كثيرا ما يختلف الناس في موقف الإسلام من الديمقراطية، هل هو يؤيدها أم يرفضها؟ ومن فترة كنت أتابع برنامجا تلفزيونيا عن الديمقراطية والانتخابات، وإذا بمتداخل من المشاهدين يتصل ليقول له إن الدين لا يؤمن بالديمقراطية، لأنها حكم الشعب، والدين يقول: (إن الحكم إلا لله)، ودار بين ضيف البرنامج والمتصل كلام….
ولأن مفهوم الديمقراطية بمعناها المعاصر مفهوم لم يعرفه السلف، فقد وقع خلاف في الموقف منها بين الباحثين، فمن قائل بأنها توافق الدين، ومن قائل بأنها تعارضه، وموضوع كهذا يحتاج إلى بحث مطول، ولكن هذه ثمة ملاحظات في الموضوع، لعله ينتفع بها من يبحث في هذا المجال.
"حضرتك يهودي؟" هكذا تود أن تسأل أحدهم حين يقول دون خجل أو وجل أن أمنّا حوّاء -رضي الله عنها وجزاها عنا خيرا- هي من أغرت أبانا آدم عليه السلام بالأكل من الشجرة وتسببت في خروجهما من الجنة!
وأكرر السؤال ذاته لكل رجل يقول قوله جادا كان أو شامتا أو حتى متظارفا، فهذه هي الرواية التوراتية التي يؤمن بها اليهود. وعذرا أيها الرجال، النسخة الإسلامية من الرواية مختلفة تمام الاختلاف، فلما أجد الرجال يتلذذون بالهروع إلى الرواية التوراتية ويغضون الطرف عما جاء في القرآن الكريم؟ أليس هذا نوعا من هجر القرآن مثلا، أو جَعْل القرآن عِضين؟
تخيَّلوا أن أحدهم قال لزميله -ملاطفا- في ليل رمضان "يا مُفْطر، تبسّم!" فما ردة الفعل المنطقية برأيكم؟
لاحظوا رجاءً أنه قالها في ليل رمضان لا في نهاره، وأنه قالها ملاطفا لا مُغاضبا. ما أظن أن ردة الفعل ستكون سوى التبسُّم وربما الضحك من نباهة الأسلوب وطرافته. فنتبسّم نحن، سيتبسّم حتما الذي وُجهت العبارة إليه، ويكون هذا الشخص قد حقق هدفه وهو حمل زميله على الابتسام بطريقة مرحة وفطينة؛ بطريقة "المزاح الصادق"، فزميله فعلا مُفطر، لكنه مفطر لأنهم في ليل رمضان.
الفرصة تعني: مجموعةً من الظروف الحياتية المستقبلية المحبَّبة للنفس، وتقدِّم لنا فوائدَ شخصيةً معيَّنة في ظروف مهيّئة ومساعدة؛ لتحقيق أهداف شخصية منشودة.
واغتنامُ الفرص في رمضانَ له بُعْدٌ مغاير، ومعنى عميقٌ، يحتاج منا إلى سرعة فَهْمه واستنتاجه، وتتمحور بعض هذه الفرص في قول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا جاء رمضان فتِّحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصفِّدت الشياطين))؛ صحيح مسلم.
الصفحة 13 من 17