كعنصر جذب سياحي، ومن دراسة الخريطة الجيولوجية للصحاري العربية يمكن ايجاز هذه التكوينات على النحو التالي
1. صخور نارية ومتحولة : تمثل صخور القاعدة وتتكون من صخور الجرانيت والنيس والشيست والكوارتز، وتظهر صخورها عارية على السطح في غرب شبه الجزيرة العربية (الدرع العربي) وفي الصحراء الشرقية من مصر وامتدادها في السودان وفي جنوب سينا وفي كتلة العوينات على الحدود السودانية المصرية الليبية، وفي بعض اجزاء تبستي والاحجار، ويرتبط بمثل هذه التكوينات المعادن الفلزية كالذهب والفضة والنيكل والرصاص والقصدير وغيرها.
2. تكوينات الزمن الاول (الباليوزويك): وتنتشر في مناطق محدودة من الصحاري العربية وتظهر في جنوب ليبيا والجزائر، وأهم التكوينات المؤشرة عليها هو تواجد الفحم وهذا يفسر فقر الوطن العربي في ثروته الفحمية عموماً.
2- الموقع الجغرافي للصحاري العربية :
اذا كان الوطن العربي يحتل مركز القلب من كتلة العالم القديم فإن الصحاري العربية تحتل مركز القلب من الوطن العربي (خريطة رقم 1) حيث ينصفها مدار السرطان، بل وتتجاوز هذه الصحاري قلب الوطن العربي نحو اطرافه لتطل على الخليج العربي شرقاً وعلى سواحل المحيط الاطلسي غرباً ولا يحدّها عن سواحل البحر المتوسط سوى جبال الاطلس في المغرب العربي ومرتفعات بلاد الشام في سوريا ولبنان والاردن وفلسطين، وبذلك تشكل الصحاري العربية جسراً أرضياً عظيماً يربط جناحي الوطن العربي الآسيوي والافريقي، وقد شكلت الصحراء رغم جفافها معبراً للهجرات العربية وللفتوحات الاسلامية نحو أقطار آسيا العربية وآسيا ونحو أقطار افريقيا العربية وافريقيا، فاتسعت رقعة الامة العربية والاسلامية اتساعاً كبيراً وخاصة في هذين الاتجاهين (آسيا وافريقيا).
توطئــــــة :
يشغل الوطن العربي مساحة عظيمة الاتساع من اليابس تبلغ نحو 14 مليون كم2، وهو بذلك اكبر مساحة من الولايات المتحدة الامريكية بل يفوق بمساحته القارة الاوروبية كلها، وهو بذلك يمثل 10.15 % من مساحة اليابس في العالم، وتمتد أراض الوطن العربي عبر قارتي افريقيا وآسيا امتداداً شاسعاً بين خطي عرض 2ْ جنوباً (الصومال) و 37ْ شمالاً (شمال سوريا) وبين خطي طول 16ْ غرباً (على سواحل الاطلسي) و60ْ شرقاً (سواحل عُمان) ليصل اقصى امتداد شرقي غربي لاراضيه حوالي 6000 كم2 واقصى امتداد شمالي جنوبي حوالي 4000 كم2 ، وتبلغ نسبة الاراضي العربية الافريقية حوالي 72.6 % من مساحة الوطن العربي ومساحة الاراضي العربية الآسيوية النسبة الباقية (27.4%) .
الصفحة 3 من 6