يجري الهندي موسى أبوبكر في أرجاء جريدة" اليوم" السعودية منذ 21 عاماً حاملاً "بروفات الصفحات" من الأقسام الفنية إلى التحريرية لإجازتها، يتسلل بقامته الصغيرة إلى المكاتب المفتوحة كعصفور أليف، يتلو تحية صامته ثم يغادر بعد أن نسي رائحة زيت الخردل المنبعثة من شعره مستأنفاً رحلة لاتنتهي: "السنوات التي قطعها مشياً في الجريدة تمكنه من الوصول إلى مسقط رأسه (كيرلا) سيراً على قدميه".
مدير تحرير صحيفة "اليوم" مطلق العنزي معلقا لـ"إيلاف" على رحلة موسى الطويلة .
"بدأتُ بعد تخرجي بالعمل كموظفة في "إنتاجنا فخرا" ونجحت باجتهادي وجدي في الوصول إلى أعلى المناصب الإدارية في الشركة لأصبح في النهاية مالكةً لها، وعلى المرأة الفلسطينية أن تبذل ضعف الجهد الذي يبذله الرجل لتصبح سيدة أعمال ناجحة، سيما وأنها في أغلب الأحيان الأذكى، ولكن المجتمع لا يمنحها الفرصة".
بينما أسير ببطء نحو المصعد لأذهب إلى الدور الثالث و أقابل حسن معوض مقدم برنامج "نقطة نظام" قبض عليّ رئيس التحرير هشام الديب، أمسك يدي اليسرى بحزم كأنه يعاقبني على ذنب اقترفته، سحبني بإتجاه شاشة جهازه، وجدت صفحة "إيلاف" الرئيسة أمامي، سألني و ابتسامة بددت الهلع الذي سيطرعلى أطرافي: "نسيت أن أسألك، ما الهدف من وراء (نساء إيلاف) اللاتي يقمن في الضفة اليسرى لصحيفتكم".
يزدحم مكتبه الصغير المفتوح و الواقع في منتصف صالة تحرير فضائية "العربية" بالجائعين و الصحافيين، يخرجون منه تعلوهم علائم الشبع، ومطرزين بإبتسامة طازجة. أسلوب رئيس تحرير"العربية" المصري هشام الديب(50 عاماً) يوحي بأنك أمام قطعة كعك هائلة، يتذوقها المارة دون أن تنفذ " الصحافي المأهول بالثقافة كقطعة شكولاتة مغرية، تدنو منها بشراهة كأنك لم تأكل قط"، مذيع قناة (ان بي سي) الأميركية توم بروكو كاشفاً عن عدم مقاومته للصحافي المؤهل في حوار مع يومية " لوس انجلوس تايمز".
الجزء الأوّل: أربعة وأربعون صحافيًا يتحدون الوقت القلق
تتحرك الأردنية دانة صياغ بانفعال في صالة التحرير، تذهب من طاولة إلى أخرى كأنها تبحث عن قلادتها المفقودة، تطير باتقان في صالة تكتظ بأجهزة الكمبيوتر والأجساد الملونة والأوراق. كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف ظهراً قبل موجز أنباء الثالثة بتوقيت السعودية، ظلت دانة تركض ومن خلفها شعرها البني المرصع بخطوط ذهبية مخبوءة وعيوننا التي تراقبها باهتمام إلى ساعتين لاحقتين. "إنها فراشة لاتهدأ"، قال الصحافي في العربية فارس حزام، معلقاًعلى حركتها الدؤوبة وملابسها المقلمة بألوان زاهية تتحد في أمكنة وتنفصل في أخرى.
كان حلم المواطنة الفلسطينية "منال موسى سالم" من إحدى القرى بمدينة نابلس الصلاة في المسجد الأقصى, وبالفعل قررت الذهاب لأداء صلاة الجمعة, لكن قوات حرس الحدود الإسرائيلية كانت في طريقها حيث تم اعتراضها هي ومن معها بالقرب من حاجز \'شعفاط\' وقاموا بإطلاق قنابل صوتية عليهم, فلحق بها إصابات بالغة ونقلت على إثرها لمستشفى إسرائيلي في القدس.
لم تتذوق اميركا طعم الابتسامة الكاملة إلا في مطلع التسعينات، عندما ظهر مايكل ريتشارد (كريمر) في السلسة الكوميدية الشهيرةseinfeld، حضوره في الحلقة بسرواله القصير وقميصه الفضفاض المرقط ومقدمة شعره المهملة والمنتصبة وشخصيته غير العابئة بأي شيء تطبع على الوجوه ابتسامات متساوية. يقول رئيس تحرير اسبوعية (انترتيمنت): "أذكر تماما عندما جئت الى مكتبي في احد أيام خريف1996، وفتحت رسالة من كوريا الجنوبية على رقبتها مطبوعة صورة يدين تصفقان، وفي أنحائها اعجاب طويل بـ(كريمر)، طلب مني مرسلها ان انشرها اذا لم استطع أن اسلمها شخصيا إلى مايكل". ي السعودية تبتسم الكاتبة ليلى في وجه كريمر أيضا، وتضعه في لائحة الممثلين المفضلين لديها. لجُهني تتصرف ضد مصالحها الشخصية وتحب أن تلمس الأشياء، أن تمر على أهداب القطيفة، وأن تتحسس حزوز الصخور، وأن تدفن يديها في الرمل الحار، وأن تشعر بالخدر المؤلم بعد إمساك الثلج. ف الجزء الثالث سنتعرف عليها أكثر، اربطوا أرواحكم.