المدير شخص مكروه في جميع الأحوال، فإذا كان من النوع الجاد والمنضبط الذي يكافئ المجتهدين ويحاسب الخائبين، كرهه المتسيبون العاجزون، وإذا كان من النوع المتغطرس الذي يستمتع بتعيين الناس وإنهاء خدماتهم كرهه الجميع، وفي منطقة الخليج كتيبة من المديرين أسهل كلمة على ألسنتهم هي "فنشوه": فلان غائب عن العمل منذ يومين ولا ندري سبب ذلك! فنشوه! ويتضح لاحقا أن فلانا ذاك توفي قبل يومين، ويحس المدير بالحرج فيقول: بلاش تفنشوه.. أعطوه لفت نظر!!
أنا هنا تعلمت الكثير وأعجبت بالكثير واطلعت على ثقافات مختلفة وكنت سفيرا أنقل ما أراه جميلا إلي بلدي، لم أنظر بعين القبح إلي القبيح ولكني نظرت بعين الناقد البصير من أجل أن أضع لمسة جمالية على كل قبيح، أقف مع كل إنسان متواضع الفكر لأرفع من مستواه الفكري وأتعلم من كبار الكتاب بتواضع لأضيف إلي معرفتي ما كان محجوبا عني.
لم تتاح الظروف لأغلبنا ليكونوا سفراء ولكن وجب أن تنهمر رسائل الحب من هنا إلي إخوانكم في البشرية فى جميع أنحاء الأرض.
أنا لا أبغي من لقاءي هذا إلا أن أضع نقاط بسيطة أخذها من الأديان .
حينما وجد عيسي رهط من البشر يقذفون امرأة بالحجارة قال لهم من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر، ووقفوا جميعا كأن على رؤؤسهم الطير يفتشون في خطاياهم.
تحدثنا في القسم السالف من هذه المقالة عن طرف من الدلالات التي تكشف عنها الطريقة التي نرسم بها كلماتنا على الورق وما تنطوي عليه من بيان صادق للحالة النفسية لكاتبها لحظة الكتابة، ومن الطريف فعلا اننا نستطيع بشيء من الحدس والتبصر ان نتعرف من شكل الخط على العديد من صفات كاتبه، فقد يكون الكاتب مثلا مبتلى بالوسوسة والحساسية العالية المتمثلة في حرصه الشديد على ألا تفسر أفعاله بخلاف ما هي عليه من قبل الآخرين، أو أن يساء فهمها ولو في أضيق الاحتمالات واندرها، اذ يتجلى أثر تلك الوسوسة في التأني والبطء في رسم الكلمات ووضع النقط في حاقّ موضعه خشية ان ينتقل نظر القارئ من حرف لآخر فيشكل عليه فهم مقصود كاتبه، وربما كلف ذلك الكاتب التضحية بقواعد الخط المتبوعة، فقد وجدت ان بعض من يكتبون بخط الرقعة يرسمون السين والشين بطريقة النسخ التي تظهر أسنانها الثلاث وذلك خشية ان تقرأ على غير وجهها السليم، بينما تجد على النقيض من ذلك كتّابا لا يقيمون كبير وزن لقراء خطوطهم فتجد أحدهم يرقم الحروف كيفما اتفق دون تأنق أو تثبت أو مراجعة، ولسان حال خطه يقول: ان تلك هي مشكلة القارئ التي يتوجب عليه ان يتصرف ازاءها بفطنته وحدسه، والا فلا حاجة به لقراءة ما كتبه!.
لا شكّ أنّ السويد تعتبر من أكثر الدول التي قدمت خدمات جليلة للاجئين الذين وفدوا الى السويد بسبب أوضاعهم السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية أو الانسانية , وما فتئت الدوائر السويدية المعنية تضع الخطط تلو الخطط لاستيعاب هؤلاء اللاجئين واعادة دمجهم في المجتمع السويدي . وعندما يتمعن الباحث في شؤون هؤلاء اللاجئين أو المهاجرين كما يحلو لكثيرين تسميتهم يجد أنّ هناك خللا كبيرا في استيراتيجية اعادة دمج هؤلاء المهاجرين في الواقع السويدي في مختلف المجالات . وابقاء الوضع على ماهو عليه دون اعادة النظر في هذه الاستراتيجية جعل الكثير من المهاجرين يعتقدون أنّ السلطات السويدية لا تفكر مطلقا في طبقة المهاجرين بقدر ما تفكر في ذريتهم التي يعوّل عليها أن تكون سويدية ثقافة ولغة ومسلكية , وبالتالي يضمن الاستراتيجيون في السويد القضاء على الخلل السكاني بعناصر مستوردة لكن سويدية الهوى والهوية .
الذات كما يعرفها علماء النفس مجموعة القيم والمثل والمبادئ التي يؤمن بها صاحبها، فالذات البشرية ليست لحما وعصبا، ولو كانت كذلك لكنا جميعا نسخا مكررة مصنوعة من مادة واحدة لا تميز بيننا سوى صورنا الظاهرة وأشكالنا المتباينة، ولذا فليس بغريب ان يضحي كثيرون بكيانهم الجسدي من أجل تحقيق خلودهم الذاتي المتمثل ببقاء ما يؤمنون به من قيم وما يعتنقونه من مبادئ، فغاية الجسد ان يستحيل الى تراب وأما الذوات الشريفة النبيلة فباقية على مرّ الاعصار والدهور، تروي مآثرها كتب التاريخ، ويتناقل اخبارها الرواة، وتغدو مبعث الهام متقد لا تأفل شمسه أبدا.
القلم ترجمان القلب المعبر عما يعتلج فيه بمداد الكلم، وصوت العقل الناطق على صفحات الورق، يحكي ما تجيش به النفوس من مشاعر وعواطف، وما يعتريها من أحاسيس وانفعالات، ولذا فلا غرو ان كان القلم أحد اللسانين، وحظي بما حظي به من قصائد وخطب ومقالات تشيد به وتعدد فضائله الكبيرة وتستعرض محاسنه الجمة، غير ان للقلم بيانا لا يفطن له كثير من الناس، انه ضرب من البيان اللاشعوري تكشف عنه طريقة الكاتب في رقم كلماته وتحبيرها، فخلف خط كل منا دلالات ورموز تنطوي على أسرار قد يجتهد البيان المكتوب في اخفائها غير ان الأسلوب الذي يتبعه البنان عند خط الحروف والصورة التي يقبض بها على اليراع تظل سمة خاصة مميزة يصعب التخلص من سلطانها القاهر والتملص من تلقائيتها الصادقة.
تعيش الأنتليجانسيا العربية في الغرب حالة من الخيبة والتراجع شبيهة بتلك الحالة التي كانت عليه هذه الانتيليجانسيا في موطنها الأصلي , ورغم أن هذه النخبة غادرت موطنها الأصلي باتجاه عواصم المنفى بحثا عن الهامش الواسع للحريّة والإبداع إلا أنها أصيبت بخيبة أمل كبيرة بل الأكثر من ذلك أنه تعطّلت لديها حركة الإبداع وذلك يعود لأسباب عديدة منها فقدان النسيج الثقافي العربي حيث أغلب العرب الموجودين في الغرب تهمهم العملة الصعبة أكثر من الهم الثقافي والقضايا العربية , ومنها إنقطاع تواصل هذه النخبة مع المنابر الإعلامية والثقافية العربية الأمر الذي أدى بها إلى أن تعيش عزلة حقيقية انعكس كل ذلك على أدائها الإبداعي الذي انطفأ مع مرور الإيام والشهور.