الخفة، والسرعة، والدقة، والوضوح، والتعددية هي أهم ملامح الإبداع في الألفية الجديدة كما يرى الناقد الإيطالي إيتالو كالفينو من خلال محاضراته في الإبداع التي اختار لها عنوان "ست وصايا للألفية القادمة ـ محاضرات في الإبداع" والتي بدأ ينسج خيوطها منذ أول أيام شهر يناير من عام 1985 واكتملت لديه محاضرات خمس، ولم يمهله القدر لإتمام المحاضرة السادسة والتي اختار لها عنوان "الاتساق" حيث رحل في التاسع عشر من سبتمبر من العام نفسه. وقامت زوجته "أستير كالفينو" بإعداد المحاضرات الخمس للنشر في كتاب حيث وجدتها جاهزة على مكتبه، مع المقدمة التي يقول فيها: "نحن الآن في العام 1985 ولا يقف بيننا وبين ألفية جديدة سوى خمسة عشر عاما.
عطر البدايات
حينما كنت في العاشرة من عمري ذهبتُ مع والدي إلى الطبيب في الزقازيق التي تبعد عن قريتنا نحو ثلاثين كيلاً، وفي انتظار عودة الطبيب من المستشفى وجدتُ بعض المجلات، أخذتُ أُقلِّب فيها، فاكتشفتُ عالماً غير الذي أعرفه في الكتب المدرسية الرصينة التي يُدرِّسها لنا المعلمون، وكنتُ أتمنَّى ألا يجيء الطبيب حتى أقرأ المجلات جميعها، التي كانت تحوي صوراً لامعةً، وقصصاً طريفةً، وأخباراً أدخلتني عالماً جديداً.
نستطيع أن نقسِّم قصص "القلادة" العشرين، للكاتبة الفلسطينية الأصل، المصرية الجنسية بشرى أبو شرار، إلى مجموعتين قصصيتين. المجموعة الأولى: قصصها عن فلسطين: الأرض والمقاومة والحياة تحت نير الاحتلال الإسرائيلي. والمجموعة الثانية: قصص عن مصر والمصريين، بل عن الإسكندرية والسكندريين حيث تعيش الآن.
من خلال التجارب العنيفة والمخاضات العسيرة التي تعرضت لها الثقافة العراقية أو ثقافة وادي الرافدين ، نجد أن الصوت الأدبي ظل حاضراً في تدوين الحدث ورصد التحولات النفسية والإجتماعية مروراً بحالة التقمص القسرية التي انتهجتها بعض النصوص الأدبية ، وأعني بحالة التقمص تلك ، الحالة التي أضفت الكثير من السمات الأسطورية والرمزية على ملامح النص كحالة تدوينية أفرزتها مرحلة حرجة تمثّلت بالإحداثي القمعي الذي دفع بالنص إلى الإتكاء لعنصري الأسطورة والرمز بشكل يتجاوز حالة التوظيف الفني في تفعيل موقف الشخصية الآنية مما يحدث ، وكلنا يعرف حقيقة الحدث وما ترافق معه من تسييس للكلمة الأدبية بطريقة سافرة أنتجت ما يسمى بثقافة الإستبداد.
لم تشدد أي مرحلة تاريخية من تاريخ لبنان الحديث على فكرة الموت على نحو ما فعلت الحرب الأهلية اللبنانية المنتهية منذ ما يقرب العقد ونيف من الزمن. فقد زرعت هذه الحرب الدامية في بدايتها لدى المواطن اللبناني هاجس الخوف ( الفوبيا ) من الموت الذي اجتاح البشر المسالمين في غالبيتهم وفعل فعله الشنيع في ما بينهم. وفي ما بعد سرعان ما حولت موضوع الموت الى مسألة يومية عادية معاشة تافهة لا معنى لها ولا قيمة باعتبارها جزء من الإخبار اليومي لمجريات القتال الدائر يوميا على حلبة الصراع الأهلي، أكثر ما كان يثير الإنتباه لدى سامعي وناقلي هذه الأخبار هو الشكل والطريقة التي انتهت فيها حياة أحدهم والأسلوب المأساوي الذي اعتمده القاتل في اصطياد الضحية القتيل. وقد تعددت هذه الطرق والأساليب لدرجة أن المخيلة البشرية العادية كانت غير قادرة على التصور الحقيقي للقتل وطرقه بقدر ما كانت عمليا قادرة على الإستماع فقط دون تطبيق التخييل إلا عند من هو مستعد فعليا لردة الفعل أو التلذذ عن البعض الآخر.
أريد أن أطرح في عجالة رأياً في موضوع كتابة القصة القصيرة جدا رغم ترددي عدة مرات عن الإقدام على هذه الخطوة وخوفي أحيانا .
ولكن لا يضير ان يلقي أحدٌ حجراً في عتمة الاسئلة للوصول الى ما يمكن ان يكون جديداً