في أكتوبر عام 1973 حشدت مصر مليون عسكري وأصلت إسرائيل ب185 قذيفة مدفعية في الثانية كانت تنطلق من فوهات 11000 مدفع، وقامت سوريا بحشد أربعمائة ألف عسكري وألف خمسمائة دبابة في جبهة عرضها سبعين كيلومتراً، وقامت الدولتان ببناء حائط صواريخ دفاع جوي اعتبر الأكثر تطوراً وكثافة في وقتها وقد كلف بناؤه تحت القصف الجوي الإسرائيلي نهراً من الدماء والأموال. ثم ضحى آلاف الرجال بحياتهم في هجوم منسق عظيم وهم يرددون "الله أكبر باسم الله" . على أن كل لك لم يجد نفعاً، وإذا بإسرائيل تصبح على بعد 101 كم من القاهرة 35 كم من دمشق بعد احتلال إسرائي لستة عشرة قرية سورية جديدة. فلماذا؟
في حين تستعد المنطقة للقاء السلام الدولي الإقليمي المنتظر ، والمفترض انعقاده في بحر الخريف القادم ، وفي حين أن كثيرا من الانظمة العربية تحلم ان يناقش هذا اللقاء بنود المبادرة العربية للسلام الذي شكل الخيار العربي الوحيد منذ مطلع القرن الحادي والعشرين الحالي ، في حين هذا وذاك ، طلع علينا مؤخرا وزير الدفاع الإسرائيلي " إيهود باراك " ، قاطعا الشك باليقين ، واصفا " مساعي السلام مع الفلسطينيين بانها مجرد تخيلات ، وان إسرائيل لن تنسحب من الضفة خلال السنوات الخمس القادمة .
تحيي الولايات المتحدة الأميركية هذه الأيام الذكرى السنوية السادسة لأحداث الحادي عشر من إيلول / سبتمبر من العام 2001 . ومما لا شك فيه أنها ذكرى أليمة لحدث خطير جدا تزامن ومطلع الألفية الثالثة ، ملونا بدايات مشهد القرن الحادي والعشرين بألوان العنف والدم والخراب والتدمير في أكثر من قطر من أقطار العالم .
يواصل الرئيس الفلسطيني لقاءاته مع قادة العدو الصهيوني ويمعن في رفض الحوار مع شركائه في الوطن ويكابر ويزايد إن كان ذلك بالتصريحات والخطب الرنانة أو بالمراسيم والقوانين غير الشرعية لمحاصرة قطاع غزة البائس. فلمصلحة من تصب هذه المزايدات والمماحكات؟ فهل حقا أن الإدارة الأمركية والكيان الصهيوني جادان في تقديم أي شيء للرئيس الفلسطيني؟ أم الغاية هي الإجهاز على القضية الفلسطينية وتصفتيها عبر تغذية الخلافات وما الرئيس الفلسطيني إلا أداة لتنفيذ ذلك؟ فماذا يييت بوش وأولمرت للفلسطينيين؟
مما لاشك فيه أن تحرير أي أسير فلسطيني من المعتقلات الإسرائيلية ، يشكل ترجمة لواحد من أهم الثوابت الفلسطينية . صحيح أن عملية التحرير الأخيرة لم تكن بحجم طموحات الفلسطينيين ، إلا أنها أدخلت فرحة ما ، وإن كانت مبتورة إلى القلوب التي ما زالت يعتصرها ألم اعتقال أحبائها ، والذين تجاوزت أعدادهم الأحد عشر ألفا .
كتبت المقالين السابقين محذرًا من تغلل الفكرة الصهيونية اللا إنسانية في صحافتنا المحلية بقصدٍ أو دون قصد، عبر مجموعة من أصحاب الزوايا الصحافية التي تعترف بالكيان الصهيوني المحتل، وتعتبر المقاومة الفلسطينية عملاً (غير حضاري) في كثيرٍ من الأوقات.
تكلمت في المقال السابق عن خطورة الترويج للمزاعم الصهيونية، ووجوب التثبت قبل إلصاق التهم بالمكافحين للمشروع الصهيوني العنصري والعدائي، وضربت لذلك مثالاً هو ما سطره الكاتب صالح الشايجي من اتهامات خطيرة موجهة ضد فصيل إسلامي وعربي في حالة حرب مع كيان غاصب.