أنا من عشاق قراءة التاريخ والحديث منه بصفة خاصة. لكن المؤرخين دأبوا على سرد وقائعه كمن يكدّس بضاعة في مخزن أو مجلدات في مكتبة. فهم على الأغلب يهتمّون بإبراز الحوادث الكبيرة كالحروب وسير الملوك وتغيير أنظمة الحكم وحدود الممالك. والقليل منهم كلف نفسه بالتعرض لحياة الناس الاجتماعية وتأثير الأحداث عليها، وعواطف الشعب وثقافته وعاداته والتزامه الديني.
لذلك سرعان ما هربت لقراءة السير والمذكرات حيث أنها تسهب في سرد الأحداث، وتتروى في شرح المشاعر الإنسانية، وتحيطنا بتفاصيل البيئة. وأقبلت على الارتشاف من هذه المؤلفات ولكنها أيضا لم تمنع الملل من التسرب إلى نفسي.
إلى أن طالعتني الكتب التي تمزج التاريخ بالسياسة والفكر كأمثال كتابات نعوم تشومسكي ويواخيم فرناو وكارل هاينتس دِشنر وتزفيتان تودوروف ومنير العكش، فوجدت دافعاً جديداً لاستئناف القراءة التاريخية حيث أنها تربط الماضي بالحاضر وترينا الجذور التاريخية للأعمال الهمجية الأمريكية.
تعد البنيوية التكوينية أو التوليدية، فرع من فروع البنيوية، نشأ استجابة لسعي بعض المفكرين والنقاد والماركسيين، للتوفيق بين أطروحات البنيوية في صِيغيتِها الشكلانية وأُسس الفكر الماركسي أو الجدلي في تركيزه على التفسير المادي والواقعي للفكر والثقافة عموماً.
الصفحة 14 من 31