عبد الله المغلوث زعلان لأن هناك حيا في مدينة المبرز في المنطقة الشرقية بالسعودية يحمل اسم خسارة، وفات عليه أن الكثير من مدننا وبلداتنا مجرد وجودها على الخريطة "خسارة" لأنها أقيمت بدون دراسة جدوى تماما مثل الدول التي نجمت عن تفكك الاتحاد السوفيتي، وتحمل كل واحدة منها اسم جمهورية في حين أنها في واقع الأمر إقطاعية.. في أول زيارة لي لمدينة جدة أحسست بأنني أستطيع أن أتعرف على جغرافيتها بسهولة لأنها في معظمها حسنة التخطيط، ومن نوع المدن التي تحبها من أول نظرة، وتحبها أكثر عندما تتعرف على أهلها.
يخطئ من يتصوّر أنّ حالة الإنقلاب صفة ملازمة للفعل السياسي في المشهد العربي العام , حيث درجت العادة أن تنقلب زمرة من الجنرالات على زمرة أخرى , أو زمرة من الضباط ورجال المخابرات على السلطة السياسية .
هذه الإنقلابات أو العسكريتاريّا التي طبعت حياتنا السياسية منذ أزيد من نصف قرن تقريبا , فغير الإنقلاب العسكري والسياسي هناك ما يسمى بالإنقلاب الثقافي حيث ينقلب المثقّف أو شبيه المثقّف أو المثيقّف على منطلقاته الإيديولجية و الفكرية و المفاهيمية وأسسّه المعرفية . وهذا و إن دلّ على شيئ فإنمّا يدلّ على هشاشة المبنى الفكري لقطاع كبير من مثقفينا الذين تأرجحوا في آرائهم وأفكارهم وإنتقلوا من النقيض إلى النقيض , كما تفسّر هذه الهشاشة عدم إنتصارنا في المعارك الحضارية الكبرى التي خاضها وما يزال يخوضها واقعنا العربي .
لا شك في أن للكاتب اليومي فؤاد الهاشم شهرة واسعة داخل الكويت وخارجها ، فهو يعرض وينتقد مختلف قضايا الساعة بقلم ساخر وأسلوب ساحر ساهم بتنوير العقول تجاه العديد من الشخصيات والمؤسسات والأنظمة ، إلى جانب مساهمته في حل عشرات – بل مئات – المشاكل الإنسانية التي كانت تنتظر التفاتة المسؤولين وفاعلي الخير الكرام إليها.
ولأن الأستاذ الهاشم يمثل كل ما سبق للكثيرين كان لابد من متابعة ما يصدر عنه فزاويته أصبحت – وبلا مبالغة – من وسائل صياغة الرأي العام للعديد من القراء الأفاضل ، ومن هذا الباب كانت لي الملاحظات التالية لخطورة ما تضمنه مقاليه المؤرخين 19/11 و 21/11/2003 (1)
كتب الأستاذ عبد الله المغلوث في "الوطن" السعودية مقالا خفيفا ولطيفا عن "خسارة" تكبدتها الأحساء، التي هي من أجمل مناطق المملكة العربية السعودية وأكثرها خصوبة وبحبوحة،.. والـ"خسارة" التصقت بحي يقع في قلب المبرز "أبرز" مدن الأحساء... يعني الحي اسمه "خسارة"... وأول ما لفت انتباهي بعد قراءة الموضوع هو أن الدكتور غازي القصيبي كتب عن المبرز آلاف المرات بوصفها مرتع صباه ومهد معظم ذكرياته، ولكنه لم يأت على ذكر "خسارة"، ولا شك عندي في أنه فعل ذلك عامدا متعمدا حتى لا يتحول ذلك الاسم إلى ذخيرة في أيدي من ظل يجلدهم بأشعاره الهجائية الإخوانية وعلى رأسهم الراحل المقيم يوسف الشيراوي والشاعر طويل اللسان والباع عبد الرحمن رفيع، على الجانب الآخر من جسر الملك فهد و"ضحاياه" العديدون من أبناء السعودية.
لا حاجة للإفاضة في الحديث عن واقعنا المؤلم والمزري الذي نعيشه منذ فترة ليست بالقصيرة، وليس ثمة ما يدعو الى تقرير حقائق المآسي المفزعة وبيان فداحة البلايا المدلهمة، فذاك أمر يدركه كل ذي عينين بما يغني عن سرد الدلائل واستنطاق الشهود! لكن ما يهمنا هو التعرف على الأسباب التي جعلتنا نتردى في هذه المهواة السحيقة، ومع اشراقة كل صباح نكتشف اننا نغوص في الوحل عميقا وتبتعد أيدينا أكثر فأكثر عن الإمساك بطوق النجاة المأمول، ذلك الطوق الذي لم نجد حتى الساعة من يتفضل بقذفه الينا! ورحلة البحث عن جذور البلاء وأسباب التدهور رحلة طويلة بلا ريب، فالانحطاط الذي تعيشه الأمة لم يحدث فجأة بين عشية وضحاها، ولكنها ظروف تكاتفت وآفات تآلفت وأمم تحالفت وكانت النتيجة ما نرى وما نسمع.
أهاج انقطاع الكهرباء في البحرين قبل بضعة أيام، وهرب بعض سكانها إلى المنطقة الشرقية بحثا عن "التكييف" شجوني الصيفية،.. وهناك كثيرون في بلدان عربية كثيرة سيقولون إن أهل البحرين "مدلعون" ولم يصبروا على الحر بضع ساعات، ولهم العذر في إطلاق ذلك النعت القاسي على البحرينيين، لأنهم لا يعرفون ماذا يحدث عندما تتحالف الحرارة مع الرطوبة، ولأن من لا يعرف نعمة تكييف الهواء، يحسبه ترفا ودلعا لا لزوم له!! وكما قلت بالأمس فإنني لا أطيق الحر ولا أطيق "سيرته"، بل لا أتابع نشرات الأحوال الجوية في الدول العربية في فصل الصيف لأن من يقومون بإعدادها ذوي نزعات إرهابية:
إذا أريد للشباب أن يتسلحوا لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين فمن الحكمة أن نفهم جيدا ما جاءت به الأبحاث العلمية حول ماهية وطبيعة تعلم الإنسان قبل أن نذهب بعيدا في أية إصلاحات لأنظمة التعليم الحالية في بلداننا العربية.
وهنا تحضرني مقاربة مفادها أننا جميعا نستخدم أدمغتنا في التفكير كما نستخدم معداتنا في تغذية أجسامنا معتقدين بأننا نفهم كلتا العمليتين جيدا وكأنها من المسلمات. ولكن مع الاكتشافات الجديدة والدراسات والأبحاث التي ساعدت على فهم أفضل لنظم التغذية خلال الثلاثين عاما المنصرمة، أصبحنا نختار أطعمتنا وطرق تغذيتنا بصورة أفضل ولهذا صرنا نعيش أطول ونتمتع بحياة أفضل. وعند النظر إلى الدماغ نرى هذه المقاربة مفيدة حيث تتوفر الفرص لتطوير قدرات الدماغ لأننا في وضع أحسن لفهم وظائف الدماغ التي تتكيف مع التعلم.