من حق الغرب الإهانة وعلينا الاذعان. ومن حقهم الإساءة وليس علينا الاحتجاج. لقد وصف أحد المتنطعين من الشرق، وأحد الحاقدين من الغرب، موقف الأمة الإسلامية فى إعلان غضبتها واستنكارها لما مس نبيهم وسيدهم صلى الله عليه وسلم بأنها ردود غوغائية تطالب بإعادة بوليس الفكر، ومحاكم التفتيش. وأقنعونا بأن الغرب هناك يعيش تحت مظلة حرية التعبيرالتى نجهلها، ووجب علينا احترامها. ولا أدرى كيف على من هان عليهم دينهم أن يقنعوننا بعدم الاحتجاج احترامًا لحرية التعبير بعدما ثار أهل حرية التعبير ذاتهم ضد من عبروا عن آرائهم بحرية ضد دينهم ورموزهم ومعتقدهم. وإذا كان الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بالأمم التحدة قد تبنى عام 1948 المادة 91 التى تفيد بأن "حرية التعبير والرأى مكفولة للجميع دون تدخل".
يعد كتاب قطر الندى للغوي ابن هشام (ت 761 ه) من أبرز مصادر التأليف العربي في مجال اللغة العربية في عصر الشروحات والحواشي والملخصات. وبهذه الإشارة المقتضبة، فللكتاب أثر مهم، ويعد مجددًا في صياغة متن النحو العربي صياغة جديدة لا تزال مؤثرة في مناهج الدرس النحوي المتخصص الحالي. ونظراً لأهمية الكتاب العلمية والمنهجية، فقد عني الكثير من العلماء والمثقفين، والأكاديميين بشرحه وتلخيصه ودرسه وتدريسه. وضمن إعادة ترتيب، وتعديل لموضوعات، واختصار للكلام على المطبوع والمخطوط، واستدراك وزيادة، ومقارنة بين قائمتي الدكتور علي فودة نيل في كتابه: "ابن هشام الأنصاري: آثاره ومذهبه النحوي"، وعبد الله محمد الحبشي في كتابه: "جامع الشروح والحواشي"، والتعليق عليهما بما يلائم ضرورة التعليق، إلى أن يتم الوصول الى قائمة واسعة (مرتبة معدلة مزيدة)، تتضمن الجهود العلمية المبذولة في خدمة "قطر الندى"[1]، يكشف الدكتور عبد الحكيم الأنيس فيها عن أمرين: أولهما: قابليته الشخصية والذاتية الفذة والصبورة والدؤوبة على التقصي والتتبع لما أنجز خلال قرون حول متن ابن هشام من شروح وحواشي وملخصات وتوضيحات، وثانيهما: تأكيد لما سجلناه من المكانة الاعتبارية والأهمية المنهجية التي اكتسبها المتن المذكور.
قراءة الأديبة بثينة العيسى لرواية "ألس في بلاد الواق واق" لحياة الياقوت في جريدة الراي الكويتية، عدد A0-11682 بناريخ 26 يونيو 2011.
قراءة / رواية «ألِس في بلاد الواق واق» لـ حياة الياقوت ... أدب السخافة ليس سخيفاً على الإطلاق!
بثينة العيسى*
توطئة
في عام 1865 كتب تشارلز دودسن- الكاتب الإنكليزي المعروف باسم «لويس كارول»- روايته الشهيرة «مغامرات ألِس في بلاد العجائب».
وفي العام 2010 كتبت «حياة الياقوت» روايتها «ألِس في بلاد الواق واق»... التي تستعيرُ إطار الأولى وتؤسس عليه، وتدشن عليه عالماً روائياً برداءٍ عربي مبين، يجيء مفخخاً بالرموز المبطنة بالمغازي، ومشحوناً بالتلميحات الذكية والمضحكة إلى حدٍ بعيد... ولنعترف: يندرُ أن يعثر المرء على رواية مضحكة ومكتوبة على نحوٍ جيد في الوقت ذاته!
تحمل مفردات اللغة طاقات إيحائية ذات دلالات متعددة، بالغة التأثير في نفس المتلقي، حيث تتحول المفردة في النص النثري إلى مفردة شعرية، لها من الدلالات كأنها في نصٍ شعري، فتنقل للمتلقي تجربة الكاتب النثرية في سياقات شعرية .
ولذلك لم يعد الشعر يحتفظ بفروق كبيرة تجعله غريبًا عن النثر، إذ إن العصر الحديث شهد تداخلاً شديدًا بين الأجناس الأدبية، وأصبحت نظرية الشعر تتعدى ذلك الفصل القديم بين الأجناس الأدبية، أي أن النص النثري يحمل بلغته ومفردته المحمل نفسه الذي يحمله النص الشعري وما فيه من دلالات .
إذن يمكن القول إن مصطلح الشعرية في النقد العربي الحديث ليس مقصورًا على الشعر، بل أصبح يُطلق على النثر فكلاهما له شعرية، وكلاهما له خصوصيته .
وتكمن شعرية النص سواء أكان شعرًا أم نثرًا في نظمه، أي في مفردات النص المعطّى، حيث يوظف الكاتب مفرداته في نصهِ بطريقة التكثيف، بمعنى القليل من الألفاظ والكثير من المعاني، وهذا ما سوف ندرسه في النص النثري عند الكاتب عايد الحريزات .
يجـرُّ موتـه بـهدوء: قراءة في المجموعة الشعرية "يجر وقاره بهدوء" للشاعر العراقي المقيم في أمريكا فرج الحطاب
ولد فرج الحطاب شاعراً على الحافة الثانية لحرب الخليج الأولى، وتنفس أجواء الحرب الثانية الخانقة في وطنه الأول العراق، فقصائده الأولى التي نشرها في مطلع التسعينات تشي بولادة تجربته الشعرية النثرية، وسمحت لهذه التجربة أن تنضج وتظهر، ثم تتسع آفاقها في مواطن الغربة.
وقد يكون احتفال نصوص الشاعر بالحرب وأدواتها مُسوِّغاً لهذه المقدمة المبتسرة عن الشاعر وشعره، فمن يدقق النظر في هذه النصوص لا يعدم أن يصطدم بالألفاظ والصور الشعرية التي تأخذ من أجواء الحرب عناصرها الأساسية، وتتحدث عن الموت الذي هو رديف الحرب، وهذا ما نجده متجلياً واضحاً في مجموعته الشعرية (يجر وقاره بهدوء) إذا أنعمنا النظر فيها.
والشاعر لا يُلام على تكرار المفردة الواحدة، أو الدوران على الصورة نفسها أو أجزاء منها على وفق ما قدَّمنا من حياته الزاخرة بمشاهد الحرب، المتلونة بالدماء ورائحة الموت اليومي، فشعره التسعيني مترشح من حياة حرب طاحنة طويلة عاشها الشاعر استمرت شراستها ثمانية أعوام عجاف، تبعتها حرب أشد طحناً وفتكاً ونتائجَ مع أنها أقصر عمراً، ومن نتائجها المباشرة ما نعلمه من هجرة الشاعر نفسه، وما لا نعلمه نستطيع توقعه، وهو ليس بالشيء اليسير على أية حال.
مقدمة: كنت أحضر مؤتمراً دوليا حول الإعلام، وخلال إحدى المداخلات قال أحد المتحدثين الإعلاميين: الإعلام صناعة أوروربية. فاستغربت كلامه هذا، ولو أنه قال إن تطور وسائل الإعلام صناعة أوروبية لكان في هذا كلام، أما أن يجعل الإعلام كله صناعة أوروبية كصناعة الطائرات مثلاً فهذا موضع نقاش، وقد تذكرت قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْأِنْسَانَ) فالله سبحانه الذي منحنا القرآن منهجا لحياتنا، كان قد منحنا البيان من قبل وذلك، بعد عملية الخلق (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ).
"المباحث البلاغية عند الزمخشري من خلال تفسير الكشاف"[1] هو كتاب جديد يضاف إلى المكتبة اللغوية العربية، حاول فيه الكاتب "د. الشارف لطروش"[2] التنقيب عن الجهود البلاغية للزمخشري في تفسيره للقرآن الكريم من خلال كتابه الكشّاف.
يتطرّق الكاتب في البداية إلى حياة الزمخشري التي كان لها دور في صنع تلك الشخصية البارزة، و يركّز الباحث -هاهنا- على الحياة العلمية المزدهرة التي عاشتها بلاد خوارزم عموما، مما صنع مجموعة هائلة من العلماء الذين تركوا مؤلّفات في شتى ميادين الفكر و المعرفة، و في ذلك يقول: "و كان أهل خوارزم موضع إشادة الأدباء و المؤرخين، فقد أفرد الثعالبي أبو منصور النيسابوري (ت1038م)
بابا خاصّا في كتابه (يتيمة الدهر) لغُرر فضلاء خوارزم، و وصفهم المؤرخ المقدسي (ت بعد 966م) في مؤلّفه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) بأنّهم أهل علم و فقه و قرائح و أدب..."[3]
ينتقل الباحث بعد ذلك إلى الحديث عن التنوّع المعرفي للزمخشري، و لاسيما في مجال اللغويّات، فتحدّث عن جهوده النحوية التي تجلّت على وجه الخصوص في مؤلّفه "المفصّل في علم العربية" أو ما يسمى أيضا بالمفصّل في صنعة الإعراب أو المفصل في علم النحو، كما يشير إلى جهوده اللغوية أو المعجمية -إن صحّ التعبير- حين يتحدّث عن كتابه "أساس البلاغة"[4] الذي لا يزال إلى وقتنا
هذا واحدا من أفضل المعاجم العربية و أكثرها استعمالا إلى جانب "لسان العرب" لابن منظور، و "مقاييس اللغة" لابن فارس، و هنا يُبيّن الباحث منهج الزمخشري في تصنيف الوحدات المعجمية و كذا استعانته بالمجاز لإثراء مادة المعجم. ثم يتطرّق الباحث بإيجاز إلى الجهود البلاغية متحدّثا عن ريادة الزمخشري في تمييز مباحث البلاغة، أما عن الجهود الأدبية التي لا يعرفها عنه الكثير فيورد الكاتب مادّة ثرية من عناوين لكتبٍ و كذا بعض النصوص الشعرية التي تجعل المتلقي يقف حائرا أمام إمكانيات هذا النابغة الذي مدح الرسول صلى الله عليه و سلم، و جمع الأمثال في معجم يعجز الكمبيوتر في وقتنا هذا من ترتيبها بالطريقة التي ابتكرها صاحبها، كما كتب مقالات عديدة في شتى المواضيع[5]. بهذا يعرّج الباحث إلى الحديث عن إنجازاته في مجال العروض من خلال كتاب "القسطاس في علم العروض"، ثمّ في مجال التفسير الذي برع فيه.
هكذا يكون الكاتب قد وضع الأرضية الخصبة للبحث كي يأخذنا إلى صلب الموضوع، حين يوضّح دور كل مبحث من المباحث البلاغية في كشف معاني القرآن الكريم من خلال كتاب الكشاف، فيبد
أ بتبيان دور علم البيان في تفسير آي القرآن، و عن ذلك يقول: "و الحقيقة إنّ الزمخشري قد تطرّق في توجيهه البلاغي للآيات إلى كلّ مباحث البيان المعروفة و هي: المجاز (الاستعارة و التمثيل)، و التضمين و التشبيه، و المثل، و التمثيل، و الكناية، و التعريض، و لكنّه أضاف إليها الالتفات و هو من علوم المعاني عند الآخرين، بينما عدّ التعريض من علوم المعاني."[6]
الصفحة 10 من 31