هذا العدد الضخم يدل على أن مفهوم الإرهاب لدى الإدارة الاميركية مفهوم هلامي فضفاض واسع، ولو لم يكن كذلك لما بلغ عدد المصنفين تحت مسمى «إرهابي» هذا العدد الضخم! وهذا يستدعي من عقلاء العالم وقفة جادة في وجه هذا التهاون الذي أدى ويؤدي إلى تصفية واعتقال الأبرياء بدعوى أنهم إرهابيون من دون أن تعرف حقيقة التهم الموجهة إليهم، والأسس التي تم وفقها ترسيمهم بهذا اللقب المدمر الكريه!
تضع حادثة الإساءة للإسلام وللرسول الكريم عليه الصلاة والسلام التي اقترفتها مؤخرا الصحيفة الدنماركية " ييلاند بوسطن "، والتي شاركتها فيها صحف أوروبية واسترالية ونيوزيلاندية وغيرها، وما سبقتها من إساءات متعمدة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين على أقل تقدير موضوع الثقافات الانسانية المختلفة على المحك. وانطلاقا، فهي تطرح سؤالاً عريضًا: هل الثقافات الإنسانية المختلفة المشارب والرؤى والاتجاهات في طريقها الى الوئام ام الصدام ؟
أولاً وقبل كل شيء، يجب أن نعترف على أن هذه الرسومات الساخرة من النبي صلى الله عليه وسلم كما تم نشرها في الصحيفة الدنماركية Jyllands-Posten وأعيد نشرها في صحف أخرى لم تكن بريئة وأنها عدوانية بكل المقاييس. وأكثر من ذلك، بنشر هذه الرسوم تم الاعتداء أخلاقيا وقانونيا على حرية الصحافة والتعبير.
إذا كانت هذه الغارة الإجرامية على حمى الأمة الإسلامية يحسبها الكثيرون ضارة، ومحبطة للعزائم والهمم، فإنها على عكس ذلك منشطة، ودافعة، للوقوف مرة ثانية، شريطة أن تحضر فريضة التفكير، كرد فعل يقارع حرية التعبير، التي من المؤكد أنها ستختفي بمجرد، أن تجد ندٍّا لها، يعرُّفّها حقيقتها، ويشعرها بأن هناك ردعا صارمًا، يستمد قوته من العقيدة التي تتهكم بها هذه الحرية الساقطة، ولو اقترنت بالتعبير الحضاري الذي يدعونه زورا وبهتانا.
وما رأيناه من صور ومشاهد لتظهر بجلاء الوجه القبيح للولايات المتحدة الأمريكية، وإذا كانت هذه هي الديمقراطية التي ترفع لوائها إدارة بوش وطاقمها المتعجرف فلا غرابة أن تشتد المقاومة على حضورها في العراق من أجل استعادة الأرض وتنقية العِــرض.
لئن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقتصر في مشاوراته على أمور السياسة في الحرب والسلم، وفي مصالح الحياة الدنيوية، في الغالب؛ استغناء بما يأتيه من الوحي؛ فإن الحكّام والعلماء من بعده بحاجة ماسّة إلى التشاور في كلّ قضية ذات بال، ليس فيها نصُّ كتاب أو سنّة، وحتى فيما فيه نصوص محتملة، فهم بحاجة إلى اختيار أنسبها في العمل والتطبيق