نشأ المسرح العربي بصيغته الراهنة (( العلبة الإيطالية )) على يد التاجر مارون نقاش المولود في صيدا عام 1817 م ، الذي كان كثير الأسفار ، فقد سافر إلى مصر أواخر أيام محمد علي ، ثم إلى ايطاليا و هناك شاهد العروض المسرحية فخطر له أن ينقل التجربة إلى بلده . يصف الرحالة الانكليزي ديفيد أوكيوهات العرض المسرحي الذي أنجزه مارون النقاش في بيته . يقول :
التاريخ هو.. الوعى بالذات الجمعى, من خلال التعرف على أحداث الأيام وردود أفعال الأجداد حيالها.. هو اذن الأحوال المادية المتحققة للكلمة المعنوية /الوطن.
ولأنه يضم البعد الزمانى المكانى فى التجربة الانسانة, كما يضم فكرة الفعل ورد الفعل وفكرة الصراع, بات التاريخ نبعا من منابع الالهام للفن والابداع.. وكل أشكال التعبير عن علاقة الفرد والجماعة مع بعضهم البعض , فى اطار من الأوشاج السببية.
ظلت المعرفة التاريخية هى ملاحقة الملوك والسلاطين والأباطرة والقياصرة, حتى كانت فى القرن التاسع عشر (فى أوربا) الدراسات التاريخية للشعوب فى حياتها الاجتماعية والاقتصادية.. بعد الثورة الصناعية هناك.
وظيفة المسرح
قبل الحديث عن وظيفة المسرح لا بد من الحديث عن وظيفة الفن بشكل عام .
إن البحث في هذه الظاهرة الإنسانية ، أعني الفن ، بحث يطول و لا يسبر غوره . لأن الفن رافق الإنسان منذ لحظة وجوده الأولى على سطح الأرض ، و قد أدلى الفنانون و الفلاسفة بآراء شتى حول هذا الموضوع ، فمنهم من تحدث عن وظيفة اجتماعية للفن ، و آخرون تحدثوا عن وظيفة وجودية ، و نفر ثالث قال بوظيفة نفعية .....الخ
إني أميل إلى تلخيص وظائف الفن بأربع وظائف هي :
عندما سكنت الغرفة 306 وجدت امرأة يابانية تميل إلى القصر، واقفة بالشرفة المجاورة والملاصقة لشرفتي، قمت بتحيتها قائلا: أوهايو (صباح الخير)، فردت بابتسامة واسعة: أوهايو. وعرفت منها سبب مجيئها إلى فارنا، فابنتها الباليرينا واتاناكي كيوكو، الطالبة بالأكاديمية الفرنسية بباريس، مشتركة في تقديم باليه على المسرح البلغاري بفارنا، مع جنسيات أخرى، ضمن نشاط منظمة اليونسكو العالمية للتقارب بين الشعوب.
ما سأكتبه هو أقرب إلى الأفكار و الخواطر أكثر من كونها دراسة منظمة . و قد و جدت أنه من المفيد أن أقولها بصوت مرتفع كي يسمعها الآخرون و نفتح نقاشا حول هذا الأمر .
نسمع و نقرأ كثيرا عن الأزمة التي يعيشها المسرح العربي و من أعراضها ابتعاد الجمهور عن العروض المسرحية الجادة ، و هجرة العاملين في المسرح إلى التلفزيون ، و من ثم تراجع عدد الأعمال المسرحية و قلة عدد الكتاب الذين يكتبون للمسرح . .....الخ
فما هي أسباب هذه الأزمة ؟
قبل أن نبدأ بحديث الأزمة لا بد لنا من توضيح نقطة هامة حول ما يعنيه مصطلح (( المسرح العربي )) . فعندما نقول لأي إنسان كلمة مسرح فإن ذهنه يستدعي على الفور مكان العرض المسرحي ، المتمثل بصالة عرض مؤلفة من خشبة مسرح و مقاعد للمتفرجين ، بارتفاعين مختلفين و يفصل بينهما الستارة ، التي تفتح مع بداية العرض و تغلق عند نهايته لتفصل صالة العرض إلى عالمين مختلفين لا احتكاك بينهما . عالم ما خلف الستارة من ممثلين و فنيين ، و عالم المتفرجين الجالس أمام الستارة .
من شرفة الغرفة رقم 306 أستطيع أن أطل على مدينة فارنا وبحرها الأسود الساحر، وجبالها الخضراء المعشوشبة، وأن أتلصص على جيراني اليابانيين والصينيين والكوريين والهنود والروس والأتراك والألمان، وغيرهم من الجنسيات المختلفة التي تشغى بها شوارع وفنادق مدينة فارنا في هذا التوقيت من العام.
من الشرفة أيضا أطل على أحد المطاعم الأمريكية المنتشرة في أنحاء العالم الآن.
فالبلغار وهم في طريقهم إلى التخلص من الشيوعية، أدخلوا سلسلة هذه المطاعم في بلادهم، لإثبات حسن نيتهم مع الأمريكان.
هنالك أكثر من رابط عضوي أزلي بين هذين العنوانين العريضين ، ولعل محاولة الوصول إلى هذه الروابط كانت وبلا شك محط محاولات عديدة على مر العصور ومادة خصبة للبحث والدراسة ، ومنذ أرسطو وتلميذه سقراط والمحاولات ما فتأت دؤوبة تارة لدى الفلاسفة وتارة لدى الأدباء والنقاد وأطوارا أخرى لدى العديد من مفكري الإنسانية ومتتبعي الشأن الثقافي والتراث الإنساني المتجدد دائما مع حركة الحياة وإبداعات الإنسان .