عرس في حديقة الحيوان هو ما أثار كل هذا! أجل، هناك زوجان اختارا أن يقيما عرسهما في حديقة حيوان لندن في ظهيرة سبت مشمس، ولعلها المكان الذي شهد أول لقاء للعروسين. هذا المشهد الطريف والغريب في آن، جعل رفيقتي في زيارة الحديقة (وهي طبيبة يونانية تعمل في إحدى مستشفيات لندن) تسألني عن تعدد الزوجات في الإسلام. ذاك النقاش الذي دار بيننا جعلني أعيد التفكير بعمق في هذا الموضوع الذي نميل إلى تناسيه وإنكاره. أحيانا يتطلب الأمر شخصا من ثقافة أخرى يناقشك حتى تفكر في بعض الأمور وتعيد وزنها، وأحيانا يتطلب الأمر حدثا طريفا -كزواج في حديقة حيوان- كي يُفتح نقاش مثل هذا.
* * * * *
قبل البدء:
أولا: ثمة أمر على الرجال قبل النساء، وعلى المسلمين قبل غير المسلمين إدراكه، التعدد مباح وليس فرضا وليس مستحبا، هو أمر مشروط بشروط، وليس الأصل في الحياة.
كما أنها مغالطة كبيرة بأن يرى التعدد على أنه رخصة، بل هو في حقيقة الحال تضييق، بل وتضييق مشروط. ففي السابق كان العرب وبعض الأمم الأخرى يعددون دون قيود عددية، بل وكانت بعض النساء في بعض الحضارات يعددن أيضا وإن كان هذا الأمر غير شائع. ثم جاء الإسلام ليقيد لا ليوسع. لذا، حينما يقال أن التعدد "رخصة"، فإن هذا من باب التجاوز المقارني ليس إلا، وحدث ذلك حينما صار اتخاذ زوجة واحدة هو الأشيع، فصار التعدد "رخصة"، بعدما كان تقييدا حينما نقارنه عما كان في الجاهلية.
كما أن بعد هذا التقييد، جاء حضّ في القرآن الكريم. ليس حضا على التعدد، بل على عدم التعدد! {... فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ...}، {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ...}
ثانيا: أنه من الواضح أن الرجال –أو معظمهم- يتحلون بقلوب كبيرة! قلوب تتسع لأكثر من امرأة في الوقت ذاته، وهذا أمر تستصعب النساء فهمه لأنهن لم يكن رجالا من قبل. وفي الوقت ذاته، تتحلى النساء –أو معظمهن- بقلوب حساسة، حساسة لدرجة أنها لا تتحمل أن تشاركها أخرى في القلب الوسيع لزوجها، وهذا أمر يستصعب الرجال فهمه لأنهم لم يكونوا نساء من قبل. ولهذا السبب تظهر الوصمات الشهيرة بأن الرجل "عينه زايغة"، و"عينه فارغة"، وأن المرأة غيورة، وأنها مكارة وذات كيد. وكل هذا يشي بأن الجنسين لا يعرفان بعضهما البعض كما ينبغي، ولا يعيان اختلاف تركيبتهما النفسية والعاطفية. وهذا أمر مهم وواجب مناقشته، لكنه أمر تنوء بهذه هذه المقالة المحددة الهدف.
ليس هذا بحثًا تاريخيًا، ولكنه رصد لواقع مشين عند أهل الغرب عموماً، وتحسّب لمشكلات قادمة؛ حيث إنَّ الهند والصين في انتقالهما من مجتمعات أمية متخلفة إلى مجتمعات حضرية متعلمة تتبنيان الحضارة الغربية في الغالب، وتتحولان إلى الثقافة المسيحية، وتأخذان ما فيها من علم ومن خرافة. وما عند الغرب عن رسول الله صلى عليه وسلم ليس سوى خرافات عجيبة –إلا ما ندر- تعبّر عنها الرسوم الكاريكاتورية المسيئة –التي ظهرت قبل سنوات في الدانمارك وغيرها- خير تعبير.
إنّ جملة نداء بسيطة مثل قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ" في مطلع الآية الأولى من سورة الحج، تضع من سيُقدم على ترجمتها في حرج وحيرة وعجز[1]؛ فصيغة النداء العربية: "يا أيها" فيها فيها نداء وتنبيه للقريب وللبعيد، وتتضمن معاني الاحترام والتكريم والتلطف والقرب. بينما أداة النداء "يا" قصيرة وتوحي بمفردها بالنداء المباشر والجاف. فنداؤك البنتَ بقولك: "يا بنتُ" صيغة نداء مختلفةٌ تمام الاختلاف عن قولك: "يا أيها البنتُ". ذلك أن "البنت" في النداء الثاني مُعَرّفة، وقد توجهت لندائها بكلمتين اثنتين مما يعد من اللطف وحسن التقرب. ولا يوجد في اللغات الغربية ما يماثل صيغة "يا أيها" الجميلة بكل رقتها وأدبها. لذلك أغفلها المترجمون كلية أو استخدموا حرف النداء "O" إذ هو الوحيد المتوفر في معجم اللغات اللاتينية.
تأملاتٌ في آياتٍ من القرآن الكريم
(سورة المائدة)
1- "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ" (المائدة:1-2).
العقود هي العهود ولأن المؤمنين هم المخاطبون فإن العهود هي عهود الإيمان أو العهود التي يقتضيها الإيمان في شؤون العقيدة والمعاملات وغيرها مما أمر الله تعالى به في كتابه الكريم، ومن هذه العهود ما شرّعه سبحانه لعباده بشأن طعامهم وشروط حلّيّته، وهذا هو الرابط بين الأمر في قوله سبحانه " أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" والخبر في "أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ".
وقوله تعالى:"لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ" تأكيد على الإيفاء بالعهود وتذكير ببعضها ثم تفصيلٌ للحلال من الطعام في الآيتين الثالثة والرابعة وجزء من الخامسة، ثم ذُكرت في السورة عهود أخرى تتعلق بالوضوء والشهادة والعدْل، وفي الآيات 12 إلى 14 بيانٌ للعهود التي أخذها الله تعالى على اليهود والنصارى ولكنهما نكثا ما تعاهدا عليه؛ فكانت عاقبة اليهود اللعن وقسوة القلب "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً" (المائدة:13)، وعاقبة النصارى؛ تشتت القلوب والكلمة "وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (المائدة:14). وفي هذا تحذير خفيٌّ للمؤمنين أن يصيبهم ما أصاب أولئك إن لم يوفوا بعهود الله تعالى.
عشر رسائل قرآنية جديدة للسيوطي
بتحقيق د. عبد الحكيم الأنيس
من الأعمال العلمية المهمة التي أنجزها د. عبد الحكيم الأنيس، والمعروف بتحقيقاته العلمية المتعددة، تحقيقه ل: "عشر رسائل في التفسير وعلوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي (849 – 911 هـ" ( ط2، دائرة الشؤون الاسلامية والعمل الخيري، دبي، 1432هـ– 2011م،)، وقد صدرت هذه الرسائل بمجلدين، تضمن المجلد الأول الرسائل التالية: 1-رياض الطالبين في شرح الاستعاذة والبسملة، 2-الأزهار الفائحة في شرح الفاتحة، 3-الكلام على أول سورة الفتح، 4-ميزان المعدلة في شأن البسملة، 5-المعاني الدقيقة في إدراك الحقيقة. وتضمن المجلد الثاني، الرسائل التالية: 6-اليد البسطى في تعيين الصلاة الوسطى، 7-الفوائد البارزة والكامنة في النعم الظاهرة والباطنة، 8-المحرر في قوله تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}، 9-إتحاف الوفد بنبأ سورتي الخلع والحفد، 10-الإشارات في شواذ القراءات.
إن التشاور واحد من السنن التي أقام الله تعالى عليها علاقات خلقه بعضهم ببعض، وإن صلات الجماعات المختلفة أو فشيما بين الشعوب والقبائل قائمة على التعارف، ولذلك أثر إيجابي في عمارة الأرض وإشاعة الأمن والوئام والسلام بين الناس، وعلى الحوار وخاصة بين المسلمين ومَن عداهم من أصحاب الديانات السماوية وعلى دعوتهم ودعوة مَن سواهم بالحكمة والموعظة الحسنة قد يتم اتباع الدين الحق. وإن من شأن هذه المرتكزات الثلاثة، أي التعارف والحوار والدعوة، أن تفتح الباب واسعًا أمام بني البشر من أجل أن ينعموا بحياة هنية تقوم على التعاون وتفهم الآخر واحترام اختياراته من غير أن ينجم عن الحوار وعن الدعوة إلى الطريق الحق ما من شأنه أن يولّد التقاطع والتنابز بين المكونات الاجتماعية المختلفة، أو أن يزرع بين أفراد هذه المكونات وأولئك الذين يخالفونهم في الرؤية أي نوع من أنواع الحقد والتباغض والانقطاع. وإن ما يمكن أن نراه من هذه الصور السلبية في حياتنا المعاصرة أو في تاريخنا الاسلامي مردود إلى التنكب عن تنفيذ التوجيه الاسلامي الواضح الصريح تنفيذًا صادقًا والاستعاضة عن ذلك بمحاولة قمع الآخرين وفرض الارادات عليهم وإحلال مبدأ "التناحر" محل "التعاون" في التعامل مع شؤون الحياة وما نجم عن ذلك، وما ينجم الآن ومستقبلا، من تنمية القوة من أجل البطش بالآخرين وتعطيل قدراتهم وإراداتهم والاستفراد بالرأي والقرار.
المقدمة
تعد هيئة الرقابة الشرعية من الهيئات المهمة في المصارف الإسلامية، كونها تمثل القرار الشرعي بكل أبعاده الإقتصادية والاجتماعية والفكرية، الذي يحدد شرعية المعاملات المصرفية، لاسيما وأن معظم تخصصات العاملين في هذه المصارف ليست تخصصات شرعية .
تتكون هيئة الرقابة الشرعية من أعضاء متخصصين في الشريعة والقانون والإقتصاد والمحاسبة والمفترض أن يضاف اليها عضو في الإدارة، كي يكون قرارها محكما و حرا وموضوعيا .
الصفحة 10 من 17