- استيقظ الخليل بن أحمد ذات يوم وفرك عينيه عدة مرات ، ونظر أمامه فانبهرت عيناه لما يرى ، والتفت يمنة ويسرة فأصابه شيء من الخبال ، وعاد ليفرك عينيه من جديد ويسأل نفسه :" كم لبثت " ، ولما لم يجد جواباً ، نهض من مكانه وسار على قدميه بخطوات وئيدة متثاقلة ، بثيابه الرثة البالية وجسده الناحل الهزيل وهو لا يدري إلى أين المسير .
في الوقت الذي تتبجّح فيه بعض الدول الغربية بإحترام الديموقراطية وحقوق الإنسان و عدم الإنسياق وراء المسلكيّة الأمنية في التعامل مع كثير من القضايا و في الوقت الذي تعلن فيه أنّها تختلف جملة وتفصيلا عن المنظومات السياسية والأمنية في العالم العربي , إلا أنّها وفي ممارساتها تكاد تشبه أخسّ الدول المتوحشّة في عالمنا العربي والإسلامي لجهة التعاطي مع الإنسان وأفكاره .
تعتز هذه الأمة العربية بميراثها الضخم في مجال حقوق الإنسان، فالشريعة الإسلامية قررت حقوقا للفرد وللجماعة، وللمسلم وغير المسلم، وللعبد والحر، وللذكر والأنثى، وللمولود والشاب والعجوز على حد سواء.
فمن ذلك على سبيل المثال والإيجاز:
قد يكون من حسن حظ إنسان القرن الحادي والعشرين أن يكون هناك دائما من يفضل نزع الديباجات عن الخطاب السياسي السائد وصولا إلى مضمونه الحقيقي ، ففي ظل سطوة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني لأجهزة الإعلام تختفي الحدود الفاصلة بين الشعارات والأكاذيب وبين التحليل والترويج .
مصيبتنا نحن المسلمين أننا لم نعرف الحرية التعريف الذي يليق بمقامها كما لم نحدد مفهومها تحديدا دقيقا ، نستطيع أن نعرف حقا مكان أقدامنا في دائرة الواجبات و الحقوق. فللأسف لا نزال من فرط جهالتنا كأمة استمرأت الجهالة في ثوبها الحضاري الكاذب نخلط بين ما هو طبيعي خاص بالفرد دون سواه ، لا دخل لأي مخلوق مهما كانت قيمته المادية و المعنوية ، ومهما علا كعبه ،أن يحشر بأي صفة كانت أنفه فيه.وبين ما هو حق الجميع ، الاعتداء عليه أو مجرد محاولة التشويش يفرض استنفارا ،و تدخلا فوريا و سريعا . وإلا مست المصالح بأكملها و غرقت السفينة .
حتى قبل سنوات قليلة لم أكن قط أحمل محفظة نقود، لأسباب عديدة، من بينها انني كنت أفضل حمل نقودي في جيب قميصي كي تدفئ قلبي، ولأنه حدث أكثر من مرة أن أخرجت المحفظة في محل تجاري ودفعت المبلغ المطلوب ثم تركتها في المتجر، ولكن الحياة تعقدت باسم التطور، وأصبح شخص لا يملك أكثر من ثلاثة دولارات مضطرا إلى حمل محفظة يحشر فيها مختلف البطاقات: