أيهما أهم للطفل: التعرف على المعنى الشعري في القصيدة، أم الاستماع إلى موسيقى الألفاظ...؟
وهل نطلب من أطفالنا أن يفهموا كل شيء يقرؤونه في مجال الشعر، أم نطلب منهم أن يحفظوا ويرددوا فقط دون فهم المعنى أو المراد من النص الشعري الموجه إليهم؟
وهل إذا حاول أطفالنا أن يكتبوا شعرا سنطالبهم بالحفاظ على الوزن والقافية والالتزام ببحر شعري ما، أم سنشجعهم على الكتابة فحسب، أيًّا كان الناتج الأدبي الذي سيخرج من بين أصابعهم ووجداناتهم دون الالتزام بالوزن أو الإيقاع أو القافية أو البحر...؟
يرى البعض أننا يجب أن نعوِّد أطفالنا على الالتزام بموسيقى شعرية ما إذا حاول أحدهم أن يقترب من عالم الشعر، بالضبط مثلما يلتزم بلغة عربية سليمة، نحوًا وصرفًا إذا ما حاول أن يكتب شعرا باللغة العربية.
ولكن هل يتسنى لأطفالنا في سن المرحلة الابتدائية أو المرحلة الإعدادية أن يمتلكوا ناصية التعبير الموسيقي السليم دون دراسة علم الأوزان والقوافي ...؟
يرى البعض أن الشاعر الصغير عادة ما يكون موهوبا في هذه الناحية، أي أنه يمتلك الموسيقى الشعرية دون دراسة لجوانبها المختلفة.
بدأتُ الكتابة الحقيقية في أوائل السبعينيات، وكان ما قبلها كتابات لشاب مراهق يقلد ما يسمعه من أغان وما يقرأه من قصص وما يسمعه من حكايات. إلى أن ذهبت لقصر ثقافة الحرية، وبدأت التعرف على شعراء الإسكندرية وكتاب القصة والرواية والمسرح بها، فأحسست أن ما كنت أكتبه دون المستوى، فبدأت أكثف من قراءاتي وأستفيد من الملاحظات التي توجه لكتاباتي، من خلال الأساتذة والأصدقاء الذين التقيت بهم في قصر ثقافة الحرية.
يقولها بعضهم تندرا، وبعضهم الآخر تشنيعا، وقليل منهم قلقا. تتعدد أسباب تكرار الرجال لحقيقة أنّ معظم أهل النار من النساء. هنا، ما يهم ليس موقف الرجال حول هذه الحقيقة الثابتة بالحديث النبوي، بل بالنظر إلى هذه الحقيقة بجدية وتعمّق.
بداية، علينا معاشر النساء أن لا نشعر بالغضب أو الحقد على الشريعة لأنه قد جاء فيها أن النساء أكثر أهل النار! فهبنَ أني نقلت إلى فوج من الطلبة خبرا مفاده أن نسبة النجاح في الثانوية هذا العام 40% فقط، فانهالوا علي سبّا وشتما. سلوكهم هنا غير مبرر، وتنفيسي، بل وأحمق. فأنا نقلت لهم حقيقة ترجمتها أن غالبيتهم لم تنجح. وبدلا من البحث عن أسباب رسوبهم، هاجموني ناقلةَ الخبر. هذا السلوك المضحك المبكي هو سلوك نساء ورجال كُثُر حين يسمعون بالحديث الشهير:
"خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال: أيها الناس تصدقوا. فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقلن وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير ..." (صحيح مسلم)
(وللحديث تتمة كثيرا ما تثير الجدل بدورها، تطرقت لها في مقالة سابقة.)
وضعُنا نحن النساء في خطر، ويزداد خطرا إذا ضممنا لهذا حديثا آخر يفيد المعنى ذاته:
الرصيد المعنوي من المُستغرب أن يكون كل ما يسعى إليه المرء, وكل ما يتلهف إليه طوال حياته هو الحصول على الثروة فقط ,وبأن التي يعتبر تلك الثروة وهي رصيده المادي ما سوف يضمن مستقبله ومستقبل عائلته وما سيؤمن له سُبل تحقيق ما يصبو إليه من رفاهية ومن راحة طوال الحياة. قد يختلف كل منا عن الآخر في أسلوب سعيه إلى تحقيق ذلك الرصيد المادي وقد نتباين في مدى تطلعنا وفي مدى تعلّقنا بمثل هذا الهدف, لكن ليس بإمكاننا بالطبع أن نُنكر بأن هناك دوماً في أعماق نفس كل منا الكثير من الرغبات ومن الآمال والطموحات التي ترتبط في تفكرينا بما يُحققه المال فقط. كفاح ونضال وتزاحم وسعي دائم قد يكون أحياناً سعياً مستميتاً يخوضه المرء طوال حياته لتحقيق هذا الهدف. تطلّع وسعي يبدأ حتى منذ سنّ الطفولة المُبكرة وهو بالطبع من الأمور الغريزية التي نلحظها حتى لدى أطفالنا , يتجلّى بحبّ الاقتناء وببهجة الحصول على الأشياء, وبالشعور بالحرمان عندما لا يحصل الطفل على ما لدى من حوله من رفاق اللعب أومن رفاق الدراسة. كما أن من الطبيعي أن تتطوّر مثل تلك الرغبات والطموحات مع مرور الوقت وبشكل خاص عندما يبلغ المرء سنّ الصبا والشباب, التي هي السنّ الأكثر اتقاداً بالرغبات والأكثر تعلّقاً بالآمال والأكثر سعياً لتحقيق الطموحات. ومن ناحية أخرى مما لاشكّ فيه أيضاً أن آمال وطموحات المرء لابدّ أن تتضاءل بمرور الزمن , وبإمكاننا أن نقول بأنها لابدّ أن تُصبح على الأرجح أكثر اعتدالاً ونُضجاً, وحتى أنها ,عندما يتقدم المرء بالسن , قد تقتصر على أمور بسيطة بحيث يصبح ما كل ما يسعى إليه وما يتمناه هو الراحة والسكينة فقط. ومع ذلك فإن الحقيقة الأبدية التي يعرفها كل منا هي أن محبة المال لابدّ أن تظل سائدة في نفس المرء في جميع مراحل الحياة وحتى عندما يتقدم بالسنّ., وليس على المرء أن يُنكر أو أن يتنكّر لما فُطر عليه بنو البشر من التطلّع إلى حياة الرفاهية التي تُحققها الثروة, وبشكل خاص مع هذا التطور المُتسارع في مختلف جوانب حياتنا ومع ما نشهده يومياً ,من وسائل حديثة ومن تقنيات متطورة أصبحت تؤمنها الحضارة ما أتاح لنا العديد من وسائل الرفاهية, وما أصبح يحفزّنا على المزيد والمزيد من السعي للحاق بركب ما تؤمنه هذه الحضارة الحديثة.
إن الإشكالية التيمولوجية لمصطلح " جمعية" تجعل من الصعب إعطاء مفهوم دقيق ومحدد للسياق النوعي للجمعية، وبالتالي تعريفها دون اللجوء إلى قراءة متعددة تتأرجح بين اللفظ اللغوي والمفهوم العلمي. قراءة تجعله مفهوما "حربائيا" يتلون حسب الثقافات والمرجعيات، ويأخذ دلالاته حسب المنظور الذي يتناول عبره. ومن هذا المنطلق المتذبذب يمكن إبراز بعض السياقات التي يعالج في إطارها مفهوم الجمعية:
سياق التفاوض: تبرز قوة الجمعية من خلال التفاوض، وعبره تتمكن من "بيع" مشروعها أو جزءا من هذا المشروع الذي يختلف في سياقاته ويتميز عن مختلف "المنتوجات"، خاصة في علاقاته المتفق عليها مع السلطات العمومية، والتي تفرض على الجمعية التفكير في الدخــول ضمن منطق التوافق أكثر من اللجوء إلى منطق الاتفاق، وبالتالي إبراز رهان التفاوض بيــن الشريكين: الجمعية والسلطة العمومية(1). وهو مافتئ يتضح من خلال تبني مبادئ المشاركة والتشارك والشراكة، والتي تدخل كلها في اطار "تعاقد اجتماعي مدني جديد" يرفع من مساهمة الجميع في بناء وطن يسع الجميع . هذا البناء الذي تتوطد دعائمه من خلال حرص الجمعيات ككيانات مؤسساتية حرة، مستقلة وتطوعية على الرفع من المستمر والمتواصل للقدرات التمكينية التي تتوفر لدى الطاقات الحية داخل المجتمع، من أجل تحقيق المبتغى المنشود والمطمح المأمول في تكريس تنمية شاملة مندمجة ومستدامة .
مقدمة: سيرا على نهج الخطب الملكية نفسه باعتبارها خطبا من الجيل الجديد، كان الخطاب الملكي في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة للبرلمان، خطابا قويا معلنا في طياته عن "ثورة إصلاحية كبرى " على مستوى إحدى أهم القطاعات الإستراتيجية المعول عليها للوصول إلى مدارج الدول الصاعدة، ألا وهو القطاع الإداري، والذي ما فتئت منظومته تعاني من اختلالات جمة، جعلته قطاعا "معطوبا" ومهددا بالسكتة القلبية في كل وقت وحين، بالنظر إلى كونها اختلالات عميقة تقف عقبة كأداء أمام التنمية في شتى تجلياتها وتمس في الصميم صدق نوايا الإجراءات التحديثية للبنيات الإدارية القائمة؛ مما استوجب بالضرورة لتجاوزها القيام باصلاحات جوهرية وهيكلية. وذلك من منظورـ كما يؤكد الخطاب الملكي ـ "أن النجاعة الإدارية معيار لتقدم الأمم "، الشيء الذي يفرض التفكير الملي في تبني نمط جديد للتدبير الإداري، نمط يجعل من الإدارة رافعة حقيقية للتنمية الشاملة والمستدامة، وإلا فإن عكس ذلك سيشكل في المستقبل كابحا موضوعيا أمام طموح المغرب في الارتقاء الإيجابي إلى مصاف الدول السائرة بثبات نحو الصعود "الإداري" على وجه الخصوص. حيث يشير الخطاب نفسه في هذا الصدد إلى أنه "ما دامت علاقة الإدارة بالمواطن لم تتحسن؛ فإن تصنيف المغرب في هذا الميدان سيبقى ضمن دول العالم الثالث؛ إن لم أقل الرابع أو الخامس". وبذلك فإن جوهر هذا الخطاب الملكي التاريخي هو الدعوة الصريحة إلى بناء صرح الحكامة الإدارية وضمان انتقالها السلس من حكامة إدارية "سيئة" إلى حكامة إدارية "جيدة".
كثيرا ما يرتبط مصطلح الحكامة بالإدارة. فالحكامة الجيدة هي الإدارة الجيدة والتدبير الجيد، كما أن المؤسسـات الدولية كثيرا ما تستعمل مبدأ الحكامة الجيدة من أجل تحديد سمات وخصائص "الإدارة العمومية الجيدة"، التـي يمكن للدولة تبنيها للقيام بإصلاحات مرتبطة بعلاقتها بالمجتمع وما يكتنف في دواخله من عوالم. وعلى ضوء هذا الاستعمال تبرز الصلة الوطيدة بين الحكامة الإدارية والتنمية البشرية. فهذا النمط من الحكامة جزء أساسي لا محيد عنه من خطط التنميـة الحديثة، وإستراتيجية الحكامة الإدارية التي لا بد من الرفع بمبادئها، ما هي سوى إستراتيجية جزئية حتمية مـن إستراتيجية أعم وأشمل هي الإستراتيجية التنموية المستدامة بكل جوانبها الاقتصادية والثقافيــة والاجتماعية والإدارية والعلمية.. . حيث تشكل هذه الجوانب المتنوعة والمتعددة كلا متكاملا تتداخـل عناصره وتترابط محاوره وتتشابك مكوناته في علاقات متبادلة منسجمة وتفاعلية.
الصفحة 35 من 432