من يقرأ تاريخ تركيا يعجب من التغيرات التي تحدث في تلك المنطقة..فمنذ سقوط الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الثانية وظهور حركة قومية يقودها مصطفى أتاتورك الذي ألغى الدولة العثمانية وأعلن الجمهورية التركية ونجح في تبديل المبادئ والقيم الإسلامية إلى أعراف علمانية ومسح اللغة العربية واستبدلها باللغة التركية حتى في.. الأذان! وبدى واضحا حنق مصطفى أتاتورك على المسلمين والعرب في الذكرى العاشرة لتأسيس الجمهورية التركية عندما جمع أتاتورك المصاحف والكتب الدينية ووضعها على ظهور الإبل متوجهة إلى الجزيرة العربية ويقودها شخص بزي عربي وعلى رقاب الإبل لافتة (جاءت من الصحراء، ولتعد إلى الصحراء، وجاءت من العرب، فلتذهب إلى العرب)!
ثلاثون يوما منذ أن عقد لقاء أنابوليس في السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني / نوفمبر من العام 2007 ، حتى كتابة سطور هذه المقالة . وقد كان من المفترض أن يكون هذا اللقاء راعيا وكافلا وضامنا أمينا لما أطلق عليه مفاوضات الحل الدائم ، وإقامة الدولة الفلسطينية الديموقراطية ، القابلة للحياة ، والمتعايشة سلميا مع الدولة الإسرائيلية .
يفترض أن تمثل الأنظمة المختلفة شعوبها، فالنظام قبل كل شيء خادم للشعب وقائم على راحته، والشعب يمثل الهدف الذي وجدت الأنظمة لحمايته ورعايته وسعادته. ولكن للأسف فإن الأنظمة العربية، تزداد يومًا بعد يوم ابتعادًا عن الشعوب، حتى ليصدق فينا وفيها قول الشاعر العربي:
كان من المفترض أن تتوقف ، أو حتى أن تتجمد ولو لأيام منظومة الإنتهاكات الإحتلالية اليومية في أثناء انعقاد لقاء أنابوليس . إلا أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث على أرض الواقع ، وظل المشهد الفلسطيني العام يرزح تحت وطأة الإجتياحات والإغتيالات والإعتقالات والحصارات والحواجز ، وكأن هذه التظاهرة السياسية في أنابوليس لا تخصه ولا تعنيه .
الخطوة التي كان من المفترض أن تجيء في إطار النوايا الحسنة تجاه مشاركتها في اللقاء الدولي المزمع عقده في السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني /نوفبر 2007 في مدينة أنابوليس الأميركية ، والمتمثلة بتحرير الحكومة الإسرائيلية أربعمائة وواحد وثلاثين أسيرا فلسطينيا يوم الأحد الخامس والعشرين من تشرين الثاني / نوفمبر 2007 ، هذه الخطوة لم يكتب لها أن ترى النور . فقد أقدمت الحكومة الإسرائيلية ، وسط استهجان الفلسطينيين واستنكارهم لها ، على تأجيلها دون معرفة الأسباب إلى أجل غير مسمى .
هي أكبر أكذوبة عرفتها البشرية, وتلك الأكذوبة التي مارسها الغرب كسلطة كنسية متطرفة وسلطة حاكمة مستبدة على أبناء الغرب كله. فقد تم خداع الغربي بمفاهيم تعادي الإسلام ومن أهم هذه المفاهيم التي استطاع الغرب أن يحافظ على ترسيخها طوال قرون خلت.
صادف يوم التاسع عشر من تشرين الثاني / نوفمبر 2007 الذكرى السنوية الثلاثين للزيارة المشؤومة التي قام بها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات إلى الكيان الإسرائيلي ، حاطا رحاله في الكنيست الإسرائيلية ، حيث ألقى خطابه المعهود آنذاك ، كاسرا به أول حاجز ، وأشده منعة بين الأمة العربية والكيان الإسرائيلي الغاصب ، ومانحا إياه شهادة شرعية وجوده .