ويعصفُ بي حنينٌ واشْتياقٌ
فأقطعُ عنهما فيضَ الكلامِ
رُويدَكما اسْتُرا مكنونَ صدري
فخطْوي للحِمامِ بلا لِجامِ
وكيف تُجاهرانِ بما تخفَّى
خفاءً كان حتى عن عظامي
وما عاد الزمانُ زمانَ وصلٍ
لكي تُرجَى معاودةُ الوئامِ
فيختبآنِ في الجفْن احْتشاماً
وينطلقانِ في جوفِ الظلامِ
وأبقى أشربُ الذكرى وحيداً
يسامرني خيالي أو منامي
ومنها أستعيدُ مَعينَ قلبي
سليمَ البالِ من وجَعِ المَلامِ
وأمضي أنسجُ الأحلامَ لكنْ
يمزّقُها مُحالُ الالتئامِ
فما في البُعْد إبلالٌ ورَوحٌ
ولا في القُرْب إرواءُ الهُيامِ
ولَلنسيانُ والتّذكارُ إلْفٌ
سواءٌ في مكابدة السَّقامِ
أعيشُ ولا أعيشُ فكلُّ يومٍ
دقائقُه سِنونٌ من ضِرامِ
يا طلعةَ الفجرِ يا إشراقةَ الظفَرِ
يا خفقةَ القلبِ، يا نبعاً بلا كدَرِ
يا نسمةَ الصبحِ، يا أُنْسَ الوليد ويا
أرقَّ صوتٍ تناهى ساعةَ السحَرِ
يابيشة* الخير مازال الهوى فرضي
مازلت طفلكِ رغم البعد في الأرضِ
مازلت أعثر بعد الركض في حلمي
فتحمليني كما الأطفالِ للركضِ
يا نبضَ أشعاري وقافيتي
يا من سكنتِ القلبَ للأبدِ
لا شئ يغني عن محبّتنا
إنّا بغير الحبِ في كمدِ
لولا الهوى بتنا على أرقٍ
إنّ الهوى سيلٌ من الرغدِ
حَرَاْمُ الْيَوْمَ أَنْ تَقْنَعْ بِرُؤيَاْهَاْ وَأَنْ تَسْمَعْ
كَلَامًا كَمْ حَكَيْنَـاْهُ وَعَيْــنِي لَمْ تَزَلْ تَدْمَعْ
أَعِشْقٌ ذَاْكَ أَمْ مَاْذَاْ؟! أُطَاْرِدْ هَدْبَهَاْ تَمْنَعْ
وَعَدْتُ الْقَلْبَ أَحْلَامًا بُلُقْيَاْنَاْ غَدًا أَمْتـعْ
إلى كل من تعرّض في حياته للنوائب...
وإلى كل من فقد عزيزاً...
وإلى كل من كادت المعاناة ومن كاد أسى الفراق يُفقدانه إيمانه بالحياة الأبدية في عالم الخلود....
أقدم مختارات من تأملات زاهدة صدرت عن قلوب كانت قد تعرّضت للنوائب، وعن قلوب عانت من أسى ومن ألم فقدان الأحباء، وكان الإيمان وحده من أنقذها من التردّي في عمق بؤرة اليأس.
وهذا ما يُثبت لنا أن كل من تعرّضوا قبلنا لمثل ذلك الامتحان المؤلم ـ وعلى مرّ العصور ـ قد وجدوا العزاء بالإيمان... وبالإيمان وحده بما ينتظر المرء في حياة الخلود حيث يسود السلام والمحبة والإيثار...
حيث تُشفى القلوب من جميع الأحزان...
حيث تزول الأحقاد التي تُفسد النفوس نتيجة سعي البشر المُستميت للحصول على المباهج الزائفة في الحياة الدنيوية...
إذا ما تعلق قلبي بظبي
أودعه ثم أرثي الفؤادا
فأمضي قتيلا لوقع السهام
وأدنو جنوبا أجوب البلادا
سلاما بنا لا سلام عهدنا
ليوم الوقيعة لما أبادا
إذ السهم أصمى فؤادي غراما
فلا دمع أجدى ولا دهر جادا
(المتقارب)
الصفحة 3 من 5